سيكوي-أفق للمساواة والشراكة (ج م)

تعزيز المساواة في النقب

بالتعاون مع المجلس الاقليمي للقرى غير المتعرف بها في النقب، نعمل على توفير المنالية للخدمات التعليمية وللمواصلات العامة للمواطنين العرب- البدو في القرى غير المعترف بها في النقب.

אוטובוסים נוסעים בכביש בנגב

ملخّص

يعيش في النقب نحو 280 ألف مواطن عربي بدوي، يقطن نحو 100,000 منهم في 35 قرية مسلوبة الاعتراف، ويسكن الباقون في 11 قرية معترف بها وسبع بلدات حضرية. وتعاني جميع القرى والبلدات التي يقطنها المواطنون العرب البدو، المعترف بها ومسلوبة الاعتراف على حدٍ سواء، من تمييز عميق في الميزانيات والبنى التحتية وتقديم الخدمات. يعاني سكان القرى مسلوبة الاعتراف من غياب المكانة الرسمية النابع من التمييز على خلفية قومية. ولهذا فإنّ الإهمال وشح الخدمات في هذه القرى كبيران جدًا – حيث تفتقر القرى للمؤسّسات التعليمية والشوارع والبنى التحتية للمياه والصرف الصحي، ويعاني سكّانها من هدم المنازل على نطاق واسع. في ظل وضع كهذا، فلا عجب في أن يكون المجتمع العربي البدوي في النقب الشريحة السكانية الأفقر في البلاد، وأن تكون معدّلات التشغيل فيها الأدنى في البلاد. تعمل جمعية سيكوي-أفق أمام مؤسسات الدولة، وبالتعاون مع المجلس الإقليمي للقرى مسلوبة الاعتراف لتطوير وإتاحة البنى التحتية والخدمات الحيوية للقرى، ودعم السيرورات اللازمة لتحقيق الاعتراف الرسمي والمساواة الكاملة للمواطنين العرب في النقب.

  1. كيف نشأت القضية؟

يعيش في النقب نحو 280 ألف مواطن عربي بدوي (من بين نحو 770,000 نسمة في لواء بئر السبع)، من بينهم نحو 100,000 مواطن في قرى مسلوبة الاعتراف والتي لم تعترف الدولة قط بوجودها. يسكن العديد من السكان العرب في النقب منذ مئات السنين – أي قبل قيام الدولة بسنوات طويلة. يسكن البعض منهم على أراضيهم التاريخية، ويسكن البعض الآخر على أراضٍ نقلتهم الدولة إليها قسرًا أو بمحض إرادتهم. مع ذلك، ولأسباب تاريخية متعلقة بطريقة تسجيل الأراضي التي كانت متّبعة في النقب قبل عام 1948، فهناك نزاع قضائي وسياسي حول موضوع ملكية الأراضي. تستند الدولة إلى هذا النزاع، من جملة أمور أخرى، كذريعة لعدم الاعتراف بهذه القرى.

بالرغم من عدم الإجماع على تاريخ بداية توطّن البدو في النقب، إلا أنّ هناك أدلة واضحة في إحصاء سكاني أجرته السلطات العثمانية في عام 1596 على الفِلاحة البدوية للأراضي في النقب الشمالي. بناءً على أبحاثٍ مختلفة وعلى منشورات للسلطات العثمانية، يقدّر الباحثون أنّه كان هناك 32,000 بدوي في النقب في عام 1880، ونحو 55,000 في عام 1914.

تُطرح قضية ملكية الأراضي مرارًا وتكرارًا في سياق المواطنين العرب في النقب. تجدر الإشارة إلى أنّه لا توجد بالضرورة علاقة بين حق البدو في السكن في قراهم وإثبات ملكية الأرض؛ فقد دأبت الدولة منذ عشرات السنين على إقامة مئات البلدات للمواطنين اليهود، دون أن تكون لديهم ملكية على الأراضي، وعلى تشجيع مواطنين يهود من جميع أنحاء البلاد على الانتقال إلى النقب. مع ذلك، تبقى قضية تسجيل الأراضي قضية تاريخية مهمّة ومركّبة.

في إطار التنظيمات التي وضعتها الدولة العثمانية في القرن الـ 19، جرت عدّة محاولات لتطوير نظام عصري لتسجيل الأراضي. مع ذلك، امتنع معظم أصحاب الأراضي عن تسجيل أراضيهم لتجنّب دفع الضرائب والتجنّد للخدمة العسكرية. نتيجة لذلك، فقد كانت ما نسبته أقل من 5% من الأراضي في البلاد مسجّلة في دائرة تسجيل الأراضي بعد عقدٍ على انتهاء العهد العثماني. مع قدوم البريطانيين، أدخلت تعديلات جذرية على قوانين الأراضي. أعلنت السلطات البريطانية في عام 1921 عن منح فترة شهرين لتسجيل الأراضي – ولكن دون فرض أية عقوبة على عدم التسجيل. وفقًا للتقديرات، لم يُسجّل في تلك الفترة سوى 117,000 دونم (أي %0.44) من مجمل الأراضي في البلاد.

حتى انتهاء فترة الانتداب، نظّم البريطانيون بشكل نهائي نحو 5 ملايين دونم، أي ما يقارب %20 من مساحة الانتداب – خاصة في المناطق اليهودية أو تلك المتنازع عليها بين اليهود والعرب. حتى قيام الدولة، لم تُتخذ إي إجراءات منهجية لتسجيل وتنظيم الأراضي في النقب.

منذ منتصف القرن التاسع عشر وحتى قيام دولة إسرائيل، تمتع البدو باستقلالية ثقافية وقضائية واسعة النطاق، تطور في إطارها نظام ملكية تقليدي حظي بالاعتراف من قبل العثمانيين والبريطانيين.

النزاع على الأراضي بين الدولة ومواطنيها العرب بشكل عام، والمواطنين البدو بشكل خاص، قائم منذ سنوات طويلة، وتعود جذوره إلى النكبة وما تلاها. نحو %80 من البدو الذين كانوا يسكنون في منطقة بئر السبع قبل عام 1948، خاصة في النقب الغربي، نزحوا أو هُجّروا، ولم يُسمح لهم بالعودة بعد الحرب، مما أدى إلى خسارتهم لجميع ممتلكاتهم وحقوقهم في الأرض، وتدمير وتسليم أراضيهم لبلدات زراعية وحضرية يهودية أقيمت في المنطقة. خلال الحرب، هُجّر معظم سكان النقب العرب، خاصة إلى قطاع غزة وسيناء والضفة الغربية والأردن. بقي ضمن حدود دولة إسرائيل 11,000 بدوي فقط، جميعهم في منطقة “السياج” (والتي تمتد بين بئر السبع وعراد وديمونا). سكن البعض منهم في هذه المنطقة قبل اندلاع الحرب، وبقوا في قراهم التاريخية، بينما تمّ تركيز الآخرين هناك في مطلع الخمسينات، وقد خضع جميعهم لحكم عسكري حتى عام 1966.

على مرّ السنين، تم تركيز البدو الذي لا يملكون أراضي، من بينهم بعض المهجّرين الداخليين (الذين نُقلوا قسرًا إلى منطقة “السياج” وصودرت أراضيهم)، في سبع بلدات حضرية أقامتها الدولة. بقيت نحو 100,000 نسمة في 35 قرية مسلوبة الاعتراف. يسكن معظمهم في أراضي أسلافهم ويدّعون الملكية على هذه الأراضي، بالإضافة إلى مجموعات أصغر من المهجّرين الداخليين.

  1. لبّ القضية

يشكّل المواطنون العرب-البدو ثُلث سكان النقب، ولكنهم يعيشون على %3.5 فقط من أراضيه. هناك نظام خاص لملكية الأراضي لدى البدو المقيمين في مناطق بئر السبع-ديمونا-عراد (المنطقة المسمّاة بـ “منطقة السياج”)، وهم ينقسمون إلى مجموعتين: مجموعة ملّاك الأراضي ومجموعة عديمي الأراضي. ولكن بما أنّ نظام تقسيم الأراضي لم يسجّل من قبل السلطات البريطانية التي حكمت البلاد، ومع أنّه قبل قيام الدولة، قامت مؤسسات صهيونيّة بشراء أراضٍ من عرب-بدو في النقب، لم تعترف دولة إسرائيل قَط بملكية البدو لأراضيهم. في السبعينيات سمحت الدولة للمواطنين البدو في النقب بتقديم دعاوى ملكية لجزء من أراضيهم. لم تنظر المحاكم في معظم هذه الدعاوى، وظلت معلّقة.

موقف الدولة تجاه هذه الأراضي متناقض. قهي من ناحية تعتبرها “أراضي دولة”، ولكنها تحاول من ناحية أخرى بلورة تسويات تعويضية أمام مدّعي الملكية، وتعرض عليهم تعويضًا ماليًا مقابل التنازل وشطب الدعاوى. في الوقت الحالي، ينتمي معظم سكان القرى مسلوبة الاعتراف لعائلات تدّعي ملكيتها للأراضي التي تعيش عليها. معظم المواطنين البدو عديمي الأراضي بموجب هذا النظام، كأولئك الذين هجّروا من منطقة “نيتسانا” بعد عام 1948، وافقوا على الانتقال أو نُقلوا قسرًا للسكن في إحدى البلدات السبع في النقب، مثل رهط، حورة وتل السبع. جزء كبير من هذا النقل القسري مرتبط باتفاقية السلام مع مصر، والتي سُنّ في إطارها “قانون السلام” الذي انطوى على فرض إخلاء قسري وتسوية تعويضية على آلاف مدّعي الملكية الذي سكنوا في المنطقة حيث أقيمت لاحقًا قاعدة “نيفاطيم” الجوية، والتي نُقلت من سيناء في إطار معاهدة السلام.

على مر السنين، أقامت الدولة مئات البلدات للمواطنين اليهود عديمي الأراضي، بل وشجّعت على انتقال المواطنين اليهود من جميع أنحاء البلاد إلى النقب. على سبيل المثال، توجد في لواء بئر السبع أكثر من مائة بلدة ريفية يهودية، يبلغ عدد سكانها بالمعدّل نحو 300 نسمة، وذلك بالإضافة إلى عشرات المزارع التي أقامها أفراد بدون ترخيص ولكن الحكومة حرصت على منحها الاعتراف بأثر رجعي.

أمّا فيما يخصّ القرى البدوية، فقد اتبعت الدولة على مدار عشرات السنين سياسة رسمية ترفض الاعتراف بها، وتركّز السكان في مناطق حضرية بغية تقليص كمية الأراضي التي يملكها مواطنون عرب. فبدءًا من السبعينيات أقامت الدولة في النقب سبع بلدات حضرية، نُقل إليها نحو نصف السكان البدو. مع بداية الألفية، وبعد نضال عنيد خاضه السكان، اعترفت الدولة بـ 11 قرية من أصل 46 وبقيت القرى الـ 35 الأخرى مسلوبة الاعتراف إلى يومنا هذا. يعيش هؤلاء المواطنون دون بنى تحتية ودون خدمات أساسية، ويحتلون أدنى درجات السلم الاجتماعي-الاقتصادي في البلاد. يُضاف إلى ذلك كلّه خطر هدم المنازل. تنفّذ عمليات الهدم مرارًا وتكرارًا دون حلّ تخطيطي متفق عليه، ودون الاكتراث لحقيقة أنّ السكان الذين فقدوا منازلهم يبقون بين السماء والطارق.

على مدار سنوات طويلة، حاولت الدولة بلورة ودعم خطط لتنظيم البلدات العربية في النقب. ولكنها فشلت فشلًا ذريعًا، لأنّ التخطيط تم دون إشراك السكان، ودون مراعاة ثقافتهم ونمط حياتهم ودون أية ملاءمة للوضع القائم فيما يتعلق بملكية الأراضي. حتى في البلدات العربية المعترف بها في النقب، ظلّت مشاكل كثيرة عالقة في مجالي التخطيط والبنى التحتية. لا تزال القرى الـ 11 التي اعترف بها قبل نحو 20 عامًا تعاني من سوء التوصيل بشبكة المياه والكهرباء والصرف الصحي. ولا تزال منازلها معرضة لخطر الهدم على نطاق واسع جدًا. يحدث ذلك أيضًا لأنّ المجالس الإقليمية التي تقع هذه القرى ضمن مناطق نفوذها تجد نفسها مضطرة لتطوير مشاريع بنى تحتية ضخمة، دون أدوات أو موارد كافية.

يعاني المواطنون العرب البدو في النقب من فقر مدقع ويتقاضون مخصصات ضمان دخل أعلى بـ 3.5 أضعاف من سائر السكان. معدلات التشغيل لدى المواطنين البدو في النقب هي الأدنى في البلاد. حتى قبل الأزمة الاقتصادية التي نتجت عن جائحة كورونا، كانت نسبة المنخرطين في سوق العمل في المجتمع البدوي %68 من الرجال و %32 من النساء. بينما كانت النسبة في المجتمع العربي بشكل عام %78 من الرجال و %38 من النساء.

لم تنشأ المكانة الاجتماعية-الاقتصادية المتدنية والمهمشّة للمجتمع البدوي في النقب من فراغ، بل هي نتيجة مباشرة لعدم الاعتراف ولسنوات طويلة من التمييز في الموارد والميزانيات، إلى جانب وضع البنى التحتية والمواصلات العامة وشبكة الطرق والمنالية المحدودة لخدمات التعليم والأطر المُكمّلة.

تدعم جمعية سيكوي-أفق النضال العادل الذي يخوضه السكان العر البدو في النقب للاعتراف بالقرى مسلوبة الاعتراف، وتسعى من أجل تحقيق هذا الهدف. بالإضافة إلى ذلك، تدعم جمعية سيكوي-أفق سيرورات تخطيط وتطوير البلدات المعترف بها، وتسعى من أجل تحقيق ذلك. يحق للمواطنين العرب في النقب الحصول على بنى تحتية سليمة وعلى خدمات تعليمية متساوية وملاءمة ومتاحة وعلى توصيل لائق بشبكة المواصلات العامة، ليتمكنوا من تحسين جودة حياتهم والاندماج في مؤسسات التعليم العالي وفي سوق العمل وفي المجتمع. تعمل سيكوي-أفق بالتعاون مع المجلس الإقليمي للقرى مسلوبة الاعتراف أمام الوزارات والمجالس الإقليمية من أجل تحسين البنى التحتية للمياه وإقامة رياض أطفال ومدارس وتعبيد الطرق وتفعيل خدمة مواصلات عامة في القرى البدوية في النقب.

عدم منالية خدمات التربية والتعليم في القرى مسلوبة الاعتراف

التعليم هو حق أساسي وشرط مسبق لتقليص الفجوات وتحقيق المساواة المدنية للمواطنين العرب في النقب، ودمجهم في عالم التعليم والعمل وتحسين جودة حياتهم. من بين 53 قرية عربية في النقب، هناك 35 قرية مسلوبة الاعتراف من قبل السلطات في إسرائيل. ولهذا الوضع تأثير بعيد المدى على حياة السكان في المجالات المتعلقة بالتربية والتعليم.

يُلزم قانون التعليم الإلزامي الدولة بإتاحة جهاز التربية والتعليم لجميع مواطني الدولة، بغضّ النظر عن مكان سكناهم أو انتمائهم القومي. مع ذلك، أقيمت مدارس ابتدائية في تسع قرى فقط من بين القرى مسلوبة الاعتراف (وفي جميع القرى المعترف بها والبلدات الحضرية). ومن بين جميع القرى مسلوبة الاعتراف، فهناك مدرسة ثانوية في قريتين فقط.

تشير معطيات نشرها مركز الأبحاث والمعلوما التابع للكنيست إلى أنّ نسبة تسرّب الطلاب العرب في المدارس مرتفعة جدًا: نحو %30 من البنين ونحو %20 من البنات لا ينهون الصف الثاني عشر. نشهد معدّلات مرتفعة من التسرّب في الصف الثامن أو التاسع، عندما ينهي الطلاب المرحلة الإعدادية ويضطرون للانتقال إلى مدرسة ثانوية بعيدة وغير متاحة. تدلّ المعطيات على أنّ انعدام الأطر التعليمية فوق الابتدائية في القرى مسلوبة الاعتراف هو عامل مركزي يفسّر ارتفاع معدّلات التسرب في هذه القرى.

تعاني هذه القرى أيضًا من نقص حاد في مراكز الدراسات التكميلية (هيلا)، وهي مراكز لدعم الشبيبة تمكّنّهم من استكمال 12 سنة تعليمية، إذا رغبوا في ذلك. بالرغم من معدّلات التسرب المرتفعة والأزمة القائمة في مجال التربية والتعليم، إلّا أنّه لا يوجد مركز “هيلا” واحد في القرى مسلوبة الاعتراف، بينما تتوفر هذه الخدمة في 150 سلطة محلية في مختلف أنحاء البلاد.

في ظل انعدام المدارس ورياض الأطفال في القرى مسلوبة الاعتراف لسنوات طويلة، ونتيجة للضغوطات الجماهيرية والقضائية التي مورست على وزارة التربية والتعليم، تبلور تدريجيًا نظام سفريات حكومي يمكّن مجموعة أكبر من الطلاب من ممارسة الحق في التعليم. ولكنه من ناحية أخرى حلٌ خطير لا يلبي احتياجات الأطفال على نحو كاف. وذلك لأنّه وفقًا لإجراءات الأمن والسلامة في وزارة التربية والتعليم، يجب نقل الطلاب على طرق معبّدة، ويحظر نقل أطفال دون سنّ الخامسة على طرق غير معبّدة. ولكن في القرى مسلوبة الاعتراف، تتجاوز الوزارة هذه الإجراءات، وتقلّ الأطفال دون سنّ الثالثة عبر طرق ترابية، لمسافة تصل إلى عدة كيلومترات.

ينطوي هذا المخطط على عدة إشكاليات. فهو خطير وغير آمن ويؤثر على الطلاب من الناحية الاجتماعية والتربوية والنفسية. وهو أيضًا حلٌ مكلف لا تتردّد الدولة في تطبيقه فقط كي لا تنشئ مؤسسات تعليمية في القرى مسلوبة الاعتراف. وفقًا لأنظمة وزارة التربية والتعليم، فإنّ المركبات المخصصة لسفريات أطفال الروضات في الفئة العمرية 3-5 أعوام يجب أن تكون صغيرة وأن ترافقها مساعِدة. ولكن في كثير من الحالات لا توجد مرافقة، ويسافر في نفس السفريات المنظّمة أطفال في سن الثالثة وشبيبة في سن الـ 18، ويزيد عددهم عن العدد المسموح به قانونيًا. وفي أشهر الشتاء الماطرة، وبسبب نقص البنى التحتية والطرق المعبّدة، تصبح الطرق صعبة وخطيرة للسفر، مما يضطر الأهالي لإبقاء أطفالهم في المنزل. السفر المتعب إلى المدرسة يؤثر سلبًا على الطلاب، الذي يصلون أحيانًا إلى المدرسة بعد ساعات مضنية من السفر على طرق ترابية تربط بين القرى. وبسبب المسافة البعيدة بين منازل الطلاب والمؤسسات التعليمية، فإنّ الأهالي ناءون عن رياض الأطفال، أي عن البيئة التعليمية التي يتواجد فيها أطفالهم وعن جهاز التربية والتعليم بشكل عام.

بسبب هذا الوضع، حيث يسافر نحو 40 ألف طالب إلى مدارسهم يوميًا عبر طرق ترابية ومكسّرة، وفي أعقاب التوجّهات إلى المحاكم، تبلورت عدة مبادرات بغية تحسين وضع الطرق الترابية والشوارع المؤدية إلى المدارس في القرى. على سبيل المثال، قررت الحكومة في عام 2009 (القرار 724) تخصيص ميزانية لتعبيد الطرق التي تربط المدارس ومراكز الخدمات بالطرق الرئيسية في 6 قرى معترف بها وفي 7 مراكز خدمات في القرى مسلوبة الاعتراف. حتى هذا اليوم، أي بعد 12 عامًا (2021)، تم تعبيد ثلاث طرق في القرى المعترف بها وثلاث أخرى في القرى مسلوبة الاعتراف. أي أقل من نصف العدد.

ولكن المشكلة الرئيسية تكمن في الطرق الترابية المؤدية من منازل الأطفال في القرى مسلوبة الاعتراف إلى الطرق المعبّدة القائمة. هذه الطرق هي المواقع الأكثر إهمالًا وخطورة. في المخطط الذي دعمته سيكوي-أفق في عام 2018 أمام وزارة المالية وسلطة تطوير وتوطين البدو في النقب، تمت بلورة توصيات حول كيفية ترميم الطرق الترابية، دون تعبيد طرق محظورة بدون خارطة هيكلية. إن ترميم الطرق الترابية، بتكلفة مئات آلاف الشواقل فقط، هو إجراء سهل نسبيًا يعزّز من أمن وسلامة الطلاب ويحافظ على جودة المركبات التي تتلف بسبب الطرق المكسرة، ويمنع انقطاع الدوام في الأيام الماطرة. ولكن الدولة خصصت لذلك ميزانية للقرى المعترف بها فقط، وتركت رياض الأطفال في القرى مسلوبة الاعتراف بدون أي حل.

بسبب هذه الإشكاليات، يمتنع العديد من الأهالي عن دمج أطفالهم في جهاز التربية والتعليم في سنّ صغيرة. فما نسبته %17 من الأطفال البدو في المرحلة العمرية 3-5 سنوات، وعددهم 4,500 طفل، غير مسجّلين في رياض الأطفال، ويبقون في منازلهم، وذلك مقابل %1 في المجتمع اليهودي (وفقًا لمعطيات مركز الأبحاث والمعلومات في الكنيست لعام 2020). وبذلك، يُسلب الأطفال الصغار حقهم الأساسي في التربية للطفولة المبكرة، وهي فترة مهمة لنموّهم وحياتهم المستقبلية.

لم تحقق وزارة التربية والتعليم حتى الآن الأهداف التي وضعتها لنفسها لسد هذه الفجوات ولدمج الأطفال البدو في الأطر التعليمية. مع ذلك، تؤمن جمعية سيكوي-أفق بأنّ هناك عدّة حلول قابلة للتطبيق لتذليل المعيقات في إطار القيود القائمة، وبأنّه يجب التركيز على إقامة رياض أطفال بالقرب من منازل الأطفال.

المواصلات العامة تساهم في إتاحة الخدمات الأساسية

خدمات المواصلات العامة هي خدمات أساسية يتوجب على الدولة توفيرها للمواطنين ليتمكنوا من الذهاب من منازلهم إلى أماكن العمل وأماكن الدراسة وأماكن الترفيه ومراكز الخدمات الطبية وغيرها. وتتضاعف هذه الحاجة في القرى مسلوبة الاعتراف والتي تفتقر بشكل شبه كامل لهذه الخدمات. فالوضع القائم حاليًا في النقب لا يتيح المجال لتوفير خدمة المواصلات العامة الأساسية لسكان القرى مسلوبة الاعتراف.

لا تدخل المواصلات العامة إلى أية قرية مسلوبة الاعتراف تقريبًا، مما يضطر سكان القرى للاعتماد على محطات الباصات الموجودة على الشارع الرئيسي خارج القرية. بالمقابل، لا توجد في 10 قرى مسلوبة الاعتراف محطة حافلات واحدة على الشارع الرئيسي عند مدخل القرية. مع أنّ الأمر يتطلب استثمارًا بسيطًا يوفر خدمات مواصلات عامة رابطة بين المدن للعديد من المواطنين الذين يحتاجون لذلك. يعني ذلك أنّ عشرات آلاف المواطنين العرب البدو في النقب يضطرون للسير مسافة عشرات الكيلومترات على الطرق السريعة للوصول من منازلهم إلى محطة الباصات. في مسح أجرته جمعية سيكوي-أفق والمجلس الإقليمي للقرى مسلوبة الاعتراف، وُجدَ 30 موقعًا يتطلّب إقامة محطات عند مداخل القرى. في أعقاب هذا المسح، أجرت وزارة المواصلات مسحًا خاصًّا بها، وأوصت بالمصادقة على المحطات. مع ذلك، وبسبب تفضيلات وزارية واعتبارات ميزانياتية، لم تحدد الوزارة بعد موعدًا للتنفيذ.

المواصلات العامة في القرى مسلوبة الاعتراف هي الطريقة الوحيدة لإتاحة الخدمات الأساسية مثل الخدمات الطبية والتشغيل والتعليم للسكان، في ظل غياب هذه الخدمات داخل القرى. بالإضافة إلى ذلك، وكما في أي مكان آخر، فإنّ المواصلات العامة هي وسيلة حيوية لرفع معدلات التشغيل وتقليص الفجوات، بالإضافة إلى مساهمتها الكبيرة في الحدّ من حوادث المرور. مع ذلك، تدلّ الأبحاث عل أنّ المناطق التي تتمتع بعدد أكبر من وسائل المواصلات العامة تشهد معدلات جريمة متدنية ومستوى أمن وأمان مرتفع. تساهم المواصلات العامة أيضًا في خفض مستويات تلوّث الهواء وتترك أثرًا اقتصاديًا كبيرًا بسبب خفض نفقات استخدام السيارات الخصوصية ورفع قيمة العقارات السكنية وخلق فرص عمل وتطوير ونمو الاقتصاد المحلي. ومن شان إتاحة المواصلات العامة خلق تغيير جذري في النقب، لأنّ جميع سكان النقب العرب البدو، وعددهم 2,000 نسمة، يسكنون ضمن مناطق نفوذ بلدات تقع في أدنى السلّم الاجتماعي-الاقتصادي -1.

يعاني المواطنون العرب البدو في النقب من فقر مدقع ويتقاضون مخصصات ضمان دخل أعلى بـ 3.5 أضعاف من سائر السكان. معدلات التشغيل لدى المواطنين البدو في النقب هي الأدنى في البلاد. حتى قبل الأزمة الاقتصادية التي نتجت عن جائحة كورونا، كانت نسبة المنخرطين في سوق العمل في المجتمع البدوي %68 من الرجال و %32 من النساء. بينما كانت النسبة في المجتمع العربي بشكل عام %78 من الرجال و %38 من النساء.

لم تنشأ المكانة الاجتماعية-الاقتصادية المتدنية والمهمشّة للمجتمع البدوي في النقب من فراغ، بل هي نتيجة مباشرة لعدم الاعتراف ولسنوات طويلة من التمييز في الموارد والميزانيات، إلى جانب وضع البنى التحتية والمواصلات العامة وشبكة الطرق والمنالية المحدودة لخدمات التعليم والأطر المُكمّلة. إنّ تطوير البنى التحتية والطُرق والمواصلات العامة والتعليم سيزيد من معدلات التشغيل والقوى العاملة، وسيعزز من قدرة السكان على تلقي خدمات صحية لائقة، ومن الرفاه الاقتصادي لسكان النقب العرب.

لا تزال معظم القرى العربية في النقب – حيث يسكن أكثر من مائة ألف مواطن – تفتقر لخدمات مواصلات عامة متاحة وناجعة. هذا الوضع يحول دون اندماج آلاف النساء الشابات في العالم الأكاديمي وعالم العمل، ويؤدي إلى استدامة تهميش هذه الشريحة السكانية، التي تعتبر أصلاً الشريحة السكانية الأكثر تهميشًا في البلاد.

ترفض وزارة المواصلات تفعيل مواصلات عامة داخل القرى مسلوبة الاعتراف في النقب بسبب حظر تفعيل خدمات مواصلات كهذه على طرق غير معبّدة. ولكن بينما تحظر وزارة المواصلات تفعيل مواصلات عامة على طرق غير معبّدة، تموّل وزارة التربية والتعليم سفريات للأطفال في الفئة العمرية 3-5 والتي تسير على نفس الطرق. من وجهة نظر الدولة، يستطيع الأهالي إرسال أطفالهم البالغين من العمر 3 أعوام في سفريات تمرّ عبر طرق ترابية، بتمويل من الحكومة، ولكن يُحظر عليهم استخدام الطريق نفسها للذهاب إلى العمل أو الجامعة أو صندوق المرضى بالمواصلات العامة.

بما أنّ وزارة المواصلات تسمح بتفعيل مواصلات عامة فقط في طرق معبّدة، فإنّ القرى مسلوبة الاعتراف المهيّئة لدخول مواصلات عامة إليها هي فقط تلك التي حظيت بتصريح لتعبيد الطرق في أعقاب قرار تعبيد الطرق المؤدية إلى المدارس. مع ذلك، من بين القرى التسع مسلوبة الاعتراف والتي توجد فيها مدارس، هناك قرية واحدة فقط موصولة بشبكة المواصلات العامة.

ولِمَ تتوفر الخدمة في قرية واحدة فقط؟ لأنّ وزارة المواصلات تتأخر في تعبيد الطرق وربط المدارس بشبكة الطرق، وذلك لأسباب مختلفة. في قرية الفرعة مثلًا، حيث تسكن 6,000 نسمة وحيث توجد مدرستان، ابتدائية وثانوية، تم الحصول على ميزانية وعلى مصادقة لتعبيد الطرق المؤدية إلى المدارس. تم تعبيد الطريق المؤدية إلى المدارس، سوى جزء يبلغ طوله 400 متر، وذلك بسبب خلاف بين وزارة المواصلات وشركة “نتيفي يسرائيل” حول الجهة المسؤولة عن تعبيد هذا الجزء من الطريق. ولأنّ وزارة المواصلات تحظر سير الحافلات على طرق غير معبّدة، وبسبب جزء غير معبّد لا يتعدّى 400 متر، تحظر الوزارة تفعيل مواصلات عامة في هذه الطريق، وتبقى القرية منقطعة عن شبكة الطرق. وإلى أن تحدّد وزارة المواصلات وشركة “نتيفي يسرائيل” من منهما يتحمل مسؤولة تعبيد هذا الجزء من الطريق، لا يمكن للطواقم التدريسية الوصول إلى العمل بالمواصلات العامة، ويبقى جميع سكان القرى معزولين وغير قادرين على استخدام المواصلات العامة للوصول إلى الجامعة وصناديق المرضى وأماكن العمل وغيرها.

إشكالية الطرق التي لم يكتمل تعبيدها قائمة أيضًا في قريتي خربة الوطن وتل عراد. فترة 11 عامًا هي فترة كافية للتغلب على الصعوبات، ويتوجب على وزارة المواصلات إيجاد حلول وتلبية احتياجات المواطنين.

في قريتي عبدة وبير المشاش أيضًا، حيث استكمل تعبيد الطرق المؤدية إلى شبكة الطرق، لم يتم بعد تفعيل مواصلات عامة.

الحياة بدون توصيل بشبكة إمداد المياه

يعيش سكان القرى مسلوبة الاعتراف كافةً في منازل غير موصولة بشبكة إمداد المياه. كانت هناك في السابق بضع نقاط مركزية لإمداد المياه، حيث كان بإمكان السكان الحصول على المياه للاستهلاك الشخصي. اضطر السكان لتوصيل منازلهم بشكل مستقل بنقطة بعيدة. في العديد من الحالات، كان الأمر يتم بواسطة ملء الصهاريج وجمع المياه – بدون تمويل التوصيل، بدون مراقبة وإشراف على جودة التوصيل أو جودة المياه وبدون صيانة جارية ومراقَبة.

في أعقاب نضال دام لسنوات طويلة، أضيفت في بعض القرى البدوية في النقب نقاط توصيل للمياه، ويمكن للعديد من السكان مدّ أنابيب بشكل مستقل وبتمويل مستقل، لتجنب استخدام الصهاريج. مع ذلك وخلافًا للوضع في سائر البلدات في إسرائيل، فإنّ أنبوب المياه الذي وضعته شركة المياه “مكوروت” لا يصل إلى منازلهم، وذلك لأنّ قانون التخطيط والبناء لا يسمح بتوصيل البنى التحتية بمنازل بنيت بدون ترخيص، والعديد من المشاكل الاقتصادية، الصحية والبيئية بقيت على ما هي عليه.

كما جاء سابقًا، توجد لهذا الوضع آثار عميقة على حياة السكان، من بينها آثار متعلقة بجودة المياه. خلافًا للقرى المعترف بها، وبما أنّ سكان القرى مسلوبة الاعتراف يتحملون بأنفسهم مسؤولية إنشاء البنية التحتية المائية لمنازلهم، فإنّ الدولة لا تراقب جودة المياه التي تمر عبر الصنابير. بالإضافة إلى ذلك، يقوم العديد من سكان القرى مسلوبة الاعتراف بتعبئة المياه في صهاريج كبيرة، يضعونها بجوار منازلهم. وبما أنّ هذه المياه هي مياه راكدة، تكون جودتها متدنية، وفي العديد من الحالات، يطوّر الأطفال أمراضًا معوية بعد تعرضهم للمياه الملوثة.

توجد للبني التحتية المائية المتقلقلة آثار اقتصادية على السكان. إذا حدث تسرّب بين نقطة المياه وأحد المنازل، يضطر الساكن لتكبد تكاليف إصلاح التسرّب لأنّه المسؤول عن توصيل منزله بنقطة المياه المشتركة. لا تتحمّل شركة “مكوروت” المسؤولية بخصوص ضغط المياه وجودة المياه التي تصل إلى منازل السكان، ويتوجب عليها تركيب ساعة مائية بأنفسهم.

بالإضافة إلى ذلك، فإنّ تسعيرة المياه التي يدفعها سكان القرى مسلوبة الاعتراف أعلى بكثير من التسعيرة التي يدفعها السكان في البلدات المنظمة. يعود ذلك إلى طريقة الجباية التي تتبعها رابطات المياه والصرف الصحي – والتي تجبي المال مقابل “كمية معترف بها”: أي تسعيرة منخفضة للاستهلاك المنزلي حتى كمية معينة، وتسعيرة أعلى بثلاثة أضعاف بعد تخطّي هذه الكمية القصوى. بما أنّ سكان البلدات مسلوبة الاعتراف لا ينتمون لرابطة لوائية للمياه والصرف الصحي تنظّم وتحدّد تكاليف الاستهلاك وفقًا للكميات القصوى، فإنّ الدولة لا تتتبّع الكميات القصوى التي استهلكتها العائلات، وتلزم السكان تلقائيًا بدفع التسعيرة الأعلى، المحفوظة لمن يستهلك كمية مياه كبيرة جدًا.

بالإضافة إلى ذلك، فإنّ التسعيرة التي يدفعها السكان (الذين يُعتبرون “مستهلكًا غير مزوّد”) هي التسعيرة الأعلى من بين تسعيرات الاستهلاك المنزلي، وذلك لأنّهم غير موصولين بشبكة إمداد المياه عن طريق رابطة مياه وصرف صحي محلية، بل عن طريق شركة “مكوروت” مباشرة.

توجد لهذا الوضع عواقب اجتماعية أيضًا. تتم جباية الأموال عن طريق مندوب القرية الذي يعمل أمام شركة “مكوروت”، ويجبي الأموال من السكان حسب ساعات المياه المستقلة التي قاموا بتركيبها بأنفسهم. بطبيعة الحال، يخلق نهج العمل هذا صعوبات اجتماعية وتوترات جماهيرية كثيرة. العائلات محدودة الموارد غير القادرة على الدفع مقابل المياه التي تصل إلى منازلها تُثقل كاهل العائلات المجاورة، الأمر الذي قد يؤدي إلى خلافات مستمرة تمس بحياة السكان وبالنسيج الجماهيري في البلدة.

لذلك يضطر سكان القرى مسلوبة الاعتراف في بعض الأحيان لدفع تسعيرة أعلى بثلاثة أضعاف من تلك التي يدفعها سكان بلدات أخرى، وذلك مقابل خدمة مؤقتة وإمداد مياه بجودة متدنية، مما يخلق مشاكل اجتماعية وصحية.

  1. كيف تساهم جمعية سيكوي-أفق في تغيير الوضع؟

دعم الاعتراف بالقرى!

تؤمن جمعية سيكوي-أفق بأنّه يتوجب على دولة إسرائيل الاعتراف بجميع القرى العربية في النقب. تم تبنّي هذا الموقف من قبل حكومة إسرائيل: فقد جاء في تقارير حكومية صودق عليها سابقًا في إطار قرارات حكومية أنّ البدو ليسوا دخلاء، بأنّهم كانوا يعيشون في منطقة “السياج” قبل قيام الدولة، أو نُقلوا إلى هناك من قِبل الدولة، وأنّه يجب الاعتراف بأكبر قدر ممكن من القرى. لضمان جودة حياة لائقة لسكان القرى مسلوبة الاعتراف، يتوجب علي الدولة أن تحدّد القرى التي تنوي الاعتراف بها، والبدء بوضع خرائط هيكلية للقرى التي ستحظى بالاعتراف، والعمل على وضع البنى التحتية الضرورية بالتعاون مع لجان القرى.

يمكن إيجاد مرجعية للاعتراف بالقرى في المخطط الرئيسي للاعتراف بالقرى مسلوبة الاعتراف الذي نُشر في عام 2021 من قبل جمعيتي “بِمكوم” و “سدرة”، بالتعاون مع المجلس الإقليمي للقرى مسلوبة الاعتراف، والذي أقيم في التسعينيات كقيادة منتخبة للجان القرى مسلوبة الاعتراف.

الاعتراف هو سيرورة تستغرق سنوات طويلة، وذلك بسبب التعقيدات المهنية المترتبة على ذلك، وبسبب ظروف سياسية تؤدي بالدولة لتأجيل قرارات الاعتراف بالقرى. حتى استكمال السيرورة، يتوجب على الحكومة توفير الخدمات الأساسية لمواطنيها وتحسين مستوى الخدمات والبنى التحتية المستحقة لسكان القرى، كسائر مواطني دولة إسرائيل، مثل التربية والتعليم، التوصيل بشبكة المياه، المواصلات وغير ذلك. تعمل جمعية  سيكوي-أفق أمام الوزارات من أجل توفير الخدمات الأساسية لسكان القرى.

تخطيط مركزي، خدمات حيوية!

يتوجب على الدولة أن تضمن لسكان القرى مسلوبة الاعتراف منالية البنى التحتية الأساسية، الخدمات التعليمية، وخدمات الصحة والرفاه الاجتماعي. على ضوء عدم اعتراف الدولة بالقرى، فإنّها تفتقر لخرائط هيكلية، ولذلك يحظر قانونيًا تنفيذ خطط بناء عادية في هذه القرى، كما في أية بلدة أخرى، ولكن الخرائط الهيكلية اللوائية لمنطقة بئر السبع تتطرق بشكل خاص إلى إمكانية إقامة مراكز خدمات حيوية لتقديم الخدمات في مجال التربية والتعليم، الصحة والرفاه الاجتماعي. مع ذلك، تفتقر 26 قرية من القرى مسلوبة الاعتراف لمراكز خدمات حيوية.

تعتبر جمعية سيكوي-أفق هذا الحل حلاً ناجعًا يمكن توسيع نطاقه. لذلك، تعمل سيكوي، بالتعاون مع جمعية “بمكوم” والمجلس الإقليمي للقرى مسلوبة الاعتراف، وهو الجسم الوحيد الذي يمثّل لجان القرى مسلوبة الاعتراف، أمام الوزارات ذات الصلة ومكتب التخطيط المركزي من أجل توسيع وتغيير التعديل على الخارطة الهيكلية اللوائية، التي تسمح بتحديد أماكن معينة تقدّم فيها خدمات حيوية. نقود أمام الجهات التخطيطية والوزارات سيرورة عرضيّة من شأنها المساهمة في إقامة مراكز خدمات حيوية في جميع القرى مسلوبة الاعتراف، وذلك مع إشراك السكان ابتداءً من مرحلة التخطيط للمراكز. إقامة المراكز ستوفر للسكان المنالية الأساسية لمختلف الخدمات، خاصة إقامة وتفعيل رياض أطفال في القرى، لتجنّب السفريات الخطيرة والطويلة التي يضطر أطفال القرى لاستخدامها في الوقت الحالي، ابتداءً من مرحلة التعليم ما قبل الإلزامي.

توصيل القرى مسلوبة الاعتراف برابطة المياه!

تسعى جمعية سيكوي-أفق والمجلس الإقليمي للقرى مسلوبة الاعتراف لتوصيل القرى العربية في النقب برابطة المياه، مما سيحسّن بدرجة كبيرة من البنى التحتية لإمدادات المياه في القرى. في أعقاب تداخلنا، صادقت سلطة المياه على توصيل آلاف السكان في السنة الماضية برابطة مياه محلية، وعالجت إشكالية التسعيرة المرتفعة التي يدفعها السكان مقابل المياه مقارنةً بسائر المواطنين، بالإضافة إلى حلّ إشكالية جباية المال من قبل مندوب القرية. متابعة توصيل القرى برابطات المياه قد تساهم في حل الصراعات والتوترات الجماهيرية المرافقة لجباية حساب المياه المشترك في القرية. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ التوصيل ببنى تحتية منظمة لإمداد المياه يحسّن من جودة المياه ويؤثّر إيجابًا على صحة السكان.

تؤمن جمعية سيكوي-أفق بأنّ الدولة ملزمة بتوفير العيش الكريم لجميع مواطنيها، بما في ذلك إتاحة المياه بشكل لائق. يزداد هذا الأمر أهمية في هذه الفترة تحديدًا، حيث نواجه جائحة عالمية، والوقاية منها تتطلب الحفاظ على النظافة الشخصية.

إقامة مدارس ثانوية!

حتى عام 2019، لم تكن هناك في القرى مسلوبة الاعتراف في النقب سوى مدرسة ثانوية واحدة، في قرية الفرعة. بعد جهود حثيثة بذلتها جمعية سيكوي-أفق، أقيمت مدرسة ثانوية إضافية في قرية الزرنوق. عملت جمعية سيكوي-أفق بالتعاون مع منظمات إضافية ومع اللجنة المحلية، أمام وزارة التربية والتعليم والمجلس الإقليمي واحة الصحراء، ونجحوا في توسيع المدرسة في القرية لتشمل مدرسة ثانوية أيضًا، إلى جانب المدرسة الإعدادية التي كانت قائمة فيها من قبل. على ضوء هذا النجاح، تسعى جمعية سيكوي-أفق لتنفيذ المخطط ذاته وتوسيع المدارس في قرى إضافية، حيث توجد مدارس ابتدائية وإعدادية، لتشمل مدارس ثانوية أيضًا.

وتبين المعطيات أنّ انعدام الأطر التعليمية للطلاب في المرحلة الثانوية في القرى مسلوبة الاعتراف هو عامل مهم يفسّر معدلات التسرب المرتفعة في هذه القرى. تشير معطيات نشرتها الكنيست إلى أنّ معدّلات التسرّب لدى المواطنين العرب في النقب مرتفعة جدًا، حيث أنّ %30 من الأولاد و %20 من البنات لا ينهون الصف الثاني عشر. نسبة كبيرة من التسرّب تحدث في الصف الثامن أو التاسع، في نهاية المرحلة الإعدادية، عندما يضطر الطلاب للانتقال إلى مدرسة ثانوية بعيدة وغير متاحة.

لا شك في أنّ وجود مدارس إضافية من شأنه التأثير إيجابًا على نسبة الطلاب الذين ينهون الصف الثاني عشر، مما يساهم لاحقًا في اندماج جيل المستقبل من أبناء المجتمع العربي البدوي في المؤسسات التعليمية وفي سوق العمل. يحق للأطفال والطلاب في القرى مسلوبة الاعتراف التمتع بمنالية التعليم وبفرصة متساوية لبناء مستقبل، كأي طفل آخر في أية بلدة أخرى في البلاد، ودور الدولة هو ضمان حقهم في التعليم.

تطوير المواصلات العامة في القرى مسلوبة الاعتراف!

تعمل جمعية سيكوي-أفق أمام الوزارات المختلفة، إلى جانب المجلس الإقليمي للقرى مسلوبة الاعتراف، لدعم سيرورة تطوير وإقامة بنى تحتية للمواصلات العامة في القرى البدوية في النقب. تسعى الجمعية لتطبيق القرار الحكومي بتعبيد طرق مؤدية للمدارس وإدخال وسائل مواصلات إلى القرى. هناك تسع مدارس في القرى مسلوبة الاعتراف، ولكن فقط في ثلاث قرى منها استُكملت الطرق الموصولة بشبكة الطرق. وهناك خط باص في قرية واحدة فقط.

كما أجرت جمعية سيكوي-أفق مسحًا للمناطق التي لا توجد فيها محطة حافلات على الطريق المتاخمة للقرية، وتعمل أمام وزارة المواصلات لإقامة محطات من أجل تحسين توصيل القرى بالمواصلات العامة. يحق للمواطنين العرب في النقب التمتع بشكل متساوٍ بمنالية المواصلات العامة وبالفرص المتاحة بفضلها. انعدام المواصلات العامة ناتج عن وضع البنى التحتية، نظام النقل، شبكة الطرق والمنالية المحدودة لخدمات التعليم. إنّ تطوير البنى التحتية والطرق والمواصلات العامة والتعليم هي حقوق أساسية، تساهم في زيادة معدّلات التشغيل وتنوّع مجالات العمل والرفاه الاقتصادي لسكان النقب العرب.

  1. أسئلة شائعة

ما هي القرى مسلوبة الاعتراف؟

يعيش في النقب نحو 280 ألف مواطن عربي بدوي، يقطن نحو 100,000 منهم في 35 قرية مسلوبة الاعتراف لم تعترف بها الدولة يومًا. يعيش هؤلاء المواطنين بدون بنى تحتية وبدون خدمات أساسيّة، وتحتل هذه الشريحة السكانية أدنى درجات السلم الاجتماعي-الاقتصادي في البلاد. يُضاف إلى كل ذلك خطر هدم البيوت الذي يتربص بالسكان. تنفّذ عمليات الهدم مرارًا وتكرارًا دون حلّ تخطيطي متفق عليه، ودون الاكتراث لحقيقة أنّ السكان الذين فقدوا منازلهم يبقون بين السماء والطارق.

يسكن العديد من السكان العرب في النقب منذ مئات السنين – أي قبل قيام الدولة بسنوات طويلة. يسكن البعض منهم على أراضيهم التاريخية، ويسكن البعض الآخر على أراضٍ نقلتهم الدولة إليها قسرًا أو بمحض إرادتهم. مع ذلك، ولأسباب تاريخية متعلقة بطريقة تسجيل الأراضي التي كانت متّبعة في النقب قبل عام 1948، فهناك نزاع قضائي وسياسي حول موضوع ملكية الأراضي. تستند الدولة إلى هذا النزاع، من جملة أمور أخرى، كذريعة لعدم الاعتراف بهذه القرى.

على مر سنوات، دأبت الدولة على إقامة مئات البلدات للمواطنين اليهود، دون أن تكون لديهم ملكية على الأراضي، وتشجيع مواطنين يهود من جميع أنحاء البلاد على الانتقال إلى النقب. أما بخصوص القرى البدوية، فقد انتهجت الدولة على مدار سنين طويلة سياسة عدم الاعتراف بالقرى، وتركيز السكان في مناطق حضرية لتقليص كمية الأراضي التي يملكها مواطنون عرب. ابتداءً من السبعينات، أقامت الدولة سبع بلدات حضرية في النقب، نقلت إليها نصف السكان البدو تقريبًا. في مطلع الألفية الثالثة، بعد نضال متواصل خاضه السكان، اعترفت الدولة بـ 11 قرية من أصل 46، ولا تزال هناك 35 قرية مسلوبة الاعتراف.

ما هي الصعوبات المعيشية في قرية مسلوبة الاعتراف؟

عندما تكون القرية مسلوبة الاعتراف، يخيّم عليها شبح الإخلاء والتهجير. بالإضافة إلى ذلك، وبانعدام التخطيط – وهو حال القرى المعترف بها والقرى مسلوبة الاعتراف على حد سواء – لا يمكن الحصول على رخص بناء للمباني القائمة عامةً، ويعاني السكان من معدّلات هدم لا مثيل لها في أي مكان آخر في البلاد: ففي السنوات الأخيرة، تُنفّذ في القرى العربية في النقب أكثر من 2,000 عملية هدم في كل سنة.

في القرى مسلوبة الاعتراف، لا توجد تقريبًا مبان عامة كالعيادات – هناك 4 عيادات في 35 قرية – والمنازل غير موصولة بالكهرباء والماء بشكل منظم. يحصل السكان على الماء بواسطة التوصيل بنقاط مركزية تبعد أحيانًا عدة كيلومترات عن منازلهم. الأمر الذي يضر بجودة المياه ويزيد من تسعيرتها بشكل كبير. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ القرى مسلوبة الاعتراف تفتقر تقريبًا للشوارع المعبّدة ولخدمات المواصلات العامة، الأمر الذي يحول دون وصول السكان إلى مراكز الخدمات الحيوية، المؤسسات التعليمية وأماكن العمل في بلدات أخرى. مع أنّ الدولة ملزمة بتوفير خدمات تعليمية للأطفال المقيمين في القرى مسلوبة الاعتراف بموجب قانون التعليم الإلزامي، إلّا أنّ 4,000 طفل تقريبًا، في مرحلة الطفولة المبكرة، أي الفئة العمرية 3-5 سنوات، يبقون في المنزل ولا يذهبون لأي إطار. تدل المعطيات التي نشرتها الكنيست على أنّ معدلات التسرب لدى المواطنين العرب في النقب مرتفعة جدًا. إذ أنّ %30 من الأولاد و %20 من البنات لا ينهون الصف الثاني عشر.

جرّاء سياسات التمييز والإهمال والإقصاء متعددة السنوات، تعاني البلدات العربية البدوية في النقب من الوضع الاقتصادي الأسوأ في البلاد. فالسلطات المحلية البدوية التسع كافةً تحتل أدنى درجات السلم الاجتماعي-الاقتصادي، ويعيش ثلثا السكان العرب في النقب تحت خط الفقر. ومن أسباب ذلك تدنّي نسب التشغيل، بسبب البعد عن المراكز التشغيلية والبنى التحتية السيئة للمواصلات العامة. وذلكم ضمن جملة أسباب أخرى: حيث تصل نسب التشغيل إلى %72 لدى الرجال و %34 لدى النساء (مقابل 85% لدى الرجال و76% لدى النساء في إسرائيل بشكل عام).

ما هي الحلول التي حاولت الدولة طرحها حتى الآن، ولماذا لم تنجح؟

بلورت الدولة على مدار السنوات الماضية عدة مخططات، من بينها تقرير غولدبيرغ وتقرير برافر، وأبرزها مخطط برافر-بيغن لعام 2013 لتنظيم توطين البدو في النقب. اعترف المخطط بحق المواطنين العرب البدو بالعيش الكريم كـ “مواطنين متساوين في الحقوق في دولة إسرائيل”، وأوصى بالاعتراف بالقرى القائمة “قدر الإمكان”. ولكن الفشل الذريع في المخطط نتج عن اشتراط حل مسألة التخطيط بحل إشكالية الملكية على الأرض، وهي قضية معقدة. وقد أثبت الواقع أنّه يمكن حل قضايا السكان قبل حل قضية الملكية على الأرض. في حقيقة الـمر، لم تنطو المخططات التي طرحتها الدولة على حل لائق ومناسب لقضية الملكية، والذي يشمل استكمال إجراء تسجيل الأراضي. وفي الوقت نفسه، فإنّها لم تقدم حلولاً للضائقة المستمرة واليومية الناتجة عن انعدام البنى التحتية، الخدمات وما إلى ذلك.

تعمل الدولة اليوم بموجب القرار 2397، الخطة الخمسية للبلدات البدوية في السنوات 2017-2021. وُضعت الخطة لحل الإشكاليات الاجتماعية والاقتصادية التي تعاني منها القرى المعترف بها في النقب، مع التركيز على مؤشرات التطوير الاقتصادي. إحدى الإشكاليات الكامنة في هذه الخطة هي إغفالها المشاكل الأساسية الناتجة عن عدم الاعتراف بالقرى، لذلك، فإنّ كمية الموارد التي تصل إلى سكان القرى مسلوبة الاعتراف قليلة جدًا.

لماذا لا ينتقل سكان القرى مسلوبة الاعتراف إلى قرى/ بلدات معترف بها؟

يعيش سكان القرى مسلوبة الاعتراف في قراهم منذ عشرات السنين، وأحيانًا منذ مئات السنين. المقترحات التي تقدمها الدولة والضغوطات التي تمارسها على السكان للانتقال إلى بلدة أخرى تعني في كثير من الحالات تفكيك النسيج الاجتماعي وإحداث تغيير جذري في نمط الحياة، من نمط حياة زراعي-ريفي إلى نمط حياة حضري. كما تعني، في بعض الحالات، التنازل عن حقوق الملكية. بالإضافة إلى ذلك وعلى ضوء تقسيم الأراضي بين مدّعي الملكية، فإنّ ذلك يعني في كثير من الحالات أنّ الانتقال إلى بلدة أخرى يعني الاستيلاء على أرض شخص آخر.

 

منشورات حول هذا الموضوع

 

تطوير النقب والجليل – لليهود فقط؟

وجوب توزيع الإيرادات حسب معايير متساوية وموضوعية

تعزيز حضور اللغة العربية في الحيز الأكاديمي الإسرائيلي

ورقة موقف – العقبات أمام منالية المواصلات العامة في البلدات النائية في النقب

الحل لعدم منالية رياض الأطفال في القرى العربية البدوية في النقب. ورقة موقف- كانون الأول 2018

توجّه طارئ لقسم الميزانيات حول موضوع القرى البدوية في النقب خلال أزمة الكورونا

الحل لعدم منالية رياض الأطفال في القرى العربية البدوية في النقب- ورقة موقف

 

 

 

 

منشورات بارزة

منشورات اعلامية في مجال النشاط

Silence is Golden