ما المشكلة؟
توجد في إسرائيل فجوات عميقة في جودة الخدمات التي تقدّمها السلطات المحليّة لسكّانها. ينبع ذلك من مدى قوة السلطات المحليّة وقدراتها الاقتصاديّة، مع التشديد على مسألة المدخولات الذاتيّة في السلطات المحليّة. على ضوء ذلك، فإنّ جودة الخدمات التي تقدّمها البلدات العربيّة لسكّانها تكون متردية، وأقل بكثير من جودة الخدمات في السلطات المحليّة اليهوديّة. ينبع ذلك عن عقود طويلة من التمييز في ميزانيات التطوير وموارد الأرض- بما في ذلك القوى العاملة، الميزانيات والأراضي- والتي أدّت إلى تردّي جودة الخدمات المقدّمة للمواطن في البلدات العربيّة ولجودة الحياة في البلدات العربيّة بشكل عام.
مساحة مناطق نفوذ السلطات المحليّة العربيّة في إسرائيل تشكّل %3.4 فقط من مساحة الدولة، وذلك نتيجة لمصادرة مساحات كبيرة جدًا من الأراضي في العقود الأولى التالية لقيام الدولة، وعدم تخصيص مساحات كافية من الأراضي في العقود التالية، مع أنّ عدد سكان هذه البلدات يبلغ 1.3 مليون نسمة، أي نحو %14 من مواطني الدولة. النقص الحاد في أراضي الدولة ومبنى ملكيّة الأراضي في البلدات العربيّة، بالإضافة إلى عوائق اقتصاديّة وبيروقراطيّة كثيرة أخرى، جميعها تمسّ إلى حد كبير من قدرة السلطات المحليّة العربيّة على إقامة مناطق تجاريّة وصناعيّة ضمن مناطق نفوذها، ونتيجة لذلك، فإنّ المناطق الصناعيّة والتجاريّة التابعة للسلطات المحليّة العربيّة أقل بكثير، قياسَا بالسلطات المحليّة اليهوديّة.
لهذا الوضع تأثير حاسم على حجم مدخولات السلطات المحليّة. في عام 2018، بلغ حجم مدخولات السلطات المحليّة في إسرائيل نحو 86 مليار شيكل جديد. في السلطات المحليّة العربيّة، التي يسكن فيها نحو %14 من مواطني دولة إسرائيل، بلغ حجم المدخولات في السنة نحو 8.3 مليار شيكل جديد فقط، أي أقل بـ 10 أضعاف من حجم مدخولات السلطات المحليّة في إسرائيل. مدفوعات الأرنونا هي مصدر دخل مهم لمؤسّسات الحكم المحليّ، وتأتي غالبًا من المناطق التجاريّة، المصانع، المناطق التشغيليّة ومبانٍ بملكيّة الدولة. وفقًا لتقرير مركز الأبحاث والمعلومات في الكنيست، فإنّ الفجوات في المدخولات من الأرنونا التجاريّة هي من العوامل التي تفسّر الضعف الاقتصاديّ للسلطات المحليّة العربيّة واعتمادها على منح الموازنة التي تقدّمها الدولة- وهي ميزانيات تقدّمها الحكومة للسلطات المحليّة وفقًا لمعايير محدّدة، وذلك بهدف تمكين السلطات المحليّة من تزويد سكّانها بالحد الأدنى من الخدمات.
يدل بحث نشرناه في جمعية سيكوي-أفق عام 2022، بالتعاون مع مركز إنجاز، على أنّ حجم الدخل للساكن في البلدات العربيّة أكبر بـ %60 من حجم الدخل في البلدات العربيّة، وأنّ الفجوات في الدخل تؤثّر مباشرةً على قدرة السلطات المحليّة على تقديم خدمات متنوّعة وعالية الجودة لسكانها.
سكّان البلدات العربيّة يتضرّرون من ذلك مباشرةً، إذ أنّ الخدمات المختلفة التي يتلقونها من السلطة المحليّة أقل كميًّا ونوعيًّا من الخدمات التي تقدّمها السلطات المحليّة اليهوديّة. ففي مجال التربية والتعليم مثلاً: بسبب تدني حجم مدخولاتها، فإنّ حجم استثمار السلطات المحليّة العربيّة في الطالب أقل من نصف حجم الاستثمار في السلطات المحليّة اليهوديّة- هذا يعنيّ كمية أقل من الحواسيب والمعدّات للصفّ، وكمية أقلّ من برامج الإثراء وغير ذلك.
الفجوة في المدخولات الذاتيّة غير نابعة أساسًا من الفجوات في جباية ضريبة الأرنونا على المساكن. في الواقع، فإنّ معظم المواطنين العرب يدفعون الأرنونا (%75) ومعدّل الجباية في ازدياد مستمر منذ أكثر من عقد من الزمن. حتى إذا كان معدّل الجباية في البلدات العربيّة مساويًا للمعدّل في البلدات اليهوديّة (%94)، سيكون بالإمكان تجسير الفجوة بنسبة %35 فقط، وستتبقى نسبة %65- أي أكثر من 1.5 مليار شيكل جديد.
السبب الرئيسيّ لهذه الفجوات هو أنّ حجم المدخولات في السلطات المحليّة اليهوديّة من الأرنونا التجاريّة أكبر بـ 8 أضعاف، قياسًا بالسلطات المحليّة العربيّة. نتيجة لسنوات طويلة من التمييز والذي بسببه تعاني السلطات المحليّة العربيّة من نقص حاد في الموارد والأراضي، لا توجد في السلطات المحليّة العربيّة مساحات كافية من “المناطق المدرّة للدخل”- والتي تدفع أرنونا تجاريّة عالية، مثل المناطق الصناعيّة، التشغيليّة، السياحية والتجاريّة. يدلّ البحث على أنّ إجمالي مساحة المناطق المدرّة للدخل في السلطات المحليّة اليهوديّة في الشرائح العشريّة المتدنية (1-5) يعادل 3 أضعاف المساحة في البلدات العربيّة الواقعة في الشريحة العشريّة نفسها- 9.7 متر مربّع مقابل 2.8 متر مربّع. نتيجة لذلك، تحصل السلطات المحليّة العربيّة على ثُمن المدخولات من الأرنونا التجاريّة، قياسًا بالسلطات المحليّة اليهوديّة.
النقص في الأرنونا التجاريّة نابع، من بين جملة الأمور، من النقص في المساحات المعدّة للمناطق التجاريّة، وذلك بسبب المساحات المحدودة لمناطق النفوذ والنقص في تخصيص الميزانيّات، بالإضافة إلى النقص في أراضي الدولة ومشاكل عديدة أخرى. بالمجمل، %2 فقط من الأرنونا التجاريّة في إسرائيل تصل إلى السلطات المحليّة العربيّة [2]. عانى المجتمع العربي على مدار سنوات طويلة من تمييز صارخ أدّى إلى نقص في المناطق المدرّة للدخل، وبالتالي، إلى ضائقة اقتصاديّة في السلطات المحليّة. لسدّ هذه الفجوة جزئيًّا، ومن أجل ضمان توزيع أكثر إنصافًا لهذه الأموال بناء على معايير جديدة، أقامت الدولة في عام 2016 اللجان الجغرافيّة، المخوّلة بتنفيذ إجراءين رئيسيين: تغيير حدود مناطق النفوذ بين السلطات المحليّة المتجاورة، وإعادة توزيع المدخولات من المناطق المدرة للدخل (على سبيل المثال، مناطق صناعيّة، مناطق تجاريّة، خدمات، قواعد عسكريّة، محاجر وغير ذلك) بين السلطات المحليّة المتجاورة. هذه الآلية قادرة على التعويض جزئيًّا عن التمييز الممارس في المجال منذ سنوات طويلة، ولكن حتى لحظة كتابة هذه السطور، ومع أنّ اللجان تقوم أحيانًا بإعادة توزيع الموارد، وبسبب تعقيدات بيروقراطيّة وتحيّزات سياسيّة، إلّا أنها ما زالت بعيدة كل البعد عن تلبية الاحتياج بما يتماشى مع نطاق التمييز.
الفجوات في مدخولات السلطات المحليّة نابعة أيضًا عن التمييز في جزء كبير من آليات تخصيص الميزانيّات الحكوميّة تجاه السلطات المحليّة العربيّة- بدءًا من منح الموازنة وصولًا إلى ميزانيات الوزارات. على سبيل المثال، في الميزانيات المخصّصة من وزارة التربية والتعليم ووزارة الرفاه والضمان الاجتماعيّ، يزداد عمق الفجوة بسبب طريقة المواءمة التي تشترط تقديم ميزانيات حكوميّة للسلطات المحليّة بتخصيص مبلغ معيّن من ميزانية السلطة- وبالتالي، يتم تفضيل السلطات المحليّة الغنيّة على السلطات الفقيرة. وعليه، فإنّ الميزانية التي تحوّلها وزارة الرفاه والضمان الاجتماعيّ للمستفيد في السلطات المحليّة اليهوديّة تعادل ضعفي الميزانية التي تحوّلها للسلطات المحليّة العربيّة. في الواقع، فإنّ %12 فقط من ميزانيات وزارة الرفاه والضمان الاجتماعيّ التي تحوّل إلى السلطات المحليّة تصل إلى السلطات المحليّة العربيّة (779 مليون شيكل)، مع أنّ %24 من متلقي خدمات قسم الرفاه والخدمات الاجتماعيّة يسكنون في مناطق نفوذها.
للدولة أملاك كثيرة وأراض واسعة ضمن مناطق نفوذ السلطات المحليّة، مثل المشافي، القواعد العسكريّة والوزارات. على غرار الجهات الخاصّة، يتوجّب على الدولة دفع ضريبة الأرنونا للسلطات المحليّة التي تقع مؤسّسات الدولة ضمن مناطق نفوذها. هذه الأرنونا تشكّل مصدر دخل مهم للسلطات المحليّة التي تقع مؤسّسات الدولة ضمن مناطق نفوذها. ولكن توزيع المؤسّسات الحكوميّة في الحيّز غير متكافئ: تنشط ضمن مناطق نفوذ بعض السلطات المحليّة مؤسّسات حكوميّة عديدة، بينما لا تنشط في سلطات محليّة أخرى أي مؤسّسة حكوميّة. على مدار السنوات الماضية، حصلت السلطات المحليّة التي أقيمت ونشطت في مناطق نفوذها مؤسّسات حكوميّة على إضافة دخل كبيرة من أموال الدولة، أمّا السلطات المحليّة التي لم تنشط في مناطق نفوذها أي مؤسّسات حكوميّة، فلم تحصل على أي شيء. وبالتالي، تحصل السلطات المحليّة اليهوديّة على %60.8 من دخلها من الأرنونا الحكوميّة، مقابل %0.4 فقط في السلطات المحليّة العربيّة (النسبة المتبقية تذهب للبلدات المختلطة). في عام 2016، تبنّت الدولة توصيات سيكوي-أفق، وأقامت صندوق تقليص الفجوات من أجل سد هذه الفجوة وضمان توزيع أكثر عدلًا للأموال أو بناءً على معايير مختلفة.
الهدف من وراء إنشاء الصندوق هو إعادة توزيع مدخولات السلطات المحليّة من الأرنونا عن المرافق المملوكة للدولة- مثل المشافي، القواعد العسكريّة والوزارات. ولكنّ ميزانيات الصندوق أقل بكثير من أن تكفي لسد الفجوات في توزيع الأرنونا الحكوميّة بين السلطات المحليّة اليهوديّة والعربيّة. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ جزءًا من المعايير المعتمدة في آلية توزيع منح الصندوق ينطوي على تمييز تجاه السلطات المحليّة العربيّة.
قضية أخرى في هذا الشأن هي القوى العاملة في السلطات المحليّة العربيّة، والتي تعاني، نتيجةً للتمييز القائم منذ سنوات طويلة، من نقص في الكوادر المتمرّسة والمهنيّة، مع تأهيل ملائم ومهارات تكنولوجيّة ملائمة لعصرنا. توجد لهذا الوضع عواقب وخيمة على جودة الخدمات المقدّمة للمواطن، وعلى قدرة السلطة المحليّة على التخطيط لسيرورات طويلة الأجل. في السنوات الخمس الأخيرة، اتخذت خطوات استثماريّة مباركة في هذا السياق، وأضيفت إلى جزء من السلطات المحليّة وظائف مهمّة، ولكنّ السيرورة ما زالت في بدايتها ويقف أمام تنفيذها عدد كبير من العوائق. لتغيير الوضع القائم، هناك حاجة للاستثمار في الموارد والقوى العاملة للسلطات المحليّة على نطاق أوسع بكثير.
نعمل في سيكوي-أفق من أجل تحقيق العدالة التوزيعيّة وتقليص الفجوات التي نشأت بين السلطات المحليّة اليهوديّة والعربيّة على مدار سنوات طويلة. نعمل أيضًا من أجل تحسين وتمكين القوى العاملة في السلطات المحليّة بواسطة إضافة وظائف، إنشاء منتديات مهنيّة وتقديم مرافقة مهنيّة وتدريبات للموظّفين.
لنتعمّق أكثر
+ بسبب التمييز في تخصيص مناطق تجاريّة، صناعيّة وتشغيليّة- تفتقر السلطات المحليّة العربيّة للموارد
من الأراضي في إسرائيل مملوكة للدولة، في حين أنّ سائر الأراضي هي بملكية خاصّة. لأراضي الدولة أهمية قصوى، لأنّه من الأسهل أن تُبنى فوقها مبان وبنى تحتيّة تخدم جميع السكان، مثل المراكز التجاريّة والتشغيليّة، المدارس، الشوارع وصناديق المرضى. في البلدات العربيّة في إسرائيل، هناك نقص حاد في أراضي الدولة- %2 فقط من الأراضي الواقعة ضمن مناطق نفوذ السلطات المحليّة العربية هي بملكية الدولة.
اقرؤوا المزيد
لهذا الوضع آثار عديدة على السلطات المحليّة، من بينها، النقص في المناطق المعدّة للتطوير والمناطق التي يمكن فيها إقامة أو توسيع مناطق تشغيليّة وتجاريّة، وتبقى السلطات المحليّة معتمدة على أصحاب الأراضي الخاصّة من أجل إقامة مناطق مدرّة للدخل. للمناطق التشغيليّة- والتي تضم متاجر، مكاتب ومصانع- أهمية قصوى بالنسبة للسلطات المحليّة، لأنّها تعتبر مصدر دخل مهم من الأرنونا، وهو مصدر رئيسيّ لميزانيات السلطة المحليّة.
اللجان الجغرافيّة التي أقامتها وزارة الداخليّة هي من الأدوات القادرة على تحقيق تغيير سيتيح المجال لتخصيص مزيد من المساحات للمناطق التجاريّة والتشغيليّة للمجتمع العربيّ. مع أنّ الآلية مسيسّة وتتخلّل عددًا من العوائق، إلّا أنّه كلّما كان الطلب المقدّم أكثر مهنيّة- تكون فرص قبوله أكبر، لذلك، أعددنا في سيكوي-أفق دليلًا يساعد على تحسين الطلبات.
اقرؤوا الملخّص
+ السكان العرب يدفعون الأرنونا - ولكنّ الأرنونا على المساكن غير كافية
مدفوعات الأرنونا هي مصدر دخل رئيسيّ للسلطة المحليّة. يبيّن تحليل أجريناه في 2018 أنّ السلطات المحليّة جبت في هذا العام 25.5 مليار شيكل جديد من مدفوعات الأرنونا. أمّا السلطات المحليّة العربيّة، التي يسكن في مناطق نفوذها نحو %14.4 من مواطنين الدولة، فقد جبت في العام نفسه 931 مليون شيكل جديد فقط. أي أنّه %3.6 فقط من مدخولات السلطات المحليّة من الأرنونا.
اقرؤوا المزيد
في عام 2018 دخلت إلى صندوق السلطات المحليّة العربيّة. يتضح من تحليل متوسّط الدخل من الأرنونا للفرد أنّه في العام نفسه، بلغ متوسّط الدخل للساكن في إسرائيل نحو 2,845 شيكل جديد، أيّ ما يعادل 4 أضعاف متوسّط الدخل في السلطات المحليّة العربيّة، الذي بلغ 706 شيكل جديد فقط.
بشكل عام، كلّما زاد معدّل مدخولات السلطة المحليّة من الأرنونا على مبان غير سكنيّة (من قطاع الأعمال، المراكز التجاريّة، المؤسّسات الحكوميّة) عن معدّل مدخولاتها من الأرنونا على المساكن، فإنّ مدخولاتها الذاتيّة تزداد، وقوتها الاقتصاديّة تتعزّز. وذلك لأنّ قيمة الأرنونا على المباني غير السكنيّة أعلى من قيمتها على المباني السكنيّة، بالإضافة إلى ذلك، فإنّ المناطق السكنيّة تكلف الدولة مصروفات أكبر من قيمة المدخولات (بسبب تقديم الخدمات والبنى التحتيّة)، وقيمة الأرنونا على هذه المناطق منخفضة نسبيًّا. في السلطات المحليّة العربيّة، معظم مدفوعات الأرنونا (%68) تأتي من الأرنونا على المساكن (مقابل الأرنونا التجاريّة مثلًا)، أمّا في السلطات المحليّة اليهوديّة، 44% فقط من مدخولاتها هي من الأرنونا على المساكن.
حجم مدخولات السلطة المحليّة من الأرنونا على المساكن يتأثّر بعوامل أخرى. العوامل الأكثر تأثيرًا هي مساحة المنطقة وتسعيرة الأرنونا للمتر المربّع. ولكن هناك عوامل أخرى قد تؤثّر على حجم الدخل، على سبيل المثال، تعدّد السكان المحتاجين. بما أنّه يحق للمحتاجين الحصول على تخفيضات وإعفاءات من دفع الأرنونا، بالتالي، فإنّ البلدة التي يوجد فيها عدد كبير من السكان المحتاجين، تكون مدخولاتها أقل بكثير.
تجدر الإشارة إلى أنّ السلطات المحليّة الفقيرة تواجه قدرًا أكبر من الصعوبات في جباية الأرنونا، لأنّه بالنسبة لعدد كبير من السكان، تشكّل مدفوعات الأرنونا عبئًا اقتصاديًا صعبًا. تحظى بعض العائلات أيضًا بتخفيضات في الأرنونا بسبب وضع خاص، مثل الفقر، الإعاقة أو ظرف عائليّ معيّن. لذلك، في البلدات المدرجة في عنقود اجتماعيّ-اقتصاديّ متدنٍ، من المتوقع أن تكون نسبة مستحقي التخفيضات أعلى. معظم السلطات المحليّة العربيّة فقيرة (تصنّف في الشرائح العشريّة 1-3) و %49 من المواطنين العرب يعيشون تحت خط الفقر- لذلك، يحصل عدد كبير من السكان على تخفيض في الأرنونا، يصل إلى حد الإعفاء التام. على الرغم من هذه التخفيضات، وبما أنّ دفع الأرنونا يشكّل أحيانًا عبئًا ثقيلًا على هذه العائلات بسبب أوضاعها الماديّة الصعبة، ولذلك، تبذل السلطة المحليّة جهودًا أكبر في جباية مدفوعات الأرنونا.
معدّل جباية الأرنونا في السلطات المحليّة العربيّة أقل من معدّل الجباية في السلطات المحليّة اليهوديّة. جودة الخدمات المتدنية التي تلقاها السكان، انعدام ثقة السكان بالمؤسّسات الرسميّة، غياب آليات الجباية والضعف الاقتصاديّ لدى السكان- جميعها تؤثّر على الفجوات في معدّلات الجباية بين السلطات المحليّة اليهوديّة والعربيّة المستضعفة. مع ذلك، طرأ على مر السنين ارتفاعٌ بنسبة %9 على معدّلات الجباية في السلطات المحليّة العربيّة- من %64 في 2011 إلى %73 في 2018. أمّا بالنسبة لمعدّل الجباية في السلطات المحليّة اليهوديّة المدرجة في نفس العنقود الاجتماعيّ-الاقتصاديّ (1-5)، فقد بلغ %94. التقليص التدريجيّ للفجوة القائمة في معدّلات الجباية يجب أن يستمر، وعلى السلطات المحليّة العربيّة تحمّل المسؤولية في هذا الشأن.
ولكنّ الفجوة بين معدّلات جباية الأرنونا على المساكن ليست العامل الوحيد وراء الفرق في ميزانيات السلطات المحليّة. يبيّن تحليل أجريناه في سيكوي-أفق أنّه حتى إذا كان معدّل الجباية في السلطات المحليّة العربيّة مماثلًا لمعدّل الجباية في السلطات المحليّة اليهوديّة، فإنّها ستحتاج لأكثر من 1.5 مليار شيكل إضافيين لتتساوى مدخولاتها من الأرنونا. ذلك يعني أنّ الفجوات تعود أساسًا إلى إمكانات الدفع المنخفضة في السلطات المحليّة العربيّة، نتيجة للنقص في المناطق المدرّة للدخل من الأرنونا على المباني غير السكنيّة.
اقرؤوا الملخّص
+ انعدام الموارد – انعدام الخدمات للساكن
جودة الخدمات التي تستطيع السلطة المحليّة تقديمها للسكان متعلّقة بشكل وثيق بمدخولاتها. بما أنّ مدخولات السلطات المحليّة العربية تشكّل %10 فقط من مدخولات السلطات المحليّة في إسرائيل، فإنّ الإنفاق في السلطات المحليّة العربيّة متدنٍ أيضًا. إنفاق البلدات اليهوديّة على الخدمات المقدّمة لسكانها يزيد عن إنفاق البلدات العربيّة على سكانها بضعفين ونصف تقريبًا. فبينما بلغ إنفاق السلطات المحليّة العربيّة للفرد 5,403 شيكل جديد في عام 2018، بلغ الإنفاق في السلطات المحليّة اليهوديّة في العام نفسه 7,914 شيكل جديد- أيّ أنّه هناك فجوة بقيمة 2,511 شيكل جديد للفرد.
اقرؤوا المزيد
هذا الواقع يؤثّر على الخدمات التي يتلقاها السكان في مختلف المجالات. ففي عام 2018، بلغ متوسّط الإنفاق السنويّ على الطالب في الأطر التعليميّة في السلطات المحليّة اليهوديّة 19,096 شيكل جديد، بينما بلغ الإنفاق في السلطات المحليّة العربيّة 10,957 شيكل جديد فقط- أيّ أنّه هناك فجوة بقيمة 8,139 شيكل جديد للطالب. يزيد ذلك من صعوبة الوضع في السلطات المحليّة المستضعفة- ففي مقارنة أجريناها بين سلطات محليّة مدرجة في عنقود اجتماعيّ-اقتصاديّ متدن (1-5)، اتضح أنّ الإنفاق على الطالب في مجال التربية والتعليم في السلطات المحليّة العربيّة يعادل نصف الإنفاق في السلطات المحليّة اليهوديّة المدرجة في نفس العنقود.
هذا الوضع قائم في خدمات الرفاه أيضًا، والتي يفترض أن تعزز رفاه الفرد والعائلة وتوفّر للأشخاص ذوي المحدوديات أو لأشخاص في ضائقة شبكة أمان تمكّنهم من العيش الكريم. في عام 2018، بلغ متوسّط الإنفاق للمستفيد من خدمات الرفاه في السلطات المحليّة اليهوديّة 5,704 شيكل جديد، مقابل 2,727 شيكل جديد فقط في السلطات المحليّة العربيّة، وفقًا لنتائج بحث أجريناه في سيكوي-أفق، بلغت الميزانيات التي خصّصت للسلطات المحليّة العربيّة من وزارة الرفاه والضمان الاجتماعي في عام 2018 نحو 768 مليون شيكل جديد، أي ما يعادل %13 فقط من ميزانيات وزارة الرفاه والضمان الاجتماعيّ لجميع السلطات المحليّة في إسرائيل، مع أنّ %24 من المستفيدين من خدمات الرفاه يسكنون في مناطق نفوذ السلطات المحليّة العربيّة.
ذلك يعني أنّ السكان العرب يتلقون خدمات أدنى جودة لعائلات في ضائقة وعلاجًا أدنى جودة لأصحاب المحدوديات، يعانون من غياب الأطر المُعدّة لشبيبة في خطر ويعيشون في ظل النقص الدائم في الخدمات الاجتماعيّة لمعالجة المصابين نفسيًّا وحالات الإدمان. ينطبق ذلك أيضًا على الخدمات التعليميّة والتي تنعكس في محدوديّة الاستثمار في المدارس، مبانٍ أقدم، غرف أكثر اكتظاظًا، معلّمين غير مؤهّلين ومرافق تعليميّة متردية.
ميزانيات السلطات المحليّة تؤثّر بشكل مباشر أيضًا على خدمات النظافة، الإضاءة، الصيانة الماديّة والحفاظ على شكل البلدات، وبالتالي، يحظى السكّان العرب ببنية تحتيّة متردية مع شوارع متّسخة، نقص في الأرصفة وأرصفة مهملة، ممرّات مشاة غير سليمة، حدائق عامّة مهملة، إخلاء النفايات وأعمال تنظيف بوتيرة منخفضة، وعدد أقل من المراكز الجماهيريّة، ساحات اللعب، الملاعب الرياضيّة أو مسارات المشي.
اقرؤوا الملخّص
+ نقص القوى العاملة وتراجع جودة الخدمات
أحد العوامل الأكثر تأثيرًا على جودة الحياة في الدولة هو القوة الاقتصاديّة ومدى استقلالية السلطة المحليّة التي يسكنون فيها.
اقرؤوا المزيد
ولكنّ السلطات المحليّة العربيّة مستضعفة ومهملة، قياسًا بالسلطات المحليّة اليهوديّة. الفجوات العميقة في المدخولات الذاتيّة وفي الميزانيّات الحكوميّة بين السلطات المحليّة اليهوديّة والعربيّة، تؤدّي أيضًا إلى نقص حاد في القوى العاملة في السلطات المحليّة العربيّة. لهذا النقص في القوى العاملة أثر طويل الأجل على قدرة السلطات المحليّة على حماية وتعزيز رفاه السكان وحسن حالهم. يتّضح من استبيان أجرته وزارة الداخليّة في السلطات المحليّة العربيّة أنّ معظمها لا تتضمّن أقسامًا للتطوير الاقتصاديّ، تحسين شكل البلدة، العلاقات العامّة والسياحة. بالإضافة إلى ذلك، تطرّقت السلطات المحليّة إلى نقص في الموظّفين المعيّنين في جميع الأقسام، بما في ذلك أقسام الهندسة، التربية والتعليم والوقاية الصحيّة. أشارت أكثر من %80 من السلطات المحليّة إلى أنّها تفتقر لخطة للتطوير الاقتصاديّ.
النقص الحاد في القوى العاملة لا يؤثّر على قدرة السلطات المحليّة على تلبية احتياجاتها اليوميّة والأساسيّة فحسب، إنّما أيضًا، وربما أساسًا، على قدرتها على بناء استراتيجيّة طويلة الأجل للتطوير والاستثمار في مجالات مختلفة، مثل التشغيل، التربية والتعليم، الصحة والمواصلات. ذلك يعني أنّ السلطات المحليّة العربيّة لا تعاني من النقص في القوى العاملة التي تمكّنها من التعامل مع التحديات فحسب، بل تفتقر أيضًا للموارد الأساسيّة المطلوبة للتخطيط الاستراتيجيّ طويل الأجل.
النقص الحاد في القوى العاملة يخلق واقعًا تضطر فيه السلطات المحليّة العربيّة للعمل بغياب أقسام مهنيّة كاملة مسؤولة عن النهوض بمجالات مركّبة داخل السلطة المحليّة، مثل دائرة المناطق الصناعيّة، دائرة التجدّد الحضريّ، دائرة المواصلات أو دائرة البنى التحتيّة. ولكنّ مشكلة القوى العاملة لا تقتصر على عدد العاملين في السلطة المحليّة، بل تشمل أيضًا نطاق المرافقة والتأهيل المتاح للعاملين الحاليين. حتى بتوفّر شاغر وظيفيّ في السلطة المحليّة، لا تحرص الوزارات على التأهيل والمرافقة المناسبين اللذين يزوّدان صاحب الوظيفة بالأدوات المطلوبة لتأدية عمله على أكمل وجه.
قضية أخرى هي غياب البنى التحتيّة والمعدات المناسبة لتأدية عملهم. يفتقر عدد كبير من السلطات المحليّة العربيّة للبنى التحتيّة الماديّة المرتبطة ببيئة العمل، مثل البرمجيّات الرقميّة، الحوسبة، اللوازم المكتبيّة وغرف الجلسات. على سبيل المثال، تفتقر السلطات المحليّة العربيّة لقاعدة بيانات جغرافيّة (GIS)- وهي منظومة معلومات محوسبة تتيح المجال لإدارة المعلومات المتعلّقة بالبنى التحتيّة في البلدة، مثل تصريف المياه، الصرف الصحيّ، الإتاحة، الكهرباء وغير ذلك. قاعدة البيانات تكون غالبًا ضروريّة لإتاحة المجال لقسم الهندسة لأداء عمله الجاري فيما يتعلّق بتوفير المعلومات اللازمة لاستصدار رخص بناء وإدارة عملية إنشاء البنى التحتيّة في الحي.
في السنوات الأخيرة، أدركت الوزارات تدريجيًّا أنّ القوى العاملة في السلطات المحليّة ضروريّة لتحسين قدرتها على تحصيل الميزانيات، التطوّر وتقديم الخدمات للسكّان. في أعقاب ذلك، وفي إطار القرارين الحكوميين 922 و 550 للتطوير الاجتماعيّ-الاقتصاديّ في المجتمع العربيّ، أعلنت بعض السلطات المحليّة عن شواغر وظيفيّة جديدة مثل موظّف مسؤول عن مجال المواصلات العامّة، موظّف مسؤول عن استنفاد الموارد ومخطِّط استراتيجيّ. الهدف من وراء هذه الشواغر الوظيفيّة هو تحسين المواصلات العامّة في البلدات العربيّة التي تعاني من إهمال منذ سنوات طويلة، تعزيز قدرة السلطات المحليّة على استنفاد الموارد المتاحة لها في إطار القرارات الحكوميّة والحرص على إجراء تخطيط استراتيجيّ طويل الأجل من أجل التطوير المستقبليّ للبلدة.
إنّها سيرورة طويلة ومباركة، ولكنّها لا تحلّ المشاكل العميقة الناتجة عن سنوات طويلة من الإهمال والتمييز ضد السلطات المحليّة العربيّة. أولًا، الشواغر الوظيفيّة والامتيازات المشمولة في الخطط تُمنح فقط للسلطات المحليّة الكبيرة حيث تكون الحاجة ماسة وطارئة، ولكنّ السلطات المحليّة الصغيرة تبقى بدون أي حلول. نِسب الوظائف ودرجات الأجور التي حدّدت للشواغر الجديدة لم تتح المجال لتجنيد قوى عاملة بالنطاق والجودة المطلوبين، وحتى أولئك الذين تم توظيفهم، فقد اضطروا لتأدية عملهم بدون آلية مرافقة وتأهيل ملائم يمكّنهم من الاستفادة من الإمكانات الكامنة في هذه الآلية.
اقرؤوا الملخّص
كيف نغيّر؟
+ زيادة القوى العاملة المهنيّة في السلطات المحليّة
نعمل في سيكوي-أفق من أجل تمكين القوى العاملة المهنيّة في السلطات المحليّة العربيّة، زيادة الشواغر الوظيفيّة في الأقسام المطلوبة والمساهمة في استقطاب قوى عاملة مهنيّة ومتمرّسة، مع تأهيل مهنيّ ملائم ومهارات تكنولوجيّة.
اقرؤوا المزيد
من بين جملة الأمور، دعمنا توفير وظائف جديدة لم تكن قائمة من قبل في أقسام الهندسة- مسؤولين عن مجال المواصلات العامة ومخطّطين استراتيجيين، وقد موّلت الحكومة هذه الوظائف في السنوات الأخيرة، بعد أن تبنّت توصياتنا. بالإضافة إلى ذلك، وفي أعقاب نشاطنا في السنوات الأخيرة، نجحنا في ضمان استغلال هذه الوظائف على أكمل نحو ممكن، ولذلك، بادرنا لإقامة وتفعيل منتديات للتأهيل المهنيّ لهذه الوظائف بالتعاون مع الوزارات الملائمة والسلطات المحليّة.
نعمل أيضًا مع الحكومة من أجل تخصيص وظائف إضافيّة للسلطات المحليّة بتمويل من الحكومة. في عملنا مع الوزارات (وزارة الداخليّة، وزارة البناء والإسكان ودائرة التخطيط)، نسلّط الضوء على أهمية تقوية أقسام السلطات المحليّة التي تعاني من نقص حاد في القوى العاملة المتمرّسة، مثل أقسام الهندسة، الحسابات، الرفاه الاجتماعيّ والجباية.
دعمت سيكوي-أفق أيضًا تخصيص وظيفة مسؤول عن استنفاد الموارد في السلطات المحليّة العربيّة، وهي مشمولة في القرار الحكوميّ 922 بخصوص بعض السلطات المحليّة. وظيفة المسؤول عن استنفاد الموارد هي تحسين المدخولات الميزانياتيّة للسلطة المحليّة بواسطة بلورة استراتيجيّة لاستنفاد جميع الموارد في السلطة المحليّة، التقدّم للمناقصات ذات الصلة ومتابعة الإعلانات عن المناقصات. شاركت سيكوي-أفق في تأهيل الموظّفين المسؤولين عن استنفاد الموارد الجديدة وشاركتهم بمواد مهنيّة، أوراق مواقف وأبحاث قد تكون ملائمة لعملهم. كانت لذلك استمراريّة في الخطة الخمسيّة التالية، 550، التي خصّصت ميزانية بقيمة 180 مليون شيكل جديد لتوظيف قوى عاملة في السلطات المحليّة واللجان المناطقيّة، للتأهيل ولتطوير قدرات مهنيّة. نتابع سيرورة تخصيص واستغلال الميزانيات وندعم تطوير المهارات لدى الموظّفين الجدد.
اقرؤوا الملخّص
+ تعديل آلية صندوق تقليص الفجوات سيؤدي إلى تخصيص ميزانيات أكبر
أقامت الدولة في عام 2016 صندوق تقليص الفجوات بهدف إعادة توزيع مدخولات السلطات المحليّة من الأرنونا على مرافق مملوكة للدولة- مثل المشافي، القواعد العسكريّة والوزارات. في الصندوق 500 مليون شيكل جديد، لكن في المحصّلة، يمرّر الصندوق الجزء الأكبر من الأموال للسلطات المحليّة اليهوديّة، المستضعفة منها أقوى بكثير من السلطات المحليّة العربيّة. بالتالي، فإنّ الصندوق لا يؤدي دوره في تقليص الفجوات.
اقرؤوا المزيد
السبب وراء إقامة الصندوق هو أنّ مدفوعات الأرنونا التي تدفعها الدولة على مؤسّساتها (مثل المشافي، المحاكم أو الوزارات) تكون أكبر، ولكنّ هذه الأرنونا لا توزّع بشكل متكافئ. على سبيل المثال، هذه المؤسّسات شبه غائبة في البلدات العربيّة. وبالتالي، تصبح السلطات المحليّة اليهوديّة أغنى من السلطات المحليّة العربيّة: على سبيل المثال، يقع مجمع المباني الحكوميّة للواء الشمال في نوف هغليل، والأرنونا المفروضة على مباني المؤسّسات الحكوميّة تثري صندوق البلدية. بالمقابل، لا توجد في مدينة شفاعمرو- المساوية لمدينة نوف هغليل من حيث المساحة- أي مؤسّسة حكوميّة- ونتيجة لذلك، إلى جوانب عوامل كثيرة أخرى، فإنّ مدخولاتها أقل بضعفين ونصف (70.5 مليون تقريبًا مقابل 188 مليون تقريبًا، لعام 2017). لذلك، فإنّ إقامة الصندوق الذي سيعيد توزيع المدخولات من الأرنونا الحكوميّة هي خطوة صحيحة ومباركة للحكومة.
منذ إقامة الصندوق، تحصل السلطات المحليّة المستضعفة، ومن بينها سلطات محليّة عربيّة، على إضافة دخل كبيرة من الدولة. ولكنّ هذه الإضافة أيضًا لا تقلّص الفجوات العميقة القائمة حاليًّا. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ بعض المعايير التي تعمل بموجبها آلية توزيع منح الصندوق تنطوي على التمييز تجاه المجتمع العربيّ وإقصائه.
وفقًا لبحث أجرته سيكوي-أفق، مركز إنجاز ولجنة رؤساء السلطات المحليّة العربيّة، فإنّ 4 معايير من معايير الصندوق الـ 9، المعتمدة لتخصيص أكثر من %40 من أموال الصندوق- منحازة لصالح السلطات المحليّة اليهوديّة. على سبيل المثال، المعيار الذي يقيس نسبة القادمين الجدد الذين تستوعبهم البلدة يخصّص ميزانيات لسلطات محليّة قويّة نسبيًّا، كنتانيا مثلًا، وليس للسلطات المحليّة العربيّة بالطبع، التي لا تستوعب قادمين جدد. وعلى نحو مماثل، فإنّ المعيار الذي يقيس الهجرة الإيجابيّة ينطوي على تمييز تجاه السلطات المحليّة العربيّة، والتي تعاني من تمييز صارخ في التخطيط، تخصيص الأراضي والتطوير. نتيجة لذلك، فإنّ عدد السكان الذين يغادرون هذه البلدات أكبر من عدد السكان الذين ينتقلون إليها.
اقرؤوا الملخّص
+ زيادة ميزانيات السلطات المحليّة بواسطة توزيع المدخولات
تستفيد بعض السلطات المحليّة من وجود مناطق مدرّة للدخل ضمن مناطق نفوذها- والتي تدرّ أرباحًا اقتصاديًّا على السلطة المحليّة بواسطة الأرنونا. ولكن العديد من السلطات المحليّة الأخرى، ومن بينها السلطات المحليّة العربيّة، تفتقر لمناطق مدرّة للدخل في مناطق نفوذها.
اقرؤوا المزيد
آلية اللجان الجغرافيّة التي أنشأتها وزارة الداخليّة تعالج عدة مواضيع، من بينها توزيع المدخولات من مناطق مدرّة للدخل والنابعة من مرافق حكوميّة مثل المشافي، السجون، المحاجر أو المراكز التجاريّة المناطقيّة. هذه الآلية تمكّن السلطات المحليّة من تقديم طلب لتقاسم المدفوعات من الأرنونا، حتى إذا كانت المرافق تقع على أرضٍ في بلدة مجاورة.
تحقّق ذلك في مصافي التكرير في حيفا، والتي مع أنّها تقع على أرض تابعة لبلدية حيفا، إلّا أنّها تعتبر عقارًا لوائيًّا يدرّ دخلًا كبيرًا من شأنه المساهمة في ازدهار المنطقة بأكملها.
نؤمن في سيكوي-أفق بأنّ آلية اللجان الجغرافيّة قد تشكّل خطوة مهمّة نحو تقليص الفجوات القائمة حاليًا بين السلطات المحليّة اليهوديّة والعربيّة. لذلك، نعمل مع السلطات المحليّة العربيّة لمساعدتها على تقديم الطلبات لوزارة الداخليّة بواسطة كتابة الطلب بالمبنى الصحيح، المرافقة في كتابة التقرير وتحسين فرص قبول الطلب، ونعمل أيضًا مع الوزارات من أجل تغيير معايير صندوق تقليص الفجوات التي تنطوي على تمييز تجاه السلطات المحليّة العربيّة ولضمان توزيع منصف يقلّص الفجوات بأثر رجعيّ.
اقرؤوا الملخّص
+ تعديل آلية تخصيص الأراضي
نؤمن في سيكوي-أفق بأنّ إحدى المشاكل الرئيسيّة المؤدية للاكتظاظ السكانيّ والضعف الاقتصاديّ في السلطات المحليّة العربيّة هي النقص في الأراضي في البلدات العربيّة. لذلك، وإلى جانب المطالبة بتقوية السلطات المحليّة العربيّة بواسطة زيادة الميزانيات، تعديل آليات التخصيص وتمكين القوى العاملة، ندعو لزيادة مساحات مناطق النفوذ في السلطات المحليّة.
اقرؤوا المزيد
مساحة مناطق النفوذ التابعة لـلسلطات المحليّة العربيّة في إسرائيل، وعددها 79، تشكّل نحو %3.4 فقط من مساحة الدولة. ينطوي هذا الوضع على إشكاليات كبيرة للسلطات المحليّة أيضًا، التي يصعب عليها إيجاد مساحات لإقامة مناطق تجاريّة أو تشغيليّة كبيرة. يخلق ذلك واقعًا مركّبًا حيث إنّ مصادر دخل السلطات المحليّة لا تزداد، وقدرتها على تقديم خدمات حيويّة، مثل إزالة المخاطر داخل حدود البلدة، تقديم خدمات النظافة، صيانة المباني العامّة تتراجع شيئًا فشيء.
منذ عام 2016، شكّلت وزارة الداخليّة 6 لجان جغرافيّة مخوّلة باتخاذ إجراءين رئيسيين: تغيير حدود مناطق النفوذ بين السلطات المحليّة المتجاورة، وإعادة توزيع المدخولات من المناطق المدرّة للدخل (مثل المناطق التشغيليّة، التجاريّة، الخدمات، القواعد العسكريّة، المحاجر وغير ذلك) وبين السلطات المحلية القريبة من بعضها البعض (انظروا الفصل التالي).
نعتبر في سيكوي-أفق هذه الآلية بادرة مهمة لتعزيز التطوير الاقتصاديّ، البلديّ والحضريّ في البلدات العربيّة. نؤمن بأنّه إذا عملت هذه الآلية على أحسن وجه ممكن، سيكون من شأنها توفير حل جزئيّ للمشكلة الجديّة التي تعاني منها البلدات العربيّة بسبب التمييز الممارس منذ سنوات طويلة: النقص في مصادر الدخل الذاتيّة بسبب النقص في المساحات المتاحة لتطوير التشغيل، التجارة والإسكان.
في إطار هذا المشروع، نعمل مع الوزارات ومؤسّسات التخطيط بهدف تعديل هذه الآلية وتحسين قدرة البلدات العربية على تأدية عملها الجاريّ في هذا الإطار. وفي هذا المضمار، نعمل مع وزارة الداخليّة من أجل تعديل معايير اتخاذ القرارات المهنيّة للجان الجغرافيّة، التي تميّز حاليًا ضد البلدات العربيّة، وذلك لملاءمتها لخصائصها، ومن أجل زيادة الشفافية في آلية عمل اللجان. لتحقيق ذلك، نكتب أوراق مواقف، نجري مسحًا للمناطق التي تكمن فيها إمكانات توزيع المدخولات وتوسيع مناطق النفوذ، نقيم لقاءات مرافعة مع الوزارات ونزوّد السلطات المحليّة بالأدوات التي تمكّنها من العمل بنجاعة أمام الآلية والجهات المناسبة.
اقرؤوا الملخّص