سيكوي-أفق للمساواة والشراكة (ج م)

لتنزيل المنشور بتنسيق PDF

هدف البحث

على مدار عشرات السنين، انتهجت دولة إسرائيل سياسة تمييز البلدات العربيّة في مجال المواصلات العامة، من حيث تخطيط وبلورة السياسات وأيضًا من حيث تخصيص الموارد الحكوميّة لتنفيذ وتطبيق هذه السياسات. نجمت عن ذلك فجوات كبيرة من حيث حجم وجودة خدمات المواصلات العامة بين البلدات العربيّة واليهوديّة. ففي العام 2019، “تلقّى/ت المواطن/ة اليهودي/ة خدمات المواصلات العامة أكثر بـ 2.5 ضعف تقريبًا من المواطن/ة العربي/ة الذي/التي يسكن/تسكن في البلدات ذات مميّزات مشابهة”. ينصّ قرار الحكومة 922 الذي اتُخِذ في كانون الأوّل 2015 على وجوب تخصيص 40% من مجمل اضافات خدمات المواصلات العامة السنويّة، و/أو 100 مليون شيكل (الأكبر من بينهما) – للمجتمع العربي، وذلك حتى سدّ الفجوات بين البلدات اليهوديّة والعربيّة في هذا المجال. إلّا أنّ اليّة المراقبة والمتابعة الحكوميّة لتطبيق القرار لا تقارن بين البلدات اليهوديّة والعربيّة بتاتًا، بل تسلّط الضوء على المقارنة بين البلدات العربيّة وذاتها – ممّا لا يتيح إمكانيّة الفحص الحقيقي والدّقيق لمدى تحقيق أهداف القرار  واستخلاص العِبر لقرارات وخطط مستقبليّة. 

لذلك، يهدف هذا البحث إلى اقتراح اليّة لمقارنة الفجوات في خدمات المواصلات العامة بين البلدات العربيّة واليهوديّة بشكل صحيح وممنهج، ممّا يتيح المجال لاستخلاص العِبر من الخطّة الحاليّة وبلورة أدوات فعّالة للمستقبل. بناءً على ذلك، نحن نطالب الحكومة بتبنّي اليّة القياس المقترحة في هذا البحث. هذه الخطوة مهمّة جدًا، تحديدًا في هذه الفترة، إذ أنّنا في اوج مرحلة التفكير وبلورة خطّة مستقبليّة مكمّلة للخطّة 922، وهي ضروريّة لضمان سدّ الفجوات والسّعي من اجل انهاء التمييز السائد منذ سنوات طويلة والذي يعاني منه المجتمع العربي في مجال المواصلات العامة.

خلفيّة 

سياسة تخصيص الموارد للبلدات العربيّة في مجال خدمات المواصلات العامة 

على مدار عشرات السنين، كانت نسبة استثمار الحكومة في مجال المواصلات العامة في البلدات العربيّة ضئيلة جدًا. فقط في العام 2012 بدأت وزارة المواصلات بإدخال خدمات المواصلات العامة للبلدات العربيّة. خدمات المواصلات العامة التي أتيحت للبلدات العربيّة حتّى تلك الفترة كانت بالأساس تلك التي تمرّ بجانب البلدات العربيّة، كجزء من خدمات المواصلات العامة بشكل عام، ولم تكن مخصّصة لهذه البلدات تحديدًا. نجمت عن ذلك فجوات كبيرة من حيث توفير خدمات المواصلات العامة بين البلدات العربيّة وسائر البلدات في إسرائيل، ممّا أدّى إلى انقطاع فعلي للغالبيّة الساحقة من المواطنين العرب الذين يسكنون في هذه البلدات عن مراكز الخدمات، مؤسّسات التعليم العالي، ومراكز التجارة والصناعة في الدولة. هذه الحالة ألحقت ضررًا كبيراً بقدرة المجتمع العربي على التنقّل، تطوير الاقتصاد، التجارة والصناعة والخروج من دائرة الفقر. 

في كانون الأوّل 2015، تمّت المصادقة على قرار الحكومة رقم 922 للتّطوير الإقتصادي في المجتمع العربي في السنوات 2020-2016، إذ كان الهدف الرئيسي منه هو اندماج المواطنين العرب في اقتصاد الدّولة عن طريق تخصيص الميزانيّات المباشرة وتعديل جزء من الآليّات الحكوميّة المركزيّة لتخصيص الميزانيّات والموارد. في هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أنّ التعديل في الميزانيّة في مجال المواصلات العامة بدأ في القرار 2365، الذي اقرّ في العام 2014. من اجل تطبيق الخطّة، تقرّر العمل لتصحيح الخلل في آليّات التخصيص الحكوميّة والتي ميّزت ضدّ المجتمع العربي، وتحديد حصّة المجتمع العربي في الميزانيّة الشّاملة وفقًا لنسبة المواطنين العرب من مجمل مواطني الدّولة، وفي حالات معيّنة بنسبة اكبر من تلك – وذلك حتى سدّ الفجوات.

بنود القرار 922 التي تتطرّق إلى تخصيص الميزانيّات لخدمات المواصلات العامة في البلدات العربيّة، تنصّ على التّالي:

“البند 2.أ.  التقيّد بالبلاغ الصادر عن وزارة المواصلات والأمان على الطرق، والذي ستواصل الوزارة بموجبه تطبيق قرار الحكومة رقم 2365 فيما يتعلّق بتخصيص ميزانيّة %40 من مجمل إضافات خدمة المواصلات العامة، أو 100 مليون شيكل في السنة، الأكبر من بينهما، من أجل المواصلات العامة في بلدات الأقليّات، إلى أن يتساوى مستوى تغطية خدمات المواصلات.

البند 2.ب.    التقيّد بالبلاغ الصادر عن وزارة المواصلات والأمان على الطرق حول تحديد أهداف الحكومة بعيدة الأمد، بحيث تكون هناك مقارنة كاملة لمستوى خدمات المواصلات العامة بين البلدات اليهوديّة وبلدات الأقليّات المشابهة [ستنفَّذ] حتى العام 2022. وذلك، من حيث ثلاث مؤشّرات مركزيّة: وتيرة الخدمة، مستوى التغطية وعدد الوجهات”.

الأليّة المستعملة اليوم لقياس تقليص الفجوات في مجال المواصلات العامة

صورة الوضع المعروضة في اللّجنة التوجيهيّة للقرار 922 في مجال المواصلات العامة، تعكس الفروقات في مستوى الخدمة في البلدات العربيّة، وفقًا لمقارنة المؤشّرات التالية، قبل موعد اقرار الخطّة 922 (في نهاية عام 2015) وبعده (كلّ نصف سنة، ابتداءً من 2016) –

1. عدد الكيلومترات السنويّة التي تقطعها خطوط المواصلات العامة التي تخدم بلدات عربيّة (بالملايين)

2. عدد البلدات التي تعمل فيها خدمات المواصلات العامة

3. معدّل عدد المحطّات لكلّ ألف فرد.

4. عدد الكيلومترات الأسبوعيّة التي تقطعها خطوط المواصلات العامة التي تخدم بلدات عربيّة

5. معدّل عدد محطّات الهدف المختلفة خارج البلدة. 

تظهر هذه المقارنة أنّ هناك تحسّنًا في عدد الخطوط الداخلة إلى البلدات العربيّة، وانّ هناك ارتفاعًا في عدد مستخدمي المواصلات العامة في المجتمع العربي. لذلك، أشارت وزارة المواصلات في تقرير اللّجنة التوجيهيّة الوزاريّة إلى أنّ “نسبة إنجاز الوزارة تعادل %78 من المؤشّرات التي وضعتها لنفسها حتى عام 2020”. مع ذلك، قرار الحكومة يعرّف هذه المؤشّرات وكيفيّة فحص مستوى الخدمة في بلدات المجتمع العربي ك”مقارنة كاملة لمستوى خدمات المواصلات العامة بين البلدات اليهوديّة وبلدات الأقليّات المشابهة […] وذلك، من حيث ثلاث مؤشّرات مركزيّة: وتيرة الخدمة، مستوى التغطية وعدد الوجهات“. 

يتّضح من هنا أنّ المتابعة الحكوميّة التي تجريها اللّجنة التّوجيهيّة لتطبيق القرار 922 لا تأخذ بالاعتباراليّة المقارنة التي تم تحديدها في قرار الحكومة 922، والتي بموجبها يجب قياس الفجوة والخطوات المطلوبة لسدّها بين البلدات العربيّة واليهوديّة في مجال المواصلات العامّة. إضافةً لذلك، تستند المعايير على فخص للكمّ وليس لجودة ومستوى الخدمة وفقًا للمعطيات التي تنشرها وزارة المواصلات وتعلن عنها للجمهور. في ظل غياب مقارنة جوهريّة بين مستوى وجودة خدمات المواصلات العامّة في البلدات اليهوديّة والبلدات العربيّة، فإنّ اليّة قياس الفجوات التي تتّبعها وزارة المواصلات اليوم تؤدي الى استمرار انتهاج سياسات تعمّق من الفجوات وتزيد من العراقيل التي تواجه العمل من أجل تحسين خدمات المواصلات العامة في البلدات العربية. وبالنّتيجة – سيستمرّ التمييز بين المواطنين العرب واليهود في الدولة، بما يحمل من تبعيّات واسقاطات. 

النموذج المقترح لتغيير آليّة القياس

من أجل إجراء قياس شامل ومهني لمدى سدّ الفجوات في مجال المواصلات العامة، يجب أن نأخذ بالاعتبار على أقلّ حدّ المعايير والمؤشّرات المفصّلة في هذا الملف، وفحصها من خلال إجراء مقارنة بين البلدات العربيّة والبلدات اليهوديّة المتطابقة من حيث عدّة معايير، وذلك لإحداث تغيير جوهري وذي قيمة من أجل توفير خدمات مواصلات عامة متاحة وعالية الجودة للمواطنين العرب في إسرائيل. على ضوء ذلك، بناءً على ذلك، يهدف هذا البحث إلى اقتراح نموذج بديل يتلاءَم مع طريقة القياس الحاليّة، ممّا يتيح المجال للاستمرار في تخطيط وتطبيق السياسة المطلوبة لسدّ الفجوات في مجال المواصلات العامة. من أجل بلورة النموذج، فحص البحث مستوى الخدمة الداخليّة والخارجيّة، وإتاحة خدمات المواصلات العامة للسكان في بلدات عربيّة مختارة، بالمقارنة مع مستوى الخدمة في بلدات يهوديّة (مشابهة).  في هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أن المقارنة مع مستودى الخدمة في بلدة يهوديّة مشابهة من حيث حجمها قد أجريت لغرض فحص مستوى الخدمة في البلدة العربيّة وفقًا لتعريفات القرار 922 في مجال المواصلات العامة. هذه المقارنة غير ناتجة عن الافتراض بأنّ مستوى خدمات المواصلات العامة في البلدة اليهوديّة عالٍ من حيث توفّر، وتيرة ومصداقيّة الخدمة القائمة، وملائم لاحتياجات السكان. لذلك، لا يجب الاستنتاج من ذلك أنّ مستوى الخدمة في البلدات اليهوديّة عالٍ وملاءَم للاحتياجات، وفقًا للمعايير والمؤشّرات التي تمّ فحصها.

كما وتجدر الإشارة إلى أنّ ملف التعليمات الصادر عن وزارة المواصلات لتخطيط وتشغيل خدمات المواصلات العامة في الباصات يحتوي على تعليمات ومؤشّرات لفحص مستوى الخدمة، ويحدّد معيارًا للخدمة الأساسيّة المطلوبة، بما في ذلك مركّب إتاحة المواصلات العامة، أداء الخطوط ومصداقيّة الخدمة. مناقصات تشغيل خدمات المواصلات العامة، والتي تنشرها السلطة القطريّة للمواصلات العامة، تحدّد متطلّبات الحدّ الأدنى الواجب توفّرها من مشغّلي المواصلات العامة في كلّ ما يتعلّق بمستوى الخدمة وتشغيل خطوط الباصات.  كما وتجدر الإشارة إلى أنّ التعليمات والمؤشّرات التي وضعتها وزارة المواصلات لفحص مستوى الخدمة هي مؤشّرات كميّة ولا تتطرّق إلى المؤشّرات النوعيّة التي تفحص جودة خدمة المواصلات و/أو مدى ملاءمتها لاحتياجات مستخدمي المواصلات العامة.

النتائج

تشير النتائج في كلّ مقارنة من المقارنات التي أجريت إلى أنّ مستوى خدمات المواصلات العامة في البلدات العربيّة ما زال أدنى من المستوى في البلدات اليهوديّة بشكل عام. هذه النتائج متوافقة وتتماشى مع تقرير مراقب الدولة الذي نُشر في آذار 2019 حول موضوع المواصلات العامة في البلدات العربيّة، والذي يشير إلى أنّه في عام 2017، تقلّى السكان العرب في إسرائيل خدمات المواصلات العامة بمستوى أدنى من السكان اليهود. كما ويشير التقرير إلى أنّ عدد السفريات في الأسبوع ومعدّل عدد الوجهات خارج البلدة هو أكبر بـ 1.5 صعف لدى السكان اليهود، في حين أنّ معدّل عدد الخطوط التي تخدم البلدات التي تمّ فحصها أعلى بـ 2.5 ضعف في المجتمع اليهودي مقارنةً مع البلدات العربيّة. مع ذلك، فإنّ فحص المؤشّرات المختلفة في هذا البحث، في مجال الخدمة الداخليّة، الخارجيّة ومدى إتاحة الخدمة، يشير إلى وجود فجوات كبيرة في بعض المؤشرات، وفجوات أصغر نسبيًا في البعض الآخر، ممّا يدلّ على  سيرورة تحسّن معيّن في بعض المجالات.

  1. مقارنة مستوى خدمات المواصلات العامة الداخليّة في البلدات العربيّة واليهوديّة

تشير نتائج فحص مستوى خدمات المواصلات الداخلية إلى وجود فجوات كبيرة بين ازواج البلدات التي تمّ فحصها، من حيث عدد الخطوط الداخليّة وأيضًا من حيث وتيرة سفرها (انظروا الجدول 3). تبيّن أنّ هناك فجوات كبيرة بين طمرة وصفد، التي عدد الخطوط العاملة فيها أكبر بـ 13 ضعفًا بالمقارنة مع طمرة، وبوتيرة أكبر بـ 7.5 ضعف بالمقارنة مع وتيرة السفر اليوميّة في طمرة. عدد الخطوط الداخليّة في العفولة أكبر بـ 4 أضعاف بالمقارنة مع أم الفحم، ووتيرة عملها أكبر بـ 3.5 ضعف بالمقارنة مع وتيرة الخدمة في أم الفحم. في عرعرة، لا توجد خدمة مواصلات داخليّة بتاتًا. بينما في مجدال هعيمك، تعمل 9 خطوط داخليّة. في باقة الغربيّة، التي يبلغ عدد سكانها نحو 30 ألف نسمة، يعمل خطّ داخلي واحد في مسار سفر مشترك مع بلدة جت (التي يبلغ عدد سكانها نحو 11.6 ألف نسمة)، بينما في جديرا التي يبلغ عدد سكانها نحو 27 ألف نسمة تعمل 3 خطوط داخليّة. 

مع ذلك، عند فحص وتيرة السفر، تبيّن أنّ وتيرة الخدمة الداخليّة في باقة الغربيّة، والتي تعمل في بلدة جت المجاورة أيضًا، أعلى بقليل من وتيرة الخدمة في جديرا. عند فحص البلدات الأصغر، والتي يتراوح عدد سكانها بين 10 إلى 20 ألف نسمة، وتشغيل خدمة المواصلات العامة الداخليّة بالنسبة لها هو أمر اختياري، تبيّن أنّه في أور عكيفا وفي بيت شان تعمل 4 خطوط داخليّة وخطّان داخليّان تباعًا. بالمقابل، في كابول وإكسال، لا توجد خدمة مواصلات داخليّة بتاتًا.

 

  1. مقارنة مستوى خدمات المواصلات العامة الخارجيّة في البلدات العربيّة واليهوديّة

فيما يتعلّق بمستوى خدمة المواصلات الخارجيّة، تشير نتائج المقارنة التي أجريت على أزواج البلدات إلى وجود فجوات كبيرة في بعض المؤشّرات، إلى جانب وجود تحسّن في مؤشّرات أخرى (انظروا جدول 4). عند فحص عدد خطوط المواصلات الخارجيّة، تبيّن أنّ هناك فجوات كبيرة في غالبيّة أزواج البلدات التي تمّت مقارنتها، بيد ان نتائج مقارنة المؤشّر أعلاه بين طمرة وصفد؛ وعرعرة ومجدال هعيمك؛ اظهرت وجود فجوات أصغر نسبيًا. في هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أنّه في طمرة وعرعرة، جزء كبير من الخطوط الخارجيّة لا يدخل إلى البلدات بل يتوقّف في محطّة/ات على الشارع الرئيسي الذي يتقاطع ومداخل هذه البلدات. كما وتبيّن أنّ نصف خطوط المواصلات الخارجيّة التي تخدم سكان طمرة، تتوقّف فقط في المحطّة الواقعة على شارع 70 في مدخل المدينة (16 من بين 31 خطًا خارجيًا). في عرعرة، %7 من خطوط المواصلات الخارجيّة تتوقّف فقط في المحطّة الواقعة في مدخل المدينة (من بين 20 خطًا خارجيًا يعملون في عرعرة). لو افترضنا أنّه في البلدات العربيّة التي تمّ فحصها (وفي بلدات عربيّة عديدة أخرى)، بُعد المحطة عن مدخل المدينة هو أكثر من كيلومتر واحد، فإنّ خدمة المواصلات العامة تكون أقلّ إتاحة للسكان في هذه البلدات. إضافة لذلك، إن لم تتوفّر خدمة مواصلات للمحطة البعيدة الواقعة على مدخل البلدة، والتي تعمل بوتيرة كافية، فإنّ إتاحة هذه الخطوط للسكان ستكون أقلّ، وبالتالي سيقلّ مستوى استخدام هذه الخطوط أيضًا. 

فحص عدد الوجهات (وجهات السّفر) خارج البلدات: في هذا السياق تشير المقارنات بين أم الفحم-العفولة، إكسال-أور عكيفا، باقة الغربيّة-جديرا، إلى أنّ عدد الوجهات التي يمكن الوصول إليها من البلدات العربيّة أقلّ بكثير بالمقارنة مع البلدات اليهوديّة. مع ذلك، نتائج المقارنة بين كابول-بيت شان، عرعرة-مجدال هعيمك، وطمرة-صفد، تشير إلى وجود فجوات أصغر بالمقارنة مع الفجوات الكبيرة المذكورة أعلاه.   

عند فحص وتيرة سفر خطوط المواصلات الخارجيّة، من خلال مقارنة كلّ أزواج البلدات التي أجريت، تبيّن أنّ خطوط المواصلات الخارجيّة في البلدات اليهوديّة تعمل بوتيرة أكبر بكثير بالمقارنة مع تلك التي تعمل في البلدات العربيّة. مع ذلك، نتائج المقارنة بين طمرة وصفد تشير إلى وجود فجوات صغيرة نسبيًا، ممّا يدلّ على تحسّن من حيث سدّ الفجوات. يمكن نسب هذا التحسّن في خدمة المواصلات العامة الخارجيّة في طمرة إلى عمل مسؤول المواصلات العامة، والذي سنتطرّق إليه بتوسّع في فصل التوصيات.  في هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أنّ بحث جمعيّة سيكوي الذي فحص الفجوات في خدمات المواصلات العامة بين بعض البلدات العربيّة واليهوديّة عام 2012، أظهر أنّ هناك فجوات كبيرة جدًا في عدد خطوط المواصلات الخارجيّة وفي وتيرة سفرها. بالمقارنة مع نتائج هذا البحث، يتبيّن أنّه ما زالت هناك فجوات كبيرة يجب التعامل معها بطريقة مختلفة وأكثر ملاءَمةً، وذلك لإيجاد حلّ حقيقي للمشكلة



مدى إتاحة خدمات المواصلات العامة فعليًا في الباصات
تأثير مستوى البنى التحتيّة المتدنّي الذي تتميّز به البلدات العربيّة كبير بالأخصّ فيما يتعلّق بالمعدّل المنخفض لعدد محطات التوقّف لكلّ ألف نسمة في البلدات العربيّة، بالمقارنة مع البلدات اليهوديّة التي تمّ فحصها (انظروا جدول 5). عند فحص نسبة السكان الذي يسكنون على مسافة 250 متر مشيًا على الأقدام عن محطّة الباص، تبيّن من غالبيّة المقارنات أنّ مستوى الإتاحة في البلدات العربيّة أقلّ بكثير بالمقارنة مع البلدات اليهوديّة. من خلال المقارنة بين طمرة وصفد وبين باقة الغربيّة وجديرا، تبيّن أنّ هناك فجوات صغيرة نسبيًا في نسبة السكان مع إتاحة فعليّة للمواصلات العامة. 

  1. توصيات من أجل تقليص الفجوات وتحسين خدمات المواصلات العامة في البلدات العربيّة 

على ضوء النتائج المعروضة في الفصل السابق، يمكن القول إنّ مستوى خدمة المواصلات العامة في البلدات العربيّة التي تمّ فحصها – المواصلات الداخليّة أو الخارجيّة على حدّ سواء، يتميّز بتوفّر ووتيرة خدمة منخفضة، عدد صغير من وجهات السفر ومستوى تغطية مواصلات غير كافٍ. يؤثّر ذلك سلبًا على قدرة المجتمع العربي على الاندماج في سوق العمل، في مؤسسات التعليم العالي، الوصول إلى مراكز الخدمات الضروريّة التي تتواجد غالبيّتها في البلدات اليهوديّة المجاورة، وما إلى ذلك. يشير تقرير مراقب الدولة الذي نُشِر في آذار 2019 إلى أهميّة الموضوع: “توفير خدمات المواصلات العامة بالمستوى الملائم هو عامل ضروري لاستنفاذ الإمكانيّات الكامنة لدى السكان العرب في إسرائيل”. نستنتج من ذلك أنّ عدم وجود منظومة مواصلات عامة ناجعة وملائمة لاحتياجات السكان هو عائق جوهري أمام التطوير الاقتصادي، النهوض بالتشغيل، الصناعة والتجارة، وتحسين مدى الإتاحة للخدمات الاجتماعيّة والبلديّة في البلدات العربيّة. 

في السنوات الأخيرة، نشهد تحسّنًا في تقديم خدمات المواصلات العامة للبلدات العربيّة، من حيث ازدياد عدد خطوط المواصلات العامة التي تخدم البلدات العربيّة، وأيضًا من حيث ازدياد عدد المسافرين العرب في المواصلات العامة. تستثمر الحكومة موارد وميزانيّات أكبر من السابق من أجل تطوير المواصلات العامة في البلدات العربيّة، إلا أنّ هذه الموارد ما زالت غير كافية، بما في ذلك بسبب الفجوات الهائلة الموجودة بين السلطات اليهوديّة والعربيّة. إضافة لذلك، تخصيص الموارد فقط لا يلبّي بشكل كامل احتياجات السكان من حيث تقديم خدمات موثوقة وعالية الجودة. لذلك، يجب معرفة احتياجات السكان ومميّزات البلدات العربيّة بشكل أعمق، وملاءمة تخطيط خدمات المواصلات لهذه المميّزات. لذلك، مستوى الخدمة في البلدات العربيّة ما زال بعيدًا عن مستوى الخدمة في سائر البلدات في البلاد. في هذا السياق، نستنتج من خبرتنا أنّ السياسة والتخطيط الحكومي الذي تمّ بلورته بدون مشاركة أو تمثيل من طرف المجتمع العربي يواجه عوائقاً مختلفة تحدّ من القدرة على تطبيقهم بسبب عدم ملائمتهم لمميّزات واحتياجات البلدات العربيّة والسكان العرب.  مشاركة واستشارة الجهات الممثّلة والمهنيّة في المجتمع العربي – السكان، السلطات المحليّة، لجنة المواصلات في لجنة رؤساء السلطات العربيّة، والمختصّين في هذا المجال – هي عامل مهمّ وضروري من أجل تحديد وتطبيق سياسة سدّ الفجوات في مجال المواصلات العامة على أكمل وجه، وهي حقّ أساسي للمواطنين العرب في إسرائيل. فيما يلي تطرّق جمعيّة سيكوي إلى مستوى خدمات المواصلات العامة المتدنّي في البلدات العربيّة – مسببّاته، وتوصيات لتحسين مستوى الخدمة وزيادة الإتاحة وإمكانيّة تنقّل المواطنين العرب إلى مراكز العمل، التجارة، التعليم العالي، الثقافة والترفيه. يستند هذا التطرّق إلى عمل جمعيّة سيكون في السنوات الأخيرة مع السلطات المحليّة العربيّة، وزارة المواصلات وجهات ذات صلة، ووزارة الماليّة من أجل تطوير منظومة وخدمات المواصلات العامة في البلدات العربيّة بهدف سدّ الفجوات الاجتماعيّة والاقتصاديّة بين المجتمع اليهودي والمجتمع العربي في إسرائيل.  

  1. تغيير طريقة القياس من أجل فحص إمكانيّة تقليص الفجوات في مجال المواصلات العامة
    كما ذكرنا، فإنّ المتابعة الحكوميّة التي تجريها اللّجنة التّوجيهيّة لتطبيق القرار 922 لا تأخذ بالاعتبار اليّة المقارنة المحدّدة في قرار الحكومة 922، والتي بموجبها يجب قياس الفجوة والخطوات المطلوبة لسدّها بين البلدات العربيّة واليهوديّة في مجال المواصلات العامّة. الفحص الذي تعرضه اللجنة يمكن أن يشير إلى تحسّن معيّن في وضع المواصلات العامة في البلدات العربيّة، لكن لا يمكن من خلاله استخلاص العِبر بشأن مدى سدّ الفجوات بين البلدات العربيّة واليهوديّة. لقياس سدّ هذه الفجوات، يجب إجراء الفحص وفقًا للمعايير التي تمّ وضعها في قرار الحكومة 922. بهذا الشكل فقط يمكن إحداث تغيير جوهري وذي قيمة، يساهم في التقليل من التمييز وفي توفير خدمات مواصلات عامة موثوقة وعالية الجودة للمواطنين العرب في إسرائيل. على ضوء المذكور، نوصي بما يلي:تبنّي اللّجنة التّوجيهيّة الحكوميّة لطريقة الفحص المعروضة في هذا الملف، وتطبيقها على كافّة البلدات العربيّة من أجل إجراء قياس كمّي للفجوة الحاليّة بين البلدات العربيّة واليهوديّة في مجال المواصلات العامة. وفقًا لصورة وضع الفجوات التي يتمّ التوصّل إليها، يجب ملاءَمة كيفيّة تخصيص الموارد، واتّخاذ القرار بشأن الاستمرار في تخصيصيها بشكل متساوٍ ومصحّح بنسبة %40 على الأقلّ من مجمل إضافات الخدمة في المواصلات العامة و/أو تخصيص 100 مليون شيكل في السنة، الأكبر من بينهما، لفترة زمنيّة واقعيّة يمكن فيها سدّ هذه الفجوات. 

جمع المعلومات والوقوف على احتياجات المجتمع العربي في مجال المواصلات العامة

من معرفتنا وعملنا في البلدات العربيّة، يمكن القول بشكل عام إنّ وزارة المواصلات ليست على دراية كافية باحتياجات المجتمع العربي في مجال المواصلات العامة، وذلك يمسّ بمستوى وجودة خدمات المواصلات في البلدات العربيّة ويؤدّي في الكثير من الأحيان إلى وجود ظواهر غير مرغوب فيها مثل خطوط مواصلات خالية من الركاب في البلدات العربيّة – بما في ذلك الخطوط الداخليّة والخارجيّة. كما وأنّ وزارة المواصلات ليست على دراية كافية بوجهات السفر المتنوّعة خارج البلدات العربيّة، وتيرة السفر، والطلب عليها. ينعكس ذلك من خلال توفير خدمات جزئيّة أو ناقصة كما تبيّن في هذا البحث (فصل 6 – ملخّص النتائج). بالتالي، من أجل تطوير وتحسين خدمات المواصلات العامة في البلدات العربيّة، يجب معرفة الشروط والاحتياجات القائمة بشكل معمّق، وذلك من خلال استطلاعات الاحتياجات و/أو مشاركة الجمهور مع السكان، السلطات المحليّة، لجنة المواصلات في لجنة رؤساء السلطات العربيّة والمختصّين. المعرفة المحليّة تمكّن السلطة المحليّة ووزارة المواصلات من فهم كافة التفاصيل المتعلقة باحتياجات السكان – وجهات السفر في البلدة وخارجها، أوقات العمل والوتيرة المرغوب فيها – وذلك من أجل تحسين خدمات المواصلات العامة التي تعمل اليوم في البلدات العربيّة.  

لذلك نوصي وزارة المواصلات بالتعاون مع السلطات المحليّة العربيّة من أجل جمع المعلومات وترسيخ المعرفة المحليّة من خلال “مسؤول المواصلات العامة” في البلدات العربيّة، لغرض بلورة حلول لتشغيل خدمات مواصلات عامة ناجعة وعالية الجودة.


إشغال
وظيفة “مسؤول المواصلات العامة في السلطة المحليّة” في جميع السلطات المحليّة العربيّة

على ضوء مستوى خدمات المواصلات العامة المتدنّي في البلدات العربيّة، فإنّ دراسة وجمع الاحتياجات من المواطنين هو جزء مركزي وجوهري في سيرورة العمل من أجل تحسين منظومة المواصلات العامة، في الباصات وفي منظومة القطارات على حدّ سواء. لذلك، فإنّ لهذه الوظيفة أهميّة كبيرة لأنّ من يشغلها سيكون حلقة الوصل بين السلطة المحليّة ووزارة المواصلات، وسيكون مسؤولًا عن جمع وترسيخ المعرفة المحليّة وبلورة الحلول من أجل تشغيل خدمات مواصلات عامة ناجعة وعالية الجودة. إضافة لذلك، فإنّ خبرتنا في التعامل مع الوزارات الحكوميّة المختلفة وعملنا في البلدات العربيّة تؤكّد أنّ السلطة المحليّة الملمّة باحتياجات سكانها وعلى علاقة دائمة مع وزارة المواصلات، ستنجح في تطوير وتحسين خدمات المواصلات العامة في منطقتها بشكل اكبر. مثل على ذلك هو عمل “مسؤول المواصلات العامة” في طمرة في السنتين الأخيرتين، والذي نجح بمرافقة من جمعيّة سيكوي بتحسين مستوى الخدمة في المدينة من أجل رفاه سكانها. التأثير الإيجابي لعمل المسؤول على مستوى الخدمة في طمرة يبرز في هذا البحث أيضًا، كما عرض في فصل ملخّص النتائج. بالإضافة، وعلى ضوء النقص في المصادر المنتِجة للمدخولات في السلطات المحليّة العربيّة، والتي تحدّ من قدرة السلطة المحليّة على تطوير تطوير المجال وتشغيل موظّفين خصّيصًا لهذا الغرض، تساعد هذه الوظيفة على تمكين وتعزيز السلطات المحليّة بالقوى البشرية المهنيّة. لذلك، نوصي بما يلي –  

تبنّي وتمويل نموذج “مسؤول المواصلات العامة” الإقليمي
النموذج المحدّث الذي نُشر للسلطات المحليّة في آذار 2019، يخصّص ميزانيّة للوظائف في 17 سلطة محليّة من بين 85 سلطة عربيّة في إسرائيل. بالإضافة، يحدّد النموذج كيفيّة تخصيص الملكات (תקנים)، بحيث يتمّ تخصيص ملكة الوظيفة الكاملة للسلطات المحليّة التي يتجاوز عدد سكانها 50 ألف نسمة؛ ويتمّ تخصيص ملكة نصف الوظيفة للسلطات العربيّة التي يتراوح عدد سكانها بين 10 إلى 20 ألف نسمة.

بما أنّ هذا النموذج لا يلبّي احتياجات السلطات المحليّة الصغيرة التي عدد سكانها أقلّ من 20 ألف نسمة، قامت جمعيّة سيكوي ببلورة نموذج عمل يقسّم البلدات الصغيرة إلى عناقيد سلطات محليّة، بحيث يكون كلّ عنقود عبارة عن “منطقة إقليميّة لخدمة المواصلات”. يهدف النموذج المقترح إلى تلبية الاحتياجات في مجال المواصلات العامة في البلدات العربيّة، وإلى تعزيز التعاون في هذا المجال من أجل تحسين خدمات المواصلات العامة لصالح السكان على المستوى الإقليمي، وزيادة الإتاحة واستخدامهم للمواصلات العامة. لذلك، نوصي وزارة المواصلات ووزارة الماليّة بدراسة النموذج المقترح، وبالتالي بلورة تخصيص الملكات ممّا يتيح الإمكانيّة لتحسين خدمات المواصلات العامة في السلطات المحليّة الصغيرة أيضًا، ومن وجهة نظر إقليميّة واسعة.

تمديد سريان تخصيص الميزانيّة لملكة “مسؤول المواصلات العامة” إلى ما بعد عام 2020
في البيانات التي أرسلتها وزارة المواصلات إلى السلطات المحليّة العربيّة في شباط 2019 حول موضوع المخطط المجدّد، أشير إلى أنّ تمويل الوظيفة سيستمرّ طيلة سنوات الخطة الخماسيّة 922، أيّ حتى نهاية العام 2020. بالرّغم من ذلك، نصّ قرار الحكومة 922 يشير بشكل واضح الى أنّ سريان تخصيص الميزانيّات بشكل متساوٍ للبلدات العربيّة في مجال خدمات المواصلات العامة سيكون حتى سدّ الفجوة القائمة في هذا المجال، وليس حتى نهاية العام 2020. إضافة لذلك، يحدّد القرار هدف للتّنفيذ (יעד ביצוע) سيتمّ بموجبه سدّ الفجوة حتى العام 2022، ومن هنا ينبع أنّ التخصيص المتساوي يجب أن يستمرّ على الأقلّ حتى العام 2022، في حال تمّ تحقيق الهدف الحكومي حتى هذا العام. 

بما أنّ الفجوة في خدمات المواصلات العامة بين البلدات العربيّة وسائر البلدات ليس من المتوقّع أن تُسدّ حتى نهاية العام 2020، وبما أنّ ملكة الوظيفة غير مموّلة وفقًا للقرار 922، نوصي وزارة المواصلات ووزارة الماليّة بعدم تحديد فترة تخصيص ميزانيّة الوزارة وتمديد الموعد إلى ما بعد العام 2020. وذلك من أجل مَنح فرصة حقيقيّة لعمل المسؤول في السلطات المحليّة ولنموذج العمل المقترح. 

زيادة الأجر المقترح وفقًا للمقوّمات المهنيّة المطلوبة.
الأجر المقترح لملكة الوظيفة منخفض نسبيًا، ولا يجذب قوى عاملة نوعيّة لشغل الوظيفة، وذلك بخلاف متطلبات الوظيفة والعمل واسع النطاق الملقى على المسؤولين من حيث السكان، السلطة المحليّة ووزارة المواصلات. لذلك، نوصي وزارة المواصلات ووزارة الماليّة بزيادة الأجر المقترح للوظيفة وفقًا للمقوّمات المهنيّة المطلوبة، بحيث يمكن جذب قوى عاملة نوعيّة للسلطات المحليّة التي تواجه صعوبة في تجنيد الأشخاص الملائمين لشَغل هذه الوظائف.

تطوير تخطيط وتشغيل المواصلات العامة البلديّة (الداخليّة) في البلدات العربيّة

أظهرت نتائج البحث أنّ هناك فجوات كبيرة في مستوى الخدمة البلديّة عند مقارنة أزواج البلدات، سواءً من حيث عدد الخطوط الناقصة في البلدات العربيّة ومن حيث وتيرة سفرها أيضًا (انظروا الفصل 6). إضافة لذلك، في ستّ بلدات عربيّة في إسرائيل، والتي عدد سكانها يتجاوز 20 ألف نسمة – لم توجد خدمة مواصلات عامة داخليّة بتاتًا، حتى موعد كتابة هذا البحث. في البلدات التي تعمل فيها خدمة مواصلات داخليّة، تتميّز هذه الخدمة غالبًا بمسار سفر يمرّ بالأساس في الشوارع التجاريّة الرئيسيّة في المدينة، دون الدخول إلى قلب الأحياء المختلفة. 

إن لم تتوفّر إمكانيّة استخدام المواصلات العامة للوصول من مكان السكن إلى “مراكز النشاط” (מוקדי משיכה) البلديّة (محالق الشعر، البنوك، العيادات، الصيدليات وما إلى ذلك)، وإلى المحطات التي يمكن منها استخدام المواصلات العامة الخارجيّة، فعلى الأرجح أن تستمرّ حركة المركبات الخصوصيّة كأداة التنقّل الاساسيّة في المدينة. هذه الحركة لا تثقل على الطرق المحليّة فحسب، بل تؤدّي إلى ازدياد الازدحامات المروريّة في مداخل المدن والبلدات العربيّة وفي الطرق الإقليميّة. لذلك، نوصي وزارة المواصلات والسلطات المحليّة بالعمل من أجل تطوير تخطيط وتشغيل خدمات المواصلات العامة الداخليّة، وذلك من خلال التعرّف بشكل معمّق على الظروف الفعليّة وعلى احتياجات السكان

في هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أنّه في غالبيّة البلدات العربيّة، البنى التحتيّة الهشّة القائمة، إلى جانب الشوارع الضيّقة التي تتميّز بها مراكز البلدات العربيّة، وعدم تواجد مناطق مخصّصة لتحميل وإنزال الركاب أو مطبّات – جميعها تمنع إدخال خدمات المواصلات العامة إلى البلدة. إضافة لذلك، فإنّ مستوى البنى التحتيّة الرديء والاكتظاظ الكبير، بالأخصّ في الأحياء القديمة، يصعّب وفي غالبيّة الأحيان يمنع إتاحة المحطات وبناء مناطق مخصّصة لتحميل وإنزال الركاب، وفقًا لتعليمات وزارة المواصلات. لذلك، بما أنّ تطوير البنى التحتيّة للمواصلات في البلدات العربيّة هو عمليّة متواصلة وقد تستغرق عدّة سنوات، وبما أنّ لتواجد محطة الباص على مسافة مشي معقولة تأثير كبير على مستوى استخدام المواصلات العامة، هناك حاجة لبلورة حلول خلّاقة تتيح المجال لتشغيل خدمات المواصلات العامة عالية الجودة فورًا. لذلك، نوصي بما يلي –  

    1. يجب على السلطات المحليّة أن تعمل من أجل وضع مخطط للمواصلات العامة “للمرحلة الانتقاليّة”، يشمل تخطيط مسارات الخطوط بالاعتماد على الطرق القائمة في البلدات والتي عرضها 6.5 متر على الأقلّ ويمكن مرور المركبات الصغيرة فيها – مينيبوس و/أو ترانزيت/ سيّارة تاكسي خدمة. وذلك تحت إشراف وإدارة مسؤول المواصلات العامة وبمرافقة من وزارة المواصلات.
    2. يجب على وزارة المواصلات أن توجّه الشركات المخططة/المشغّلة للنظر في إمكانيّة تشغيل المواصلات العامة في البلدات العربيّة في الطرق القائمة ومن خلال مركبات صغيرة. تشغيل المواصلات العامة من خلال هذه الوسائل سيتيح الإمكانيّة لتشغيل الخدمة في ضواحي البلدات العربيّة و/أو تشغيل خدمة بلديّة داخليّة مرنة (بحسب الطلب) في أماكن معيّنة وفقًا للحاجة.تخطيط محطات توقّف للمواصلات العامة على مسافة مشي معقولة، كجزء من تشغيل المواصلات العامة الداخليّة من خلال مركبات صغيرة. تشغيل المواصلات العامة في الأحياء المكتظّة في البلدات العربيّة من خلال مركبات صغيرة مثل تاكسي الخدمة أو المينيبوسات، سيتيح الإمكانيّة للتغلّب على عائق البنى التحتيّة، فوفقًا لتعليمات وزارة المواصلات، هذه الوسائل ليست ملزَمة بالتوقّف في محطّات التوقّف المنظّمة. وذلك إلى أن يرتفع مستوى البنى التحتيّة بشكل ملحوظ في البلدات العربيّة ويصبح بالإمكان بناء محطات توقّف متاحة، على الأقلّ بنفس مستوى المحطّات المتوفّرة في البلدات اليهوديّة.

إعداد خطة شموليّة للمواصلات العامة في البلدات العربيّة
تباعًا لتوصيات البند السابق، فإنّ تخطيط وتشغيل المواصلات العامة وفقًا لحالة الطرق القائمة في البلدات سيتيح المجال لتوسيع تغطية خدمة المواصلات، بحيث يتمكّن المزيد من السكان من استخدام المواصلات العامة على مسافة مشي معقولة. لكن مع ذلك، على ضوء مستوى البنى التحتيّة المتدنّي الذي تتميّز به غالبيّة البلدات العربيّة في إسرائيل، لن تتمكّن هذه الخطة من تلبية احتياجات كلّ السكان وتشغيل المواصلات العامة في كلّ الأحياء في البلدة. لذلك، هناك أهميّة كبيرة للنهوض في نفس الوقت بخطة شموليّة خاضعة للتشريع في مجال المواصلات العامة في البلدة، والتي تخدم كلّ الأحياء، ومنها يمكن تخطيط، تفضيل، تخصيص ميزانيّة وتنفيذ أعمال البنى التحتيّة المطلوبة للتطوير من أجل تشغيل منظومة مواصلات عامة عالية الجودة في كلّ البلدة.

في هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أنّ مخططات المواصلات العامة في البلدات العربيّة، إن وجدت، هي عمليًا مخططات لتطوير البنى التحتية للمواصلات، والتي تشمل غالبًا عددًا صغيرًا من الشوارع، والتي من خلال تطويرها ستتاح إمكانيّة مرور المواصلات العامة إلى حيّ/أحياء معيّن/ة. غالبيّة البلدات العربيّة تنتقص إلى خطة شموليّة في مجال المواصلات العامة، والتي تأخذ بالحسبان المراكز البلديّة وتلبّي احتياجات سكان البلدة. ورد هذا الموضوع أيضًا في تقرير مراقب الدولة حول موضوع المواصلات العامة في البلدات العربيّة، والذي نُشر في آذار 2019، وجاء فيه ما يلي: “على ضوء الفجوات الموجودة بين السكان غير اليهود والسكان اليهود في مجال خدمات المواصلات العامة، ومع الأخذ بالاعتبار الهدف الذي وضعته الحكومة لسدّ الفجوات بشكل كامل حتى العام 2022، يتوجّب على وزارة المواصلات، بالتعاون مع قسم الميزانيّات، إعداد خطة متعدّدة السنوات تمكّنهم من تحديد الهدف وإكمال خطة الأساس بأسرع ما يكون لتطوير البنى التحتيّة للمواصلات والمواصلات العامة وخدمات المواصلات العامة في البلدات غير اليهوديّة”. لذلك، نوصي وزارة المواصلات والسلطات المحليّة العربيّة بالعمل من أجل إعداد خطّة شموليّة للمواصلات العامة في جميع البلدات العربيّة، ممّا يتيح المجال لتخطيط، تفضيل، تخصيص الميزانيّة للبنى التحتيّة المطلوبة لتطوير المواصلات من أجل تشغيل منظومة مواصلات عامة عالية الجودة لرفاه السكان.   

فيما يلي ملخّص التوصيات

نوصي اللّجنة التّوجيهيّة الحكوميّة بتبنّي اليّة الفحص المعروضة في هذا الملف، وتطبيقها على كافّة البلدات العربيّة من أجل إجراء قياس كمّي للفجوة الحاليّة بين البلدات العربيّة واليهوديّة في مجال المواصلات العامة. وفقًا لصورة وضع الفجوات التي يتمّ التوصّل إليها، يجب ملاءَمة كيفيّة تخصيص الموارد، واتّخاذ القرار بشأن الاستمرار في تخصيصيها بشكل متساوٍ ومصحّح بنسبة %40 من مجمل إضافات الخدمة في المواصلات العامة و/أو تخصيص 100 مليون شيكل في السنة، الأكبر من بينهما، لفترة زمنيّة واقعيّة يمكن فيها سدّ هذه الفجوات.

نوصي وزارة المواصلات والسلطات المحليّة العربيّة، من خلال “مسؤول المواصلات العامة”، بالعمل من أجل جمع المعلومات وترسيخ المعرفة المحليّة لغرض بلورة حلول لتشغيل خدمات مواصلات عامة ناجعة وعالية الجودة.

نوصي وزارة المواصلات ووزارة الماليّة بدراسة النموذج المقترح لتعيين “مسؤول مواصلات عامة إقليمي”، وبلورة تخصيص الملكات ممّا يتيح الإمكانيّة لتحسين خدمات المواصلات العامة في السلطات المحليّة الصغيرة أيضًا، ومن وجهة نظر إقليميّة واسعة.

    1. نوصي وزارة المواصلات ووزارة الماليّة بعدم تحديد فترة تخصيص الميزانيّة لوظيفة “مسؤول المواصلات العامة في السلطة المحليّة”، وتمديد الموعد إلى ما بعد العام 2020. وذلك من أجل مَنح فرصة حقيقيّة لعمل المسؤول في السلطات المحليّة ولمخطّط العمل الإقليمي المقترح. بالإضافة، نوصي بزيادة الأجر المقترح للوظيفة وفقًا للمقوّمات المهنيّة المطلوبة، بحيث يمكن جذب قوى عاملة نوعيّة للسلطات المحليّة التي تواجه صعوبة في تجنيد الأشخاص الملائمين لشَغل هذه الوظائف.نوصي وزارة المواصلات والسلطات المحليّة بالعمل من أجل تطوير تخطيط وتشغيل خدمات المواصلات العامة الداخليّة، وذلك من خلال التعرّف بشكل معمّق على الظروف الفعليّة وعلى احتياجات السكان، وبلورة حلول “خلّاقة” تتلاءَم مع هذه الظروف والاحتياجات. في هذا الإطار،نوصي وزارة المواصلات والسلطات المحليّةبالعمل من أجل وضع مخطط للمواصلات العامة “للمرحلة الانتقاليّة”، يشمل تخطيط مسارات الخطوط بالاعتماد على الطرق القائمة في البلدات والتي عرضها 6.5 متر على الأقلّ ويمكن مرور المركبات الصغيرة فيها – مينيبوس و/أو ترانزيت/ سيّارة تاكسي خدمة. كما ونوصي وزارة المواصلات بتوجيه الشركات المشغّلة للنظر في إمكانيّة تشغيل المواصلات العامة في البلدات العربيّة في الطرق القائمة ومن خلال مركبات صغيرة.نوصي وزارة المواصلات والسلطات المحليّة العربيّة بالعمل من أجل إعداد خطّة شموليّة للمواصلات العامة في جميع البلدات العربيّة في إسرائيل، ممّا يتيح المجال لتخطيط، تفضيل، تخصيص الميزانيّة للبنى التحتيّة المطلوبة لتطوير المواصلات من أجل تشغيل منظومة مواصلات عامة عالية الجودة لرفاه السكان.

 

لقراءة البحث الكامل انقرو هنا

Silence is Golden