أبناء الشبيبة في إسرائيل - ملتصقون بالشاشات ومنقطعون عن كل شيء آخر؟ ليس بالضبط!
أبناء الشبيبة في إسرائيل – ملتصقون بالشاشات ومنقطعون عن كل شيء آخر؟ ليس بالضبط!
عنات يونا ويعلاه مزور
تبيّن نتائج بحث مؤشر الشراكة التابع لمركز أكورد، حول مواقف أبناء الشبيبة حيال التصعيد الأخير في شهر أيار الأخير، صورة مختلفة عن التصوّر السائد. فعلى سبيل المثال، لم يكن موقف أبناء الشبيبة غير مبالٍ. إذ أفاد %70 من أبناء الشبيبة بأنّ العلاقات اليهودية-العربية مهمّة بالنسبة لهم. هل يريد أبناء الشبيبة من المعلّمين أن يكفوا عن الحديث عن الموضوع؟ إطلاقًا. معظم أبناء الشبيبة في غالبية التيارات التربوية يرغبون في أن تفتح مدارسهم باب النقاش حول العلاقات اليهودية-العربية.
يشير البحث – الذي رصد مواقف أبناء الشبيبة من فئات اجتماعية مختلفة في التيارات التربوية الرئيسية الأربعة (عرب، يهود متدينون، يهود متزمّنون "حريديم"، ويهود علمانيون) – إلى أنّ أبناء الشبيبة يرغبون في مناقشة الموضوع. حيث يرى معظمهم في المعلمين والمعلمات شخصيات مؤثرة ومهمة، وكذلك أعرب أبناء الشبيبة عن رغبتهم في أن يكون للمعلمين والمعلمات وللمدرسة دورٌ في معالجة التجارب والأحداث المهمة في المجتمع في إسرائيل. مع ذلك، تشير نتائج البحث إلى أنّ ربع المدارس تقريبًا لم تتطرّق إلى التصعيد الأخير أثناء حدوثه. وأنّ الطلاب الذين انكشفوا على أعمال عنف أثارت مشاعر صعبة ومتأججة، سواء في البيئة القريبة أو عبر وسائل الإعلام، لم يستطيعوا التحدث عن ذلك مع معلميهم خلال الأزمة. وهاكم معطى آخر: يشير البحث إلى أنّ أبناء الشبيبة هؤلاء أعربوا عن مواقف ومشاعر أكثر سلبية مقارنة بسائر أبناء الشبيبة، والأمر غير مفاجئ. بالمقابل، هناك معطى آخر يبعث على التفاؤل الحذِر وقد يحمل بشائر التغيير، وهو أنّ المدارس شجّعت على التسامح والاحترام تجاه أبناء المجموعة الأخرى. وقد أفاد الطلاب بقدر أكبر من التماهي مع أبناء المجموعة الثانية والرغبة في السعي لتحسين العلاقة بين اليهود والعرب وتعزيز الحياة المشتركة. هنا يجب توخي الحذر، فمع أنّ البحث لا يدل على وجود علاقة سببية، إلا أنّ إيجاد علاقة بين الأنشطة التربوية التي تعزز التسامح والتوجهات الداعمة للشراكة هو مؤشر مشجع. يمكن للمدرسة أن تشكل عنوانًا للطلاب في مواجهتهم للواقع المستقطب الذي يعيشون فيه.
في مجتمع مليء بالشروخ كالمجتمع في إسرائيل، التزام الصمت هو موقف تربوي ذو آثار هدامة. وهنا يطرح السؤال التالي: هل خلّفت هذه الأحداث ترسّبات عاطفية ومعنوية يجب معالجتها؟ النتائج حول مشاعر الإحباط والكراهية لا تترك مجالًا للشك. يفيد أكثر من %70 من أبناء الشبيبة بمعايشتهم لمشاعر الإحباط والكراهية، وأنّ منسوب الكراهية كان مرتفعًا نسبيًا (أكثر من %40 لدى أبناء الشبيبة اليهود المتدينين و"الحريديم"). تدلّ هذه المعطيات على أنّ المدرسة يجب أن تشكّل حيزًا لمعالجة الصراعات، وأنّ على المعلمين أخذ دور فعال في تعزيز مبادئ الحياة المشتركة.
ولكن صمت المعلمين لم ينشأ من فراغ. يعتقد المعلمون أنّه يتوقع منهم السكوت. بل وقد أعربوا أيضًا عن خوفهم- من المديرين (الذين يشاركونهم مشاعر الخوف أيضًا)، ومن المنظومة الرسمية على وجه الخصوص. وإذا جرى الحديث عن معلمين في جهاز التربية والتعليم الرسمي-الديني، فهم متأكدون من أنّ المديرين ليسوا معنيين بأن تُناقش قضايا جدلية داخل الفصول المدرسية. أما المعلمون في جهاز التربية والتعليم العربي، فيخشون حتمًا من وقوف الوزارة لهم بالمرصاد بسبب تصريحات جدلية، وهم يعلمون طبعًا أنّهم لن يحظوا بأي دعم. حتى في الأوقات العادية، يشير جميع المعلمين مرارًا وتكرارًا (كما يتضح بشكل منهجي في الأبحاث) إلى افتقارهم للأدوات والمهارات المطلوبة لتناول هذه المواضيع الحساسة، وإلى عدم وجود إطار مناسب يزودهم بالأدوات بشكل بُنيوي، كجزء من تأهيلهم. برز غياب هذا الإطار في جميع مراحل التطوّر المهني للمعلمين – في مؤسسات تأهيل المعلمين، في سيرتهم المهنية وداخل المدارس، الأمر الذي ولّد مشاعر اليأس والإحباط.
ولكن هناك بشائر سارّة أيضًا. حيث يتغلغل هذا الإدراك مؤخرًا في مجلس التعليم العالي وفي وزارة التربية والتعليم. فقد صدر هذا الشهر لأول مرة منشور يَعدُ بسياسة تقضي بتعليم جميع المتدرّبين في برامج تأهيل المعلمين في إسرائيل كيفية تناول الصراعات بين المجموعات في إسرائيل، ومن ضمن ذلك الصراعات الدائرة على خلفية قومية. هذه السياسة هي بمثابة مؤشر للمعلمين بأنّه لا يتوقع منهم التزام الصمت، بل أخذ دور فعال في تربية الجيل الشاب على الحياة في مجتمع مشترك. وبما أنّ لدى جمهور المعلمين تجربة مريرة مع الرسائل المتناقضة والتصريحات التي تفتقر للميزانيات والقرارات الممنهجة، فإنّ مصداقية مثل هذه المؤشرات الصادرة عن وزارة التربية والتعليم تتطلب من الأخيرة الالتزام بتصريحاتها ورسم خارطة طريق واضحة؛ وذلك من خلال توفير الأدوات اللازمة، واستثمار الميزانيات، وتقديم الدعم الفعلي للمعلمين ليتمكنوا من تناول القضايا الحارقة بين اليهود والعرب. يتوجب على وزارة التربية والتعليم توجيه المعلمين والمدارس ليكونوا عنوانًا لجميع الطلاب في هذا المضمار. هؤلاء الطلاب هم المستقبل والأمل لأهل هذه البلاد.
*عنات يونا، قائدة المشاريع التربوية في مركز أكورد – علم النفس الاجتماعي للتغيير الاجتماعي؛ يعلاه مزور، مركّزة التربية للحياة المشتركة في جمعية سيكوي-أفق.
نُشرت المقالة على قناة مقالات الرأي التابعة لريشت 13: https://13tv.co.il/item/news/opinions/opinion-class-differnce-902770560
الترجمة من العبرية: د. ربى سمعان