سيكوي-أفق للمساواة والشراكة (ج م)

لتنزيل المنشور بتنسيق PDF

كلمة المديرين العامين

تصدر ورقة الموقف هذه في فترة معقّدة بما يتعلق بمكانة اللغة العربية في إسرائيل. من ناحية، نقف اليوم على مسافة سنتين من تشريع “قانون القومية” الذي مسّ بقدر كبير بمكانة اللغة العربية، وانطوى على رسالة إقصائية للمواطنين العرب. هذه الخطوة تقلّل من مكانتهم كمواطنين متساوين في الحقوق وكأقلية قومية، ومن مكانة اللغة العربية كلغة رسمية. منذ تشريع قانون القومية، أجريت ثلاث حملات انتخابية بلغت ذروات سلبية جديدة من حيث مستوى التحريض ومحاولات نزع الشرعية عن المواطنين العرب. أخيرًا، كشفت الأزمة الصحية والاقتصادية الناتجة عن تفشي وباء الكورونا في إسرائيل والعالم عن انعدام منالية الخدمات الحكومية والعامة باللغة العربية، وعن الأثر السلبي لذلك على المواطنين في حياتهم اليومية. هذه الظواهر مقلقة وتهدّد مكانة اللغة العربية وحضورها في الحيز العام في إسرائيل، على المستوى الإدراكي-الرمزي وعلى المستوى العملي.

لكن من ناحية أخرى، تعززت في هذه الفترة نزعات إيجابية عديدة، التي تحوّل الحيز العام في إسرائيل إلى حيز أكثر تشاركًا: في العقد الأخير، انخرط المزيد من المواطنين العرب في فضاءات عمل جديدة، الأمر الذي يزيد من إمكانيات الالتقاء بمواطنين يهود، وقد ازداد أيضًا حضور اللغة العربية في الحيز العام وفي الخدمات العامة. أحد الأمثلة البارزة على ذلك هو إضافة اللغة العربية على واجهات الحافلات التي تفعّلها خدمات المواصلات العامة في جميع أنحاء البلاد، وفي محطات القطار- وهذه إنجازات تفتخر جمعية سيكوي بمساهمتها في تحقيقها.

جمعية سيكوي هي منظمة مشتركة لمواطنين يهود وعرب، أخذوا على عاتقهم مهمّة تعزيز المساواة والشراكة بين المواطنين العرب واليهود في البلاد في جميع المجالات وعلى جميع المستويات.  تعمل الجمعية منذ عام 1991 مع وزارات، مؤسسات حكومية، مؤسسات الحكم المحلي والجمهور الواسع، بغية إحداث تغيير جذري في السياسات الحكومية تجاه المواطنين العرب، وخلق واقع يتيح المجال لبناء مجتمع مشترك ومتساوٍ.

في بداية طريقها، تمحور عمل الجمعية حول تعزيز المساواة في الموارد. مع مرور الوقت، أدرك نشطاء الجمعية أنّ المساواة في الموارد غير كافية، بالرغم من أهميتها الكبيرة، وأنّ هناك حاجة لبناء مجتمع مشترك، يشعر فيه المواطنون العرب بالانتماء للحيز العام، الذي يبثّ رسالة احترام واحتواء تجاه المواطنين العرب.

على ضوء ذلك، أخذت جمعية سيكوي على عاتقها مسؤولية تعزيز حضور اللغة العربية في الحيز العام، كخطوة ضرورية وملحّة نحو إنشاء مجتمع مشترك ومتساوٍ. إنّ توسيع نطاق تواجد وحضور اللغة العربية في الحيز العام يساهم في تقديم خدمات أفضل للمواطنين العرب بلغتهم الأم، ولكن الأهم من ذلك- أنّه يوصل رسالة مهمّة جدًا للمجتمع بأكمله. تعزيز حضور اللغة العربية يمنح المجتمع العربي الشعور بالتقبّل، وبأنّه جزء لا يتجزأ من هذا الحيز، الذي يحتويه ويحترم لغته. أما المجتمع اليهودي، فسيدرك أنّ اللغة العربية ليست لغة العدو، بل لغة خُمس مواطني الدولة، الذين يستحقون خدمات ومكانة متساوية في الحيز العام. تزداد أهمية هذه الرسالة مع زيادة حضور وانخراط المواطنين العرب في مجالات العمل المختلفة، التعليم العالي، الإسكان والأماكن الترفيهية، وتؤدي دورًا حاسمًا في تعزيز النزعات التي ستساهم في تحسين العلاقات بين المجموعتين، بدلًا من مفاقمتها.

بناء مجتمع مشترك يستلزم حتمًا إنشاء حيّز مشترك وتعزيز حضور اللغة العربية في الحيز العام، من بين جملة الأمور. تعمل جمعية سيكوي على تحقيق هذا الهدف في مختلف الفضاءات التي نعتبرها مهمّة على المستويين العام والثقافي، والتي يحدث فيها لقاء يومي بين العرب واليهود. هنا، اخترنا التعمق في مجال المتاحف، والتي تشكّل حيزًا من هذا النوع.

المتاحف هي منبر مهم للغاية: هي عبارة مؤسسات ثقافية عامة، تلعب دورًا مركزيًا وأساسيًا في بلورة الخطاب العام حول الهوية، القيم والمجتمع، وفي رسم صورة الواقع المرغوب به في المجتمع. أضف إلى ذلك أنّ جزءًا كبيرًا من تمويل المتاحف هو تمويل عام، الأمر الذي يزيد من واجبها لتقديم خدمات متكافئة بشكل كامل لجميع السكان. تسعى هذه المؤسسات مرارًا وتكرارًا إلى تمثيل قيمة التعددية ومحبة الآخر. يقصد المتاحف سنويًا عشرات آلاف المواطنين، من بينهم مواطنون عرب من فئات عمرية مختلفة، بما في ذلك طلاب المدارس الابتدائية. لذلك، فإنّ حضور اللغة العربية في المتاحف مهم للغاية، إذ يمثّل موقفًا ثقافيًا قيميًا، ويشكّل آلية عمل لتعزيز شعور المواطنين العرب بالانتماء للحيز، إلى جانب القدرة الفعلية على التنقل في أرجاء المتحف والاستمتاع بهذه التجربة.

لكتابة هذه الورقة، أجرينا فحصًا لمدى حضور اللغة العربية في المتاحف، وتمكّنا من خلاله من مسح المعوقات والمسببات لواقع الإتاحة الحالي. ثم فصّلنا سلسلة من التدابير الناجعة والتوصيات لصناع القرار والمدراء العاملين في المجال بغية تحسين الوضع.

أجري الفحص الأولي لمسألة الإتاحة بواسطة مسح عينيّ فحص بشكل معمّق حضور اللغة العربية في 20 متحفًا في مختلف أنحاء البلاد. زار مندوبو سيكوي المتاحف، وفحصوا بواسطة معايير محددة مدى ومستوى حضور اللغة العربية في اللافتات، المواد التوضيحية، الخرائط، الأفلام المعروضة في المتاحف، الإرشاد الصوتي، الجولات الإرشادية والأفلام القصيرة. في الوقت نفسه، تم أيضًا فحص الخدمات الهاتفية والرقمية للمتاحف ومدى حضور اللغة العربية على مواقع الإنترنت وصفحات المتاحف على مواقع التواصل الاجتماعي.

يؤسفنا القول إنّ النتائج كانت مخيّبة للآمال، خاصة بالنسبة للمؤسسات التي تتباهى بقيمها التعددية وطموحاتها التربوية والتثقيفية:

يتضّح من الفحص الذي أجريناه أنّ معظم المواطنين العرب الذين يزورون المتاحف في البلاد يتلقون معلومات جزئية وغير متاحة بلغتهم الأم، ولكن الأخطر من ذلك هو الشعور والرسائل المخفيّة بأنّ هذه الأماكن تقصيهم ولا ترغب بوجودهم. بالمقابل، فإنّ الرسالة التي تصل للزوار اليهود هي أنّ هذه المؤسسات التربوية العامة لا ترحب بالمواطنين العرب، بالرغم من استحقاقهم لحضور متساوٍ ولائق، مما يجعلهم يتصورون الزوار العرب دخلاء على الحيّز المتحفي. تتمة لفحص وضع الإتاحة، وجدنا أنّ هناك معوقات ومسببات كثيرة للوضع الحالي، من بينها: انعدام سياسة متجانسة وإجراءات واضحة فيما يتعلق بالإتاحة باللغة العربية، عدم إدراج موضوع الإتاحة في أعلى سلم أولويات الميزانية، انعدام الرقابة على تطبيق الأنظمة، نقص في استخدام وسائل مساعدة رقمية تتيح المجال لدمج عدة لغات، وغير ذلك.

هذه الورقة لا تقتصر على وصف الواقع وتحليله، بل تشمل أيضًا توصيات مفصّلة وقابلة للتطبيق لإحداث تغيير في حضور اللغة العربية في المتاحف، نحو حضور متساوٍ للغة العربية في هذا الحيز العام المهم. لتطبيق التوصيات التي صيغت في ورقة الموقف هذه، باشرنا بسيرورة مرافعة ومرافقة أمام إدارات المتاحف الرئيسية في البلاد. في إطار نشاطنا حتى الآن، بادرنا لسيرورة تواصل مستمر مع العديد من مدراء المتاحف الكبرى في إسرائيل، الذين أعربوا عن استعدادهم لتعزيز حضور اللغة العربية في المتاحف. هذه الرسالة مفرحة، لكنها غير كافية. نتوقع من مدراء المؤسسات اتخاذ التدابير اللازمة للبدء فورًا بإحداث التغييرات واسعة النطاق، ممّا يضمن المساواة الكاملة في حضور اللغة العربية في أنشطة المتاحف في إسرائيل.

سنتابع المبادرة لعقد لقاءات مع الجهات ذات الصلة في المتاحف المختلفة، وننوي طرح هذه المسألة على الأجندة العامة، من خلال هذه الوثيقة أيضًا. نودّ التشديد على أنّ إضافة اللغة العربية إلى المتاحف المختلفة لن تشكّل خطوة استثنائية في واقعنا الحالي، وحسب الفحص الذي أجريناه، فإنّ المتاحف لا تزال متأخرة في هذا المجال. في السنوات الأخيرة، يسعى صناع القرار في المؤسسات العامة، ومن بينها المؤسسات الحكومية، لدعم سياسات لإضافة وتعزيز حضور اللغة العربية بشكل متكافئ في العديد من المجالات. وقد طبّقت هذه السياسات في قطار إسرائيل، في الحافلات، في المطارات، في الحدائق العامة التابعة لسلطة الطبيعة والحدائق وفي أماكن عامة عديدة أخرى.

وهنا، تبرز بشكل صارخ المحافظة على هيمنة اللغة العبرية في المتاحف تحديدًا، التي تدعي أنّها تشكّل حيزًا يتعدى حدود الواقع اليومي، وتتخذ موقفًا قيميًا تعدديًا حيال القيم المرغوبة في المجتمع.

الوثيقة هي ثمرة جهود مشتركة ومتواصلة لعدة أشخاص. نتقدم أولًا بجزيل الشكر لبشير منصور، الذي أجرى الجزء الأكبر من المسح في المتاحف في جميع أنحاء البلاد بشكل منهجي ومهني، لمركّزة مشروع الحيز العام المشترك في جمعية سيكوي حتى نهاية عام 2019، ولحنان مرجية، التي قادت بإصرار ونجاح السيرورة التي خاضتها جمعية سيكوي لتعزيز حضور اللغة العربية في الحيز العام المشترك، وقادت البحث والصياغة الأولية لورقة الموقف هذه بمهنية عالية. شكر خاص لعيدان رينغ، المدير المشارك لقسم المجتمع المشترك في جمعية سيكوي، الذي بادر للبحث وأجراه بمهنية ودقة عاليتين، ولطاقم قسم المجتمع المشترك: خلود إدريس، المديرة المشاركة للقسم، لوريا دلة، مديرة مشروع الحيز العام المشترك منذ بداية 2020، ويعلاه مازور، مركّزة مشروع التربية للحياة المشتركة، على مساهمتهم في إعطاء تقييم وتحسين الوثيقة.

نتقدّم بجزيل الشكر أيضًا لمدراء المتاحف الذين التقينا بهم في إطار كتابة الوثيقة، بروفسور عيدان برونو من متحف إسرائيل في القدس، السيدة تانيا كوهين عزريئيلي من متحف تل أبيب للفنون، السيد عامي كاتس مدير متحف إسرائيل، السيدة هيلا بيليد مديرة قسم التربية في متحف هرتسليا، السيد غيل عومر، مدير متحف الأولاد الإسرائيلي في حولون، السيد إلعاد أزولاي، من متحف هلونيداع في بئر السبع، على انفتاحهم واستعدادهم لإجراء التغييرات اللازمة لتعزيز حضور اللغة العربية في المتاحف التي يديرونها، وعلى تعاونهم ومشاركتهم لنا المعوقات والتحديات التي تقف أمام تنفيذ هذه المهمة. شكر خاص لد. حسني الخطيب شحادة، على الاستشارة والمساهمة في بلورة التوصيات.

نأمل أن تساهم قراءة هذا البحث في تعميق إدراككم للواقع، وأن تشكل رافعة لسيرورة واسعة النطاق لتغيير الوضع القائم وتعزيز حضور اللغة، الثقافة والفنون العربية في المتاحف والمؤسسات الثقافية في جميع أنحاء البلاد، مما يصب في مصلحتنا جميعًا، يهودًا وعربًا على حد سواء.

مع خالص الاحترام،

أمجد شبيطة وعوفر دغان

المديران المشاركان، جمعية سيكوي

الفصل 1 مدخل – اللغة العربية في الحيز العام

إنّ بناء مجتمع مشترك ومتكافئ للمواطنين اليهود والعرب في إسرائيل يرتكز على عدة عوامل مهمة، من بينها الحضور المتكافئ للغة العربية في الفضاءات العامة، كحضور اللغة العبرية. عامل مهم إضافي هو الإتاحة المتكافئة للموارد العامة، المادية والفكرية، لجميع السكان في إسرائيل.

الفضاءات العامة المشتركة هي فضاءات ينشأ فيها تواصل مباشر بين المواطنين العرب اليهود وجميع شرائح المجتمع. هذه الفضاءات العامة متواجدة في العديد من المجالات الحياتية، من بينها المتنزّهات والحدائق العمومية، المحاكم، المؤسسات الصحية، مؤسسات التعليم العالي، المؤسسات الثقافية والفنية، المواصلات العامة والمراكز التجارية والأماكن الترفيهية. بسبب الفصل السائد في مجالي الإسكان والتربية والتعليم، فإنّ الفضاءات العامة أعلاه هي الفضاءات الرئيسية التي يحدث فيها تواصل مباشر بين الأقلية العربية والأغلبية اليهودية.

لافتة متعددة اللغات في محطة قطار إسرائيل

مع أنّ هذه الفضاءات مخصّصة لليهود والعرب على حد سواء، إلّا أنّها كثيرًا لا تكون متاحة للناطقين بالعربية، مع أنّ المواطنين العرب يشكلون نحو خُمس سكان الدولة. إنّ غياب اللغة العربية، حضورها الجزئي أو استخدامها المغلوط، يتسبّب بإقصاء المواطنين العرب عن هذه الفضاءات المشتركة. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ إقصاء ثقافة وتراث وتاريخ الجمهور العربي من الحيز العام يرسّخ التمييز القائم في الموارد والميزانيات. يساهم هذا الواقع في تعميق الفجوة بين الجمهورين اليهودي والعربي، وتعزيز مشاعر الاغتراب والعداء السائدة بينهما على خلفية الصراع القومي المستمر.

هناك أهمية قصوى لإتاحة هذه الفضاءات للمواطنين العرب، الذين يشكّلون نحو خُمس سكان الدولة. الأقلية العربية هي الأقلية الأصلانية الأكبر من بين مواطني الدولة. أبناؤها وبناتها ولدوا هنا، ولغتهم هي جزء مهم من الثقافة والحيز، بل ومُنحت مكانة “خاصة” وأحيانًا “رسمية” أيضًا في المؤسسات القانونية والقضائية. الحضور المتكافئ للغة العربية في الفضاءات العامة سيساهم في تطوير حوار واحترام متبادل بين المجموعات المقيمة هنا، إلى جانب تعزيز الهوية الثقافية والوطنية الخاصة بهذه المجموعة الأصلانية.

هناك شرائح سكانية أخرى من بين المواطنين اليهود في البلاد، الذين لا يتحدثون اللغة العبرية كلغة أم. بالنسبة لهذه الشرائح، فإنّ اللغة العبرية هي جزء لا يتجزأ من هويتهم الوطنية والجماعية. ولكن الأمر ليس كذلك بالنسبة للعرب، الذين يعتبرون اللغة العبرية لغة دخيلة على هويتهم الجماعية والوطنية. بالمقابل، للغة العربية حضور ثقافي وتراثي لدى العديد من اليهود في البلاد، لذلك فإنّ لحضورها في الحيز العام قيمة مضافة من حيث قدرتها على التجسير والربط بين العرب واليهود.

إنّ تعزيز حضور اللغة العربية سيساهم في بناء مجتمع مشترك وفي الحد من الانقسام الثنائي للحيز، وسيمكّن المواطنين العرب من الشعور بالانتماء في الحيز المادّي العام المشترك لجميع مواطني الدولة. إنّ إتاحة الحيز للجمهور العربي سيخلق واقعًا يُشعر المواطن العربي بأنّه جزء من المكان، وسيدرك الجمهور اليهودي أنّ اللغة العربية هي طبيعية ومدنية وجزء لا يتجزأ من الحيز. الحيز الأكثر تكافؤًا سيقرّب بين المواطنين العرب والأغلبية اليهودية، وسيحدّ من مشاعر الاغتراب والعنصرية السائدة بينهم.

الحيز المتحفيّ

وفقًا لمركز الأبحاث والمعلومات في الكنيست[1]، ينشط في إسرائيل أكثر من 200 متحف، صالة عرض ودار للفنون، والتي تضم مئات آلاف الأعمال الفنية والآثار، من كنوز الموروث الثقافي، التاريخي والفني للبلاد. من بينها، هناك 55 متحفًا معترفًا به وفقًا لقانون المتاحف لعام 1983. لم يقم حتى الآن أي متحف معترف به في بلدة عربية، برغم من تأسيس متاحف محلية بملكية خاصة على مر السنين، وهذه نتاج مبادرات مستقلة لم تحظ برعاية الدولة.

معظم المتاحف في إسرائيل أقيمت من قبل جهات خاصة وبمبادرات محلية، بدون جسم توجيهي أو سياسة منظمة. في عام 1983، ومع ازدياد عدد المتاحف، سنّت الكنيست قانون المتاحف، لعام 1983، الذي ينظّم نشاط المتاحف في إسرائيل. بعد ذلك، تحديدًا في عام 1984، وضعت الأنظمة التالية للقانون والتي تحدد تعريف المتاحف، خصائصها وآليات إدارتها.

المتاحف هي فضاءات عامة مشتركة ذات أهمية قصوى، وهي معدّة لإتاحة الكنوز الثقافية والفنية لجميع سكان البلاد. تشكّل المتاحف موردًا قيّمًا لاكتساب المعرفة وتوسيع الآفاق، وِجهة مركزية للرحلات المدرسية وحيزًا ترفيهيًا للعائلات، الطلاب والمتقاعدين. المتاحف هي حيز ترفيهيّ مثرٍ يساهم في تثقيف زواره وتوسيع آفاقهم، خاصة للأطفال والشبيبة الذين ستساهم زيارتهم للمتحف في نموهم الشخصي والروحي.

إنّه مورد عام مهم ومموّل غالبًا من أموال الجمهور الذي يدفع الضرائب، ومن خلال التمويل العام ومنح الوزارات والسلطات المحلية، الشريكة في إدارته. لذلك، يجب إتاحة هذا المورد العام، ليحقق هدفه ويكشف الستار عن الكنوز الثقافية والفنية الوفيرة لجميع السكان – بما فيهم الأقلية العربية. هذه الحاجة ملحّة جدًا لأنّ معظم المواطنين العرب يسكنون في الضواحي الجغرافية والاقتصادية البعيدة عن المراكز الثقافية والفنية، والتي تعاني من شحّ المؤسسات الثقافية والمتاحف المتاحة للمجتمع العربي. إنّ قدرة الجمهور العربي على استهلاك الثقافة والفنون متعلقة بدرجة كبيرة بالطريقة التي تعتمدها المؤسسات الثقافية الكبرى والرئيسية لإتاحة وتسويق أنشطتها باللغة العربية.

اللغة الأم للمواطنين العرب هي اللغة العربية، ويحق لهم اكتساب المعرفة الثقافية والفنية بمستوى عالٍ بلغتهم الأم. وذلك لأنّ شرائح كبيرة في المجتمع العربي لا تجيد اللغة العبرية بشكل تام، لكونها لغة ثانية بالنسبة لهم. إنّه مجتمع خاص ومركّب، ويحق لأفراده الاستمتاع بجميع المتاحف والمؤسسات الثقافية، المتاحة لهم، على جميع أشكالها.

أكثر من 80 بالمئة من السلطات المحلية العربية تعتبر مهمّشة، ونحو نصف العائلات العربية تقبع تحت خط الفقر. تدل هذه الحقيقة على عمق اللامساواة الاجتماعية والاقتصادية بين اليهود والعرب، والتي تنعكس، من بين جملة الأمور، في مستويات الدخل المختلفة وفي العقبات أمام منالية التعليم العالي. هذه الفجوة، الناتجة عن أسباب متعلّقة بالتمييز المادي الممنهج ومتعدد السنوات تجاه المجتمع العربي والسلطات المحلية العربية، تؤثّر سلبًا على منالية المؤسسات الثقافية والفنية للمواطنين العرب. في ظل هذه الأوضاع، كان يتوقّع من المتاحف زيادة التزامها حيال إتاحة العالم الثقافي للمجتمع العربي، بحكم دورها الاجتماعي.

في ظل شحّ المؤسسات الثقافية والفنية في المجتمع العربي، نتيجة الفجوات في مجال التربية والتعليم وتخصيص الموارد، هناك أهمية قصوى لإتاحة المتاحف باللغة العربية، لكشف أبناء الشبيبة العرب على المتاحف، ومنحهم الفرصة للاستمتاع بعالم الثقافة والفنون.

التوجّه السائد لدى الكوادر التربوية في البلاد والعالم[2] هو أنّ انكشاف الأطفال وأبناء الشبيبة على النشاط المتحفي هو أداة لتوسيع آفاقهم وعالمهم الثقافي، ومورد للإثراء الفكري والروحي. الالتقاء بعالم المتاحف من شأنه مساعدة الطلاب على تطوير مهارات التقييم، تطوير الذوق الشخصي، تعزيز تداخلهم الاجتماعي، تحسين مهارة الإصغاء للآخرين وإنشاء بنية تحتية ثقافية مشتركة.

جزء كبير من زوّار المتاحف هم أطفال من المجتمع العربي، ويزورونها في إطار رحلات مدرسية، أو كزوار فرديين مع عائلاتهم. العديد من الأطفال العرب لا يجيدون اللغة العبرية بشكل كامل، الأمر الذي يزيد من ضرورة حضور اللغة العربية في المتاحف. حضور اللغة العربية في المتاحف يحمل رسالة مهمة، مفادها أنّ الثقافة المتحفية هي أيضًا مُلك للمجتمع العربي. ينطبق ذلك أيضًا على رواد المتاحف العرب كبار السن، الذين يجيدون اللغة العبرية بمستوى أقل.

نعرف أنّ مستوى إتاحة المتاحف باللغة العربية مرتبط بقضية أوسع، وهي توزيع الموارد والميزانيات. يعاني مجال الثقافة والفنون، ومن ضمنه المتاحف، من شح الميزانيات على مدار سنوات طويلة، والذي تفاقم مؤخرًا في ظل أزمة الكورونا في عام 2020. مع ذلك، نؤمن بأنّ المسألة هي مسألة أولويات، ولذلك، فإنّ التركيز على موضوع إتاحة المتاحف باللغة العربية، واعتباره رسالة مجتمعية، سيساهمان في وضع حلول مالية من شأنها زيادة عدد الزوار العرب، وبالتالي، زيادة إيرادات المتاحف. غالبية المتاحف الكبرى في إسرائيل تقع في المدن المختلطة والمتمكّنة اقتصاديًا. نعتقد في سيكوي أنّ مدراء المتاحف وصنّاع القرار في السلطات المحلية وفي وزارة الثقافة مسؤولون عن خلق حيّز متكافئ في المتاحف، والذي لا يقصي المواطنين العرب ولغتهم. نؤمن بأنّه من أجل خروج الزائر العربي من المتحف مع شعور بالاكتفاء من التجربة الممتعة والمثرية، والرغبة في العودة – يتوجب على صناع القرار السعي لإتاحة هذا العالم الثقافي باللغة العربية، وملاءمته للزوار من المجتمع العربي. على ضوء ذلك، قررنا إعداد ورقة السياسات هذه، التي تهدف إلى تعزيز وتحسين إتاحة المتاحف في إسرائيل للجمهور العربي.

الفصل 2 – مسح لحضور اللغة العربية في المتاحف في إسرائيل

هدف المسح وسَيره

الوثيقة التي أمامكم تشكّل ورقة سياسات وأداة عمل تساعد صناع القرار في السلطات المحلية وفي وزارة الثقافة، والباحثين والنشطاء في المجال، على إتاحة المتاحف والمؤسسات الثقافية الريادية لجمهور الزوار من المجتمع العربي، لإيصال رسالة احتواء، تقبّل وانتماء. النتائج الواردة في ورقة السياسات هذه تستند إلى مسح عرضي نموذجي أجري من قبل طاقم سيكوي في 20 متحفًا مركزيًا في البلاد خلال السنتين 2018-2019. أجري في كل متحف فحص عدة مؤشرات، وبحسبها تم تقييم مدى إتاحة كل متحف للمجتمع العربي، ثم أجري تقييم عام لمسألة الإتاحة في مجال المتاحف بأكمله. تتمة لعرض وتحليل النتائج، تفصّل هذه الوثيقة العقبات التي تقف أمام المتاحف الراغبة في تحسين إتاحتها للجمهور العربي، وتطرح عليها حلولًا وتوصيات لتحسين الوضع.

الهدف من وراء المسح الذي أجري قبل إعداد ورقة السياسات هذه هو فحص ومسح حضور اللغة العربية، وإتاحة المتاحف المركزية في إسرائيل للزوار العرب باللغة العربية. إن تحقيق المساواة في المتاحف، وهي فضاءات عامة مشتركة ذات أهمية خاصة، يخدم مصلحة جمهور الزوار الناطقين بالعربية وجمهور الزوار الناطقين بالعبرية. زيادة عدد زوار المتاحف من المجتمع العربي ستخدم مصلحة جميع السكان، وذلك لأنّها ستتيح وتكشف كنوزًا معرفية مهمة لخُمس سكان الدولة، وستساهم في تقليص الفجوات الاجتماعية والاقتصادية. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ زيادة عدد الزوار ستزيد من إيرادات المتاحف، وستدعم المجال الثقافي والمتحفي، لصالح المجتمع كلّه، كما وستساهم في تقبّل الجمهور اليهودي للغة العربية كمركّب شرعيّ ومهم في الحيز العام في إسرائيل. الحقيقة بأنّ نصف مواطني إسرائيل تقريبًا ترعرعوا في كنف والدين يتحدثان العربية، مع اختلاف المستويات، تشدّد على ضرورة إتاحة اللغة العربية وتلقي الضوء على إمكانية كونها جزءًا طبيعيًا وشرعيًا من الحيّز.

أجري المسح بين منتصف 2018 وحتى نهاية 2019، في 20 متحفًا مختلفًا في البلاد، من بئر السبع في الجنوب وحتى حيفا والجليل في الشمال (للاطلاع على القائمة الكاملة، انظروا الملحق أ لهذه الوثيقة). زار مندوبونا المتاحف المختلفة، وأجروا مسحًا منهجيًا وشموليًا لحضور وتمثيل اللغة العربية، وفقًا لمؤشرات ومعايير موحّدة ومحدّدة مسبقًا. زار المندوبون كلّ متحف، وملؤوا استبيانات تضمنت ستة مؤشرات.

في جميع المتاحف المشاركة في المسح، تم فحص المعايير التالية:

بالنسبة لكل مؤشّر، طلب من مندوبي الجمعية إعطاء علامة وفقًا للتدريج التالي:

1 – إتاحة بمستوى صفري

لا يوجد أي حضور للغة العربية في أيّ من المعايير التي فُحصت.

2 – مستوى إتاحة يتطلب تحسينًا

هناك حضور جزئي للغة العربية، لكن بمستوى متدنٍ وعلى نطاق ضيق، على سبيل المثال، في عنوان مستند ما، فقط على لافتة مدخل المعرض أو المتحف، على الصفحة الرئيسية لموقع الإنترنت أو على لافتات التوجيه الضرورية فقط.

3 – إتاحة بمستوى جيد

هناك حضور واضح للغة العربية في جزء كبير من المحتويات، ولكن الحضور ليس حضورًا كاملًا وموحّدًا بعد، على سبيل المثال، صفحة باللغة العربية على موقع الإنترنت، ولكنها لا تحتوي على معلومات محدّثة حول الأنشطة الجارية، أم أنّ هناك شرحًا عامًا باللغة العربية عند مدخل المعرض فقط، ولكن ليس بجوار المعروضات.

4 – إتاحة بمستوى جيد جدًا

الغالبية العظمى من محتويات المتحف، في الحيزين المادي والافتراضي، مترجمة للعربية.

اختيار المتاحف

المتاحف المشمولة في الفحص اختيرت حسب حجمها، موقعها وأهميتها. المتاحف التي فحصت هي بملكية عامة أو تابعة لشركات بلدية، أيّ أنها تعتمد بقدر كبير على التمويل العام.  تم اختيار المتاحف ذات الميزانية الحكومية الأعلى، والتي تقع في أماكن مختلفة في البلاد، وعدد زوارها هو من بين الأعلى في البلاد. معظم المتاحف التي فحصت مصنّفة حسب قانون المتاحف بين المجموعة أ-ج، اي بين 42-240 ألف زائر دافع أو أكثر في السنة (التفصيل الكامل لمعايير توزيع الميزانيات بين المتاحف، انظروا الملحق ب من هذه الوثيقة).

بالإضافة إلى معيار الحجم، تمحور الفحص حول المتاحف الرائدة التي تؤثر على الخطاب والسياسات في المجال الثقافي في إسرائيل، وذلك من منطلق التوقّع بأنّه إذا باشرت هذه المتاحف بسيرورة تعزيز حضور اللغة العربية واستقطاب جمهور الزوار العرب، فإنّ الأمر سيؤثر على متاحف أخرى، ومن شأنه إحداث تغيير ممنهج في المجال كله.

المتاحف التي اختيرت للمشاركة في هذه السيرورة تعنى بمضامين مختلفة ومتنوعة، من بينها الفنون، التاريخ، علم الآثار، العلوم، التكنولوجيا، الطبيعة، ومتاحف متعددة المجالات، وتجذب مجموعات هدف مختلفة من فئات عمرية مختلفة. حرصنا أيضًا على دمج متاحف من مجال العلوم لأنّها تجذب الأطفال والعائلات، الأقل ميولًا لزيارة المتاحف الفنية.

رواق المدخل في متحف تل أبيب للفنون في تل أبيب

إمكانية إجراء المقارنة بين متاحف مختلفة لهذا الحد أتيحت لأنّ المسح تمحور حول الإتاحة اللغوية للمتاحف، وليس حول المحتويات أو مستوى التمثيل في المعارض نفسها. بمعنى أنّ مندوبينا لم يفحصوا نوع ومحتوى المعارض والمعروضات أو هوية الفنانين، القيّمين على المعارض، العلماء والخبراء الذين عرضت أعمالهم في المتاحف، بل نطاق وجودة إتاحة المحتويات المعروضة باللغة العربية. موضوع ملاءمة محتويات المعارض للمجتمع العربي وتمثيل الفنانين والخبراء العرب في المؤسسات الثقافية مهم جدًا، وسنقوم بمعالجته لاحقًا.

تمحور البحث حول متاحف من مجالات الثقافة، الفنون، العلوم وعصور ما قبل التاريخ، ولا يشمل متاحف من مجال الصهيونية والشعب اليهودي. قرار تركيز البحث بهذه الطريقة كان مقصودًا، نظرًا لأنّ المتاحف من هذا النوع تتطلب سيرورة تفكير مختلفة لا تتماشى مع ورقة السياسات هذه. موضوع إتاحة المتاحف التي تتناول الرواية الصهيونية اليهودية هو موضوع جدلي ومركّب بالنسبة للمجتمع العربي على المستويين السياسي والاجتماعي، خاصة بغياب معارض ومتاحف موازية تتناول الرواية الفلسطينية وتاريخ الشعب الفلسطيني.

التوزيع الجغرافي للمتاحف التي خضعت للفحص

بالإضافة إلى المتاحف الرائدة والمؤثّرة في البلاد، اختيرت أيضًا متاحف تقع بالقرب من تجمّعات سكانية عربية، والتي يرتادها صغار وكبار في إطار الرحلات المدرسية وبشكل فردي. زار مندوبونا المتاحف الموزعة في مناطق مختلفة في البلاد، في مدن مختلطة وأخرى غير مختلطة، في منطقة الجليل، حيفا، تل أبيب والمركز، القدس وبئر السبع.

الاستبيانات التي جُمعت حُلّلت، عولجت وأصبحت بمثابة قاعدة بيانات تحتوي على معلومات شاملة وقابلة للمقارنة بين المتاحف المختلفة في فترة الفحص. قاعدة البيانات التي نشأت وضّحت حقيقة الإتاحة للغة العربية في المتاحف المختلفة. مع أنّ الجزء الأكبر من المسح أجري في العام 2019، فعلنا كل ما بوسعنا للتحقق من أنّ المعطيات محدّثة. في الفحوصات واللقاءات التالية للمسح والتي أجريت في عام 2020، تبين أنّ هناك تغييرًا صغيرًا نسبيًا في النتائج – أساسًا في المعارض المتغيرة وليس في البنية التحتية الثابتة للمتاحف – بالتالي، فإنّ نتائج واستنتاجات المسح لا تزال سارية حتى اليوم.

الفصل 3 – المخرجات وتلخيص النتائج

النتائج الرئيسية

يتضح من الفحص الذي أجري أنّه في أكثر من نصف المتاحف (12 من 20) الـتي خضعت للمسح، مستوى الإتاحة للغة العربية يتراوح بين مستوى صفري ومستوى يتطلب تحسينًا. وُجد في خمسة متاحف مستوى جيد من الإتاحة للغة العربية، وفي ثلاثة فقط، وُجد أنّ اللغة العربية حاضرة بمستوى عال.

تبين أيضًا من النتائج أنّ معظم المتاحف تخلو من اللافتات باللغة العربية في صالة المدخل، وأنّ متحفًا واحدًا فقط يدير صفحة فيسبوك باللغة العربية. بالإضافة لذلك، أكثر من نصف المتاحف المشمولة في الفحص تضمنت معلومات جزئية فقط باللغة العربية في المعارض الثابتة، وفي %85 منها لم توزّع نشرات المعلومات باللغة العربية، بالرغم من توزيع نشرات المعلومات باللغة العبرية.

النتائج حُلّلت حسب المدن أيضًا، بحيث أعطيت لكل مدينة علامة مرجّحة والتي حُسبت وفقًا لمتوسط العلامات التي حصلت عليها المتاحف في كل مدينة (1 مستوى إتاحة صفري، 2 يتطلب تحسينًا، 3 إتاحة جيدة، 4 إتاحة بمستوى جيد جدًا). تدلّ النتائج على أنّ أفضل مستويات الإتاحة للغة العربية موجود في متاحف القدس وحيفا، وأسوأها موجود في متاحف معيان باروخ وبئر السبع.

تحليل النتائج حسب مؤشرات عرضية

بيّن الفحص أنّ اللغة العربية في معظم المتاحف تكاد تكون غائبة عن لافتات المعلومات في صالات المداخل وفي مختلف أرجاء المتحف – هذا ما كان عليه في لافتة المدخل مثلا، التسعيرة وساعات العمل، في معظم المتاحف التي خضعت للفحص.

بالنسبة للافتات التوجيه في أرجاء المتحف، وجد في نصف المتاحف حضور جيد وجيد جدًا للغة العربية. في هذه الأماكن، وجد أن اللغة العربية حاضرة في جميع لافتات التوجيه، مع أنّ الترجمة لم تكن دومًا كاملة أو دقيقة.

مع ذلك، فإنّ اللغة العربية كانت غائبة تمامًا عن لافتات التوجيه في ثلاثة متاحف. في هذه المتاحف، كانت اللغة العربية غائبة تمامًا عن لافتات التوجيه والتنقّل في المتحف.

لافتة محتوى في متحف الطبيعة على اسم شطاينهارت في تل أبيب

اللافتات في المعارض الثابتة، تتطرّق إلى المعروضات الثابتة المتواجدة في المتحف على مدار سنوات طويلة، وفي فضاءات العرض الثابتة. هذا بخلاف للافتات المعارض المتغيرة، التي سنتطرق إليها لاحقًا، والتي تُعرض بالإعارة وتتغير من حين لآخر، من حيث المحتوى وفضاء العرض.

في حوالي نصف المتاحف التي خضعت للفحص، سجّل حضور صفري – يتطلب تحسينًا للغة العربية في المعارض الثابتة. ذلك يعني أنّ بعض المعارض لم تتضمن أي محتوى باللغة العربية.

في حالات أخرى، حتى حيث وجدت معلومات بالعربية، كان حضور اللغة العربية جزئيًا واقتصر على المدخل أو على مواد المعرض التوضيحية – وليس بشكل كامل ومتساو مع اللغة العبرية، كما هو الحال في الشرح المرافق للمعروضات مثلًا. في الكثير من الحالات، استخدمت اللغة العربية في لافتة مدخل المعرض فقط، وكانت غائبة عن اللافتات المجاورة للمعروضات.

في بعض المتاحف، استخدمت اللغة العربية في الغالبية العظمى من لافتات المحتوى في المتحف، ولكن ليس في المعارض المهمة أو الشهيرة التي تجذب الزوار. في أكثر من ثلث المتاحف، وجد حضور جيد- جيد جدًا للغة العربية في المعارض الثابتة.

نجد مثالًا للحضور الجزئي للغة العربية في الفحص الذي أجريناه في “مداعتك” في حيفا، حيث تغيّبت اللغة العربية عن لافتات المحتوى في بضعة معارض ثابتة، وفي المعرضين المتغيرين والجذابين للزوار.

مثال آخر هو متحف الفن الإسلامي في القدس، المتاح بشكل شبه تام للناطقين بالعربية، وبمستوى جيد. مع ذلك، تبين في الفحص أنّ اللغة العربية غائبة عن لافتات المحتوى في المعرض المركزي الثابت- معرض مجموعة الساعات النادرة للسير ديفيد سلومونز، مع أنّ المتحف يعنى بالفن الإسلامي، ويستقطب العديد من المواطنين العرب.

في حوالي نصف المعارض المتغيرة التي خضعت للفحص، وجد مستوى صفري إلى مستوى يتطلّب تحسينًا في حضور اللغة العربية في لافتات المحتوى. في سائر المعارض المتغيرة، وجد مستوى جيد إلى جيد جدًا في حضور اللغة العربية في المعارض المتغيرة. ولكن حتى في هذه المتاحف، وجد أنّ اللغة العربية استخدمت أساسًا في لافتات مدخل المعرض وليس في تفاصيل المعروضات.

في بعض الحالات، غيّبت اللغة العربية عن اللافتات الموجودة داخل المعرض، كاللافتات المجاورة للمعروضات، واللافتات التي تحتوي على تفاصيل الفنانين/المبدعين. في حالات أخرى، استخدمت اللغة العربية في بعض اللافتات الرئيسية، ولكنها غيّبت عن لافتات أخرى التي تحتوي على معلومات لا تقل أهمية.

في ثلاثة من المعارض المتغيرة، وجد للغة العربية حضور يتطلب تحسينًا. في هذه الحالات، وجد أنّ اللغة العربية استخدمت فقط في بعض لافتات المحتوى في معارض هذا المتحف، ولكن ليس بشكل متكافئ داخل المعرض نفسه.

في متحفين من المتاحف التي خضعت للفحص، وجد موقعان بدون أي كلمة باللغة العربية. في أكثر من نصف مواقع المتاحف الـ 12 التي خضعت للفحص، تبين أنّ حضور اللغة العربية يتطلب تحسينًا. في هذه المواقع، وجدت نسخة أساسية للموقع باللغة العربية. ومع أنّها صيغت باللغة العربية، إلاّ أنّ هذه النسخ كانت موجزة، تضمنت فقط معلومات حول المتحف نفسه واقتصرت على صفحة واحدة. افتقرت المواقع لتفصيل لمختلف أنشطة المتحف، على سبيل المثال، مواعيد تبدّل المعارض، المعارض الجديدة، الجولات، المحاضرات، الدورات، المخيمات، الدورات والأنشطة المعدة للأطفال.

وجد في اثنين من مواقع المتاحف حضور جيد للغة العربية، فقد وجدت معلومات مفصلة على عدة أصعدة وبخصوص مختلف أنشطة المتحف. مع ذلك، افتقرت هذه المواقع لمعلومات محدّثة وتسويقية كتلك الموجودة في النسخة العبرية للموقع. على سبيل المثال، موقع متحف العلوم في القدس ترجم للغة العربية بالكامل تقريبًا، ولكن بعض المحتويات مثل أفلام الفيديو والجولات الافتراضية بقيت باللغة العبرية فقط.

متحف واحد من المتاحف التي خضعت للفحص لا يدير موقع إنترنت، وذلك، لم يُدرج ضمن هذا التقييم. بيّن فحص آخر أجري في شهر حزيران 2020 نتائج مماثلة.

باستثناء متحف الفن الإسلامي في القدس، جميع المتاحف المشمولة في الفحص لا تدير صفحة فيسبوك واحدة تتضمن معلومات باللغة العربية، مع أن غالبية المتاحف في إسرائيل تدير صفحة فيسبوك باللغة العبرية تتضمن معلومات للزوار وتحديثات بخصوص أنشطة المتحف. يبيّن فحص آخر أجريناه في شهر حزيران 2020 نتائج مشابهة، باستثناء متحف إسرائيل، الذي أطلق صفحة فيسبوك كاملة باللغة العربية.

تدل نتائج المسح على أنّ الغالبية العظمى من المتاحف التي خضعت للفحص لم توزع نشرات معلومات وخرائط باللغة العربية عند مدخل المتحف وفي صالات المعارض المختلفة، مع أنّه تم توزيع مواد توضيحية وخرائط باللغة العبرية. على سبيل المثال في متحفين كبيرين، متحف تل أبيب للفنون ومتحف إسرائيل، لم توزّع أي خريطة أو مواد توضيحية عند المدخل.

وجد في المسح أنّه في متحفين فقط، كان هناك توزيع متساوٍ لنشرات وخرائط باللغتين العبرية والعربية. بعد إنهاء المسح، بدأ متحف إسرائيل بتوزيع خارطة ثنائية اللغة بالعربية والعبرية، لمناسبة بينالي التصميم والفنون الذي افتتح في المتحف في حزيران 2020. في بعض المتاحف لم توزع أي نشرات المعلومات أو خرائط، لذلك، فهي لم تُدرج في التقييم.

أصبحت أفلام الفيديو في السنوات الأخيرة وسيلة مركزية في معارض الفنون البصرية. العديد من الأعمال الفنية تُعرض اليوم على شكل فيديو (فيديو آرت)، وتستخدم هذه الأداة أيضًا لإنتاج وعرض فيديوهات لتقديم الشرح والمعلومات في معارض تعنى بمجال العلوم والتاريخ. بالإضافة إلى ذلك، تعرض بعض المتاحف مختلف الأفلام كنشاط مستقل غير مرتبط بالمعارض.

في نصف المتاحف تقريبًا، لم توجد أفلام قصيرة ومشاريع فيديو مترجمة للعربية، سواء عن طريق دبلجة أو شريط ترجمة. في بعض المعارض التي خضعت للفحص، غيّبت اللغة العربية بشكل كامل عن جميع الأفلام القصيرة، حتى في المعارض التي تقتصر على عرض صوتي-بصري بواسطة الفيديو. ذلك يعني أنّ المعرض بأكمله لم يكن متاحًا للزوار الناطقين بالعربية. في أقل من ثلث المتاحف التي خضعت للفحص، شملت أفلام الفيديو ترجمة للعربية بمستوى جيد إلى جيد جدًا. ففي متحف مداعتك في حيفا مثلًا، الذي يعرض أفلام سينما تجريبية ثلاثية الأبعاد، فيلم واحد فقط من الأفلام الكثيرة التي عرضت في المتحف في حينه شملت دبلجة للعربية. عرض هذا الفيلم لمرة واحدة في الأسبوع، بينما عرضت أفلام بالعبرية على مدار بضع ساعات في اليوم.

في جزء من المتاحف، لم تعرض أفلام فيديو أو عروض شرائح في إطار المعارض المختلفة، ولذلك، فهي لم تُدرج في التقييم.

في الغالبية العظمى من المتاحف، لا توجد أي إمكانية لتلقي إرشاد صوتي إلكتروني بالعربية أو بأي لغة أخرى. هذه المتاحف لم تدرج في التقييم. من بين جميع المتاحف التي خضعت للفحص، أربعة متاحف تقدم إرشادًا صوتيًا بالعبرية والإنجليزية، وأحيانًا بالفرنسية أيضًا، ولكن من النادر إيجاد إرشاد صوتي باللغة العربية.

من بين المتاحف الأربعة التي تقدّم إرشادًا صوتيًا، يفتقر متحفان للإرشاد الصوتي باللغة العربية. حتى في المتاحف التي تقدّم إرشادًا صوتيًا باللغة العربية، فإنّ الإتاحة ليست متكاملة. في متحف الفن الإسلامي، تضمّن الإرشاد الصوتي إرشادًا باللغة العربية فقط لجزء من المعارض الثابتة، ولمعرض متغير واحد. بالنسبة لسائر المعارض، المتغيرة والثابتة، لم يكن هناك أي إرشاد صوتي باللغة العربية. في متحف إسرائيل في القدس، الإرشاد الصوتي تضمّن إرشادًا باللغة العربية لمعرض واحد فقط.

الفصل 4 – تحليل النتائج وتشخيص المعوقات

غياب اللغة العربية عن المتاحف جعل من تجربة العديد من الزوار العرب تجربة منقوصة، لأنّهم لا يتلقون الشرح والمعلومات اللازمة حول المعروضات بلغتهم الأم. يؤدي ذلك إلى نقل معرفة منقوصة لزوار المتحف الناطقين بالعربية، مما يمنحهم الشعور بعدم الانتماء وبعدم الترحيب بوجودهم.

غياب اللغة العربية عن المتاحف يمسّ أيضًا بمبدأ المساواة. مع أنّ الزوار من المجتمع العربي يقتنون تذكرة لزيارة المتحف كأي زائر آخر، إلا أنهم لا يعايشون تجربة مماثلة أو متكافئة، وفي بعض الأحيان، يتعسر عليهم فهم المضامين، التي قد يكون بعضها معقدًا وغير مألوف لهم، وقد يصعب فهمها حتى لمن يجيد العبرية بمستوى عالٍ. يضطر زوار المتاحف العرب الاكتفاء بتجربة أقل إثراءً وأقل قيمة من تلك التي يعايشها الزائر الناطق بالعبرية، والذي يتمتع بمنالية كامل القنوات المعلوماتية في المتحف، بلغته الأم. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ إقصاء اللغة العربية من حيّز المتحف يوصل رسالة مغلوطة مفادها أنّ المواطنين العرب ولغتهم دخلاء على عالم الثقافة والفنون، وأنّهم ليسوا جمهورًا أساسيًا للمتاحف وأنّ وجودهم فيها غير مستحب.

إلى جانب تجربة الزيارة المنقوصة، فإنّ المجتمع العربي لا يحظى بقدر مماثل من الانكشاف على العالم المتحفي والثقافي المتاح أمامه، والمحتوى الذي يقدّمه للجمهور الواسع. إقصاء اللغة العربية من قنوات المعلومات الإنترنتية والتسويقية، إلى جانب قلة التسويق للمتاحف باللغة العربية وبوسائل دعائية، يحول دون انكشاف الجمهور العربي على العديد من التجارب التي تقدّمها المتاحف، وتبعده عن هذا العالم. بما أنّ معظم المواطنين العرب في إسرائيل يعيشون في الضواحي، كثيرًا ما تنقصهم المعلومات حول معارض ومحتويات المتاحف، ولا يأتون لزيارتها.

تحليل النتائج

1-  اللافتات

الإتاحة المنقوصة للغة العربية في لافتات المعلومات عند المداخل ومكاتب الاستقبال تصعّب على المواطنين العرب تخطيط زيارتهم للمتحف كما يجب. غياب اللغة العربية عن لافتات المعلومات هذه تمنع الزائر العربي من معرفة معلومات مهمة، مثل ساعات الدوام وأسعار التذاكر. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ واجهة المتحف، الرواق وصناديق الدفع هي الأماكن الأولى التي يقصدها الزوار العرب، وفي معظمها، لا يوجد حضور للغة العربية. بالتالي، فإنّ التجربة الأولية تنطوي على مشاعر عدم التقبّل، الاغتراب والنفور.

في سبعة متاحف من المتاحف الـ 20 التي خضعت للفحص، وجد أنّ مستوى حضور اللغة العربية على لافتات المعلومات والتوجيه هو صفري إلى يتطلب تحسينًا. التوجيهات والمعلومات العامة غير المتاحة تصعّب على الزوار الناطقين بالعربية التنقل بنجاعة في أرجاء المتحف، تحديدًا في المتاحف الكبيرة الممتدة على مساحة عدة دونمات، وتتضمن عشرات المعارض المختلفة، مثل متحف إسرائيل ومتحف أرض إسرائيل.

بالنسبة للافتات المحتوى في المعارض، فإنّ غياب اللغة العربية يمسّ بقدرة الزائر العربي على قراءة وفهم محتوى اللافتة، وبالتالي، لن يحظى بفرصة اكتساب جزء كبير من المعلومات التي يتضمنها المعرض. النصوص التي ترافق المعارض تكتب عامة بمستوى عال، وقراءتها ليست سهلة حتى للزوار الناطقين بالعبرية، كم بالحري إذا كان الزوار من المجتمع العربي ولا يتحدثون اللغة العبرية كلغة أم. هذا الوضع يمسّ بالهدف الرئيسي لزيارة المتحف – خلافًا لأماكن الترفيه الأخرى – وهو اكتساب المعرفة وتوسيع الآفاق.

تبيّن من المسح أنّ حضور اللغة العربية في المعارض المتغيرة أفضل، مقارنةً بالمعارض الثابتة. نعتقد أنّ السبب من وراء ذلك هو الفرق في حجم المعارض – المعارض الثابتة غالبًا ما تكون أكبر بكثير من المعارض المتغيرة، وتشمل مجموعات متحفية أكبر، والقائمة في المتحف منذ سنوات، في فضاءات عرض لم ترمّم ولم تجدد منذ فترة طويلة. يقدّر أيضًا أنّ المعارض الثابتة أنشأت قبل سنوات عديدة، والوعي لأهمية الإتاحة اللغوية ولمكانة المجتمع العربي كجمهور هدف للمتاحف كان متدنيًا. أما الآن، فنتوقع أن يكون الوضع مغايرًا، ويتوجّب على إدارات المتاحف الحرص على الإتاحة اللغوية الكاملة للمعارض الثابتة.

يرى مدراء المتاحف أنّ إدخال لافتات باللغة العربية للمعارض الثابتة هو أكثر تعقيدًا لأنّ المعارض تحتل فضاءات ثابتة منذ سنوات طويلة، لذلك، فإنّ إدخال أي لغة أخرى يستلزم إعادة ترتيب المعروضات والفضاءات التي لم تتغيّر منذ فترة طويلة. بالمقابل، فإنّ المعارض المتغيرة تنطوي على بذل جهود قصيرة المدى، يخطَّط لها كل مرة من جديد، ولذلك يسهل دمج لافتات باللغة العربية في سيرورة التخطيط والعمل. المعارض المتغيرة تُخطّط وتُنصب بشكل دينامكيي طوال السنة، وتحصل على ميزانيات مخصصة لذلك. بالتالي، يسهل على المتاحف تخطيط ميزانية هذه المعارض لتشمل تكاليف الإتاحة اللغوية الموسّعة. كما يتضح من المسح، لا تزال هناك معارض متغيرة التي لا توفر الحد الأدنى من الإتاحة باللغة العربية، ولا يوجد لذلك أي مبرر عملي.

مع ذلك، عند تقييم سلّم الأولويات، يجب أن نتذكر أنّ لافتات المعارض الثابتة هي أيضًا ثابتة، بالتالي، فإنّ إتاحتها لجمهور الناطقين بالعربية يتم لمرة واحدة، وأثرها طويل المدى وواسع النطاق. وبالرغم من أنّ المعارض المتغيرة هي عامل جذب تسويقي مركزي، إلّا أن المعارض الثابتة تضم عامةً كنوزًا ثقافية ذات قيمة عليا، من صنع يد فنانين إسرائيليين وعالميين كلاسيكيين. على سبيل المثال، نجد في المعرض الثابت في متحف تل-أبيب لوحات قيّمة لفينسنت فان غوخ، بابلو بيكاسو، غوستاف كليمت، ناحوم غوتمان، رؤفين روبين وآخرين. الإقصاء العرضي للغة العربية من المعارض الثابتة على وجه التحديد يحول دون تعرّف الزوار العرب، وخاصة الشباب منهم، على أعمال فنانين مهمين ومركزيين، والمتاحة لزوار المتاحف في إسرائيل.

فقط في متحفين، تشير نتائج الفحص إلى صورة عكسية. في هذين المتحفين، متحف بلاد الكتاب المقدس ومتحف التاريخ الطبيعي في القدس، فإنّ الجزء الأكبر من المتاحف الثابتة أتيحَ للناطقين بالعربية، بينما لم تُتاح المعارض المتغيرة. المعارض المتغيرة هي عادة أكثر استقطابًا للزوار، وعادةً ما تشكل عامل الجذب الأساسي للمتاحف، لذلك فإنّ إتاحتها باللغة العربية مهمة جدًا – لأنها تستقطب معظم الزوار.

نعتقد أنّ إتاحة المعارض – الثابتة والمتغيرة على حد سواء – للناطقين باللغة العربية هي بنفس مقدار الأهمية، وهي محور أساسي في الزيارة المتحفية. إتاحة المعارض المتغيرة فقط يحول دون انكشاف الزوار العرب على مجموعات متحفية كبيرة، نادرة ومميزة. إتاحة المعارض الثابتة فقط تحدّ من جاذبية المتاحف للزوار من المجتمع العربي. الإتاحة الجزئية تخلق تجربة معرفية جزئية لدى خُمس مواطني الدولة.

بالإضافة إلى كونها قناة معلوماتية، فإنّ اللافتات هي عنصر أساسي في الظهور، وغيابها يؤثّر سلبًا على تجربة الزائر الناطق بالعربي وعلى انكشاف الزوار اليهود على أهمية حضور اللغة العربية في الحيز العام. إنّ غياب اللغة العربية عن اللافتات – سواء عن لافتات المعلومات والتوجيه أو لافتات محتوى المعارض – يوصِل للزوار العرب رسالة مفادها الإقصاء وعدم الانتماء.

في هذا السياق، تجدر الإشارة تحديدًا إلى أثر غياب اللافتات على الأطفال والمسنين الناطقين بالعربية – وهم جمهور هدف أساسي ومهم للمتاحف. معظم الأطفال، أبناء الشبيبة والمسنون الناطقون بالعربية لا يجيدون العبرية بشكل تام، لذلك، يصعب عليهم التنقّل في حيّز المتحف وفهم فحوى اللافتات. ذلك يزيد من مسؤولية المتاحف حيال الإتاحة لجمهور الزوار من المجتمع العربي.

في بعض المتاحف التي زرناها، اكتشفنا أنّه حتى في الأقسام المخصصة للأطفال والشبيبة، حيث تقام معارض خاصة للصغار، لا توجد تقريبًا أي إتاحة للمعروضات والمحتوى باللغة العربية. يدلّ هذا المعطى على مدى تجاهل جمهور الهدف العربي من قبل مخططي ومقيمي المعارض وهذه الأقسام، وعلى أنّ هذه المتاحف تقصي تمامًا جمهور هدف أساسيًا من زوار المتاحف – المجموعات المنظمة من طلاب المدارس العربية.

2-   الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي

زيارة المتحف تبدأ من المنزل، ابتداءً من إدراك وجود المتحف، مرورًا بالمحتويات التي يقدمها لزواره، الحصول على المعلومات بخصوص ساعات الدوام، إرشادات الوصول والأسعار، وانتهاءً بالاهتمام بمحتوى المعارض. المجتمع العربي تحديدًا، الذي يسكن بعيدًا عن مواقع المتاحف، يحتاج لمنالية عالية لهذه المواد بلغته الأم، عبر مواقع الإنترنت أو التسويق على وسائل الإعلام.

يبيّن فحص أجريناه في المتاحف المختلفة أنّ هناك نقصًا في المعلومات بالعربية في معظم مواقع الإنترنت وصفحات الفيسبوك الخاصة بالمتاحف. توجد في بعض هذه المواقع صفحة واحدة باللغة العربية، والتي تتضمن معلومات أساسية أو جزئية بخصوص إرشادات الوصول وساعات الدوام. الوضع الحالي يمسّ بقدرة الزوار الناطقين بالعربية على معرفة الأنشطة التي تنظّم في المتحف، والتخطيط لزيارتهم وفقًا لذلك. عند الفحص، تبيّن أنّ موقعيّ المتحفين الكبيرين في تل أبيب يفتقران تمامًا للمعلومات بالعربية. على إثر توجّهنا، أضاف متحف تل-أبيب للفنون على موقعه معلومات أساسيّة باللغة العربية.

صفحة الفيسبوك هي أيضًا منصة معلومات مهمة جدًا في عصرنا الرقمي، وغيابها يشكل مساسًا جادًا بقدرة الجمهور على معرفة ما يحدث في المتاحف. تحوّل الفيسبوك في السنوات الأخيرة إلى منصة مهمة بسبب القدرة الهائلة على تحديث المعلومات بوتيرة عالية، إلى جانب كونه متاحًا للمجتمع كلّه. تشير الأبحاث إلى أنّ معدل استخدام الجمهور العربي لموقع فيسبوك أعلى من معدل استخدامه من قبل الجمهور اليهودي، وهو يشكل مصدر معلومات مهمًا ومركزيًا. غياب صفحة فيسبوك باللغة العربية في جميع المتاحف هو أمر إشكالي، خاصة لأنّ غالبية المواطنين العرب لا يسكنون في منطقة المركز، ويستندون إلى هذه المنشورات من أجل الانكشاف على المتاحف والتخطيط لزيارتهم لها. تبيّن من المسح أنّ متحف الفن الإسلامي فقط يدير صفحة فيسبوك فعالة باللغة العربية. على إثر توجّهنا، بدأ متحف إسرائيل بتفعيل صفحة فيسبوك كاملة باللغة العربية.

موقع الإنترنت أو صفحة الفيسبوك باللغة العربية قد يشكّلان موردًا وأداة عمل مهمة جدًا للمتاحف، وذلك لأنّهما يساهمان في نقل معلومات موثوقة حول أنشطة المتحف للجمهور العربي، مما سيؤدي إلى ازدياد عدد الزوار من المجتمع العربي.

3- نشرات المعلومات والخرائط

على غرار لافتات التوجيه، فإنّ نشرات المعلومات والخرائط هي وسيلة المعلومات الأولى التي يجدها الزوار عند دخولهم إلى المتحف. توزّع هذه المواد مع تذكرة الدخول، وتشكل مصدر معلومات مهمًا للتنقل في حيّز المتحف، التخطيط للزيارة، مواقع ومواعيد المعارض المختلفة، ومواقع ومواعيد الفعاليات الخاصة. غياب اللغة العربية عن هذه الوسيلة المعلوماتية يمس بقدرة الزوار الناطقين بالعربية على التنقل في المكان والحصول على المعلومات الصحيحة بخصوص المعارض، والاستفادة من الزيارة على أكمل وجه.

بالإضافة إلى ذلك، فإنّ غياب اللغة العربية عن نشرات المعلومات والمواد التوضيحية المرافقة للمعارض المختلفة يمسّ بقدرة الزائر الناطق بالعربية على فهم محتوى المعرض. في الكثير من الأحيان، تشمل هذه النشرات خريطة للمعرض أو مواد أخرى تثري الزائر. إتاحتها باللغة العربية ستمكّن المواطنين العرب من التنقل في المعرض بسهولة، والاستمتاع كسائر الزوار.

تجدر الإشارة إلى أنّ ترجمة نشرات المعلومات والخرائط سهلة نسبيًا، ولا تشكل عبئًا كبيرًا على الميزانية. على ضوء ذلك، فإنّ المتاحف المعنية بذلك قادرة على تحسين تجربة الزائر العربي، بسهولة نسبية.

4- الفيديوهات

في بعض المتاحف التي خضعت للمسح، استخدمت اللغة العربية في اللافتات، ولكن ليس في الفيديوهات. مع أنّها تشكل أحيانًا قناة مرافقة للمعرض، إلّا أنّها تعتبر بمثابة مصدر معلومات أولي وجذاب. وجدت في المسح أيضًا معارض تقتصر على مشروع فيديو، حيث أنّ حضور اللغة العربية ضروري لمعايشة تجربة المعرض. غياب اللغة العربية عن هذه المعارض يعيق بشكل كبير إمكانية الاستمتاع بالمعرض ومشاهدته كاملًا.

على ضوء الاستخدام المتزايد للفيديوهات في عالم الفنون، الثقافة والإنترنت، هناك أهمية قصوى للاستعداد للإتاحة الكاملة لهذه المحتويات للزوار الناطقين بالعربية، وخاصة لسهولة إتاحة هذا المنتج بوسائل تكنولوجية ورقمية بسيطة ومتوفّرة في كل مؤسسة ثقافية بتكلفة معقولة. على سبيل المثال، في الفيديوهات المعروضة على شاشات المشاهدة الشخصية، يستطيع المشاهدون اختيار الترجمة للغات مختلفة.

5-  الإرشاد الصوتي

غالبية المتاحف لا تقدّم جولات إرشادية باللغة العربية للزوار الأفراد في المتحف، مع أنّ هناك جولات متاحة في ساعات ثابتة للناطقين بالعبرية، وبدون تنسيق مسبق. وذلك بالرغم من النقص في لافتات المعارض المتاحة للناطقين بالعربية.

بغياب هذين العنصرين، كان بإمكان الإرشاد الصوتي أو تطبيقات الهواتف الخلوية توفير حل جزئي لكن مهم للجمهور العربي. كان بإمكان الإرشاد الإلكتروني تلبية احتياجات الزوار الأفراد الناطقين بالعربية والمعنيين بالجولة، ولكنهم يزورون المتحف في يوم لا تنظّم فيه جولات ثابتة، كما وبإمكانه أيضًا تزويد معلومات مهمة عن المعارض، حينما لا تكون لافتات المعارض متاحة للناطقين بالعربية.

مع ذلك، يبيّن المسح أنّه من بين المتاحف الـ 20 التي خضعت للفحص، أربعة متاحف فقط تقدّم إرشادًا إلكترونيًا. من بين المتاحف الأربعة، اثنان فقط، متحف إسرائيل ومتحف الفن الإسلامي، يقدّمان للزوار إرشادًا إلكترونيًا باللغة العربية. هذا الوضع، حيث أنّ الإرشاد الإلكتروني باللغة العربية يكاد يكون معدومًا، يضر بقدرة الزوار العرب على التعرّف على المعارض المختلفة، واستغلال الزيارة المتحفية على أكمل وجه.

نعتقد أنّ المتاحف تغفل أداة مهمة ومركزية، والمتمثلة بوسيلة المساعدة الإلكترونية لزوار المتاحف. يميل الزوار بدرجة أقل للمشاركة في جولات إرشادية، ويفضلون بدًلا منها إرشادًا صوتيًا إلكترونيًا. يبدو أنّ الأمر أمسى نزعة عالمية، بحيث تُبنى بعض المعارض مسبقًا على أساس جولة إلكترونية بواسطة سماعات أو هاتف ذكي – وكلاهما متاحان للجمهور كله. في إطار بينالي الفنون والتصميم في متحف إسرائيل، يمكن مثلًا تنزيل تطبيق إرشاد شخصي على الهاتف الخلوي، والذي كان متاحًا فقط باللغتين العبرية والإنجليزية عند إصدار هذه الوثيقة. إنّ تطوير تطبيقات مشابهة للمعارض المستقبلية في جميع المتاحف، بحيث تكون متاحة باللغة العربية أيضًا، سيلبي احتياجات الزوار العرب بشكل ناجع ولائق.

عوامل مسببة لإقصاء اللغة العربية ومعوقات أمام تحسين الوضع

بناءً على تلخيص وتحليل نتائج المسح الذي أجريناه، واستنادًا إلى محادثات ومراسلات مع العديد من مدراء المتاحف، بلورنا قائمة بالعوامل المركزية المسببة لإقصاء اللغة العربية من الحيز المتحفي في إسرائيل:

يتضح من المسح الذي أجري للمتاحف المختلفة أنّه لا توجد في معظمها سياسة واضحة ومتجانسة بخصوص إتاحة المتاحف ومعارضها للزوار من المجتمع العربي. يتضح من محادثات أجريناها مع مدراء المتاحف ومن الردود التي أرسلوها إلينا أنّ الجمهور العربي يحتل أدنى سلم أولويات صناع القرار في هذه المؤسسات، وأنّ قضية حضور اللغة العربية ليست بهذا القدر من الأهمية. في الغالبية العظمى من المتاحف، لم يتم قطعًا تنظيم هذه المسألة بواسطة تعليمات واضحة تسري على جميع أنشطة المتحف، وتطبّق من قبل الإدارة. أضف إلى ذلك أنّ السلطات المحلية والبلديات لا تعمل على وضع سياسة متجانسة لتعزيز حضور اللغة العربية في المتاحف الواقعة ضمن مجال مسؤوليتها، مما يحول دون تحسين الوضع القائم.

غياب مثل هذه التوجيهات والسياسات كبنية تحتية لآلية العمل يجعل من حضور اللغة في كل معرض أمرًا هامشيًا. يخلق هذا الوضع حالة من التضارب، بحيث نجد أحيانًا مستويات مختلفة من الإتاحة اللغوية في معارض متزامنة، في نفس المعرض، وفقًا لدرجة الوعي أو لدافعية أصحاب الوظائف المختلفة في المتحف للنهوض بهذه القضية.

غياب التوجيهات والسياسات الواضحة يمسّ بالمكانة العامة للغة العربية في المتاحف. وبانعدام إجراء أو سياسة متحفية واضحة تُلزِم بإضافة اللغة العربية إلى قنوات المعلومات المختلفة، تبقى اللغة بدون أي مكانة واضحة، وغالبًا ما تحتل أدنى درجات سلم الأوليات.  في وضع كهذا، سيبقى حضور اللغة العربية قضية متعلقة بعوامل أخرى – اعتبارات مقيمي المعارض، هوية الطاقم التنفيذي، الميزانية، الجدول الزمني، المحتوى ومستوى الوعي في المؤسسة المستضيفة للمعرض.

بالإضافة إلى ذلك، وبغياب توجيهات واضحة بخوص الترجمة للعربية، لم توضع معايير موحّدة لمستوى وطريقة إنتاج المواد المترجمة. لذلك، حتى حين تتم إتاحة المواد باللغة العربية، كثيرًا ما يكون المستوى متدنيًا وغير مهني.

القضية غير موضوعة على جدول أعمال صناع القرار في هذه المؤسسات، لذلك، لا يخصصون لها ميزانيات وكوادر مهنية خاصة. معظم المتاحف لا توزّع الميزانية بطريقة تأخذ بالحسبان تكاليف الترجمة للعربية.

على ضوء ذلك، وفي أحسن الأحوال، تترجم مواد المعارض للعربية في اللحظة الأخيرة قبل افتتاح المعرض لمجرّد إيفاء الواجب، وليس من منطلق الوعي لأهمية حضور اللغة العربية. هذه الحالة تؤثّر سلبًا على جودة الترجمة ونطاقها، وقد تؤول أحيانًا إلى حالة لا تترجم فيها مواد المعرض إطلاقًا، حسب تفرّغ الخبراء المهنيين الملائمين والقدرة على التواصل معهم. في بعض الأحيان، تترجم المواد للعربية من قبل أصحاب الوظائف المختلفة في المتحف مع أنّهم ليسوا مترجمين مهنيين وغير ملمّين بالمعرفة اللازمة، مما يؤثر سلبًا على جودة المنتج النهائي. برز ذلك أيضًا في مواقع الإنترنت وصفحات الفيسبوك التابعة للمتاحف – التي لا تحدّث النسخة العربية بشكل جارٍ، إن وجدت.

قانون المتاحف لعام 1983 يمنح الصلاحيات الخاصة بالمتاحف لوزير التربية والتعليم والثقافة – حاليًا دائرة الثقافة في وزارة الثقافة والرياضة. تحصل المتاحف المعترف بها على ميزانيات وفقًا لمعايير تصنّف المتاحف لمجموعات[3].

هذه المعايير لا تُلزِم أي متحف بإتاحة محتوياته للناطقين بالعربية – بما في ذلك لافتات التوجيه، لافتات المعارض، نشرات المعلومات، الخرائط، الأفلام القصيرة، الجولات والمعلومات على موقع الإنترنت. هذه المعايير التي تضعها وزارة الثقافة لا تولي أهمية لإتاحة محتويات المتحف للناطقين بالعربية، بالتالي، فهي لا تلبي احتياج خُمس مواطني الدولة.

هذه المعايير تُلزِم المتاحف الكبيرة نسبيًا (المُدرجة في وزارة الثقافة في المجموعتين أ-ب) بإدخال اللغة العربية إلى لافتات التوجيه والتنقّل في المتحف، وإلى لافتات المعارض التي تمتد لأكثر من عشرة أسابيع. مع ذلك، العديد من المتاحف الملزمة باتباع معايير الإتاحة باللغة العربية للحصول على ميزانيات، لا تمتثل لهذه المعايير. مع أنّ هذه المتاحف لا تمتثل للتعليمات، إلّا أنّ الدولة لا تطبق أيّ من الأنظمة والقوانين تجاه هذه المتاحف، ولا تتحقق مما إذا كانت تستوفي معايير الإتاحة، القليلة أصلًا، التي وضعتها الدولة بنفسها.

تدل نتائج المسح بخصوص التوزيع الجغرافي على أنّه في المتاحف الواقعة في المدن المختلطة، كالقدس وحيفا، هناك حضور أفضل للغة العربية. في المتاحف التي خضعت للفحص في حيفا مثلًا، فإنّ معدّل حضور اللغة العربية هو الأفضل نسبةً للمدن الأخرى. تليها متاحف القدس، حيث تبين أنّ هناك حضورًا جيدًا للغة العربية.

نقدّر أنّ الحضور الجيد للغة العربية في متاحف المدن المختلطة مرتبط بالوعي لاحتياجات الجمهور العربي، من بين عوامل أخرى. ولكن لا يجب اعتبار ذلك مبررًا لغياب اللغة العربية عن المتاحف في المدن غير المختلطة. بالإضافة إلى ذلك، حقيقة أنّ الجمهور العربي يرتاد المتاحف في المدن المختلطة (على سبيل المثال، سكان البلدات المختلفة في شمالي البلاد الذين يزورون متحفًا في حيفا) تدل على أنّ الجمهور العربي قد يكون مهمًا بالنسبة للمتاحف.

في تل-أبيب، وُجد أنّ اللغة العربية غائبة عن الحيز العام لمتاحف المدينة. هذا المعطى مقلق خاصةً في متحف الآثار الواقع في تل أبيب-يافا – مدينة مختلطة- وغير المتاح للناطقين باللغة العربية. معظم اللافتات في المتحف متاحة باللغتين العبرية والإنجليزية.

تجدر الإشارة إلى أنّه وفقًا لمعطيات دائرة الإحصاء المركزية لعام 2014[4]، فإنّ نصف المتاحف المعترف بها وفقًا للقانون تقع في المدن الكبرى، تل-أبيب ومنطقة غوش دان، حيفا والقدس، ولا يقع أي منها في بلدة عربية. إنّ إهمال المجال المتحفي في البلدات العربية من قبل الدولة يزيد من مسؤوليتها تجاه تعزيز إتاحة متاحف المدن الكبيرة باللغة العربية.

في معظم المتاحف، لا يوجد تواصل دائم بين مدراء أو مسؤولي المعارض وبين الأخصائيين المهنيين في مجال الإتاحة باللغة العربية. وذلك لغياب قاعدة بيانات لأخصائيين مهنيين من المجتمع العربي والذين يستطيعون العمل في هذا المجال مثل المترجمين، المصمّمين وخبراء التسويق. يزداد الأمر صعوبة في المتاحف متعددة المجالات التي تنظّم معارض في مواضيع مختلفة وتحتاج لعدد كبير من الأخصائيين المهنيين، وذلك لأنّ كل مجال يحتاج لمترجم مع تخصص ملائم، الأمر الذي يتطلب إنشاء علاقة مهنية متواصلة مع مترجمين مختلفين للمعارض المختلفة.

الوضع الحالي نابع، من بين جملة الأمور، من غياب سياسة ومعايير ثابتة. المتاحف المعنية بالترجمة للعربية تتواصل مع الأخصائيين المهنيين في آخر لحظة، أو تضطر للعمل مع مترجمين غير متخصصين في المجال. ونظرًا لعدم وجود ميزانية خاصة لإتاحة المعارض، تميل المتاحف للاكتفاء بما تبقى من الميزانيات العامة، أو تتدبر أمرها بشكل أو بآخر. هذه الآليّة تمسّ بقدرة المتاحف على العمل باستمرار مع أخصائيين مهنيين متمرسين.

عائق آخر أمام إنشاء قاعدة بيانات كهذه هو قلة الأخصائيين المهنيين العرب العاملين بشكل ثابت في المتاحف. لا يوجد في أي متحف تقريبًا عضو طاقم عربي مسؤول عن موضوع الإتاحة للغة العربية، التواصل مع الأخصائيين المهنيين والمصادقة على الترجمات والنصوص.

حقيقة أنّ المتاحف الكبرى لا تشغّل الكثير من المترجمين العرب المتخصصين في المجال المتحفي، إلى جانب النقص في المتاحف التي تدير أنشطة واسعة النطاق في البلدات العربية، تحول دون التطور والتمهين التنظيمي لمجال إتاحة المؤسسات الثقافية والمتاحف في إسرائيل باللغة العربية، والذي من شأنه أن يحسّن من الواقع القائم.

تطرقنا في البند السابق إلى موضوع تشغيل عضو طاقم عربي ليكون مؤتمنًا على موضوع الإتاحة باللغة العربية. أضف إلى ذلك أنّ العديد من المتاحف لا تشغّل أعضاء طاقم عربًا، ممّن يمكنهم أن يشكّلوا حلقة وصل مهمة بين المتحف والمجتمع العربي. تشغيل أعضاء طاقم ناطقين بالعربية، والذين يعايشون بأنفسهم الواقع الحياتي للمجتمع العربي بجميع خصائصه وتعقيداته، من شأنه المساهمة في إتاحة المتحف، وذلك من خلال ملاءمة محتويات المتحف للجمهور العربي، وتشجيع صناع القرار على استثمار الموارد في هذا المجال.

هناك أهمية قصوى لتشغيل أعضاء طاقم عرب، ليس فقط في وظائف ثانوية أو في وظائف التسويق والترجمة للمجتمع العربي. لكي تستقطب المتاحف الجمهور العربي وتتاح له بشكل حقيقي، يجب الحرص على وجود تمثيل لائق لأعضاء طاقم عرب في شتى المجالات في المتحف، حتى في مجالي تنظيم المعارض والفنون اللذين يرتكز عليهما المتحف.

اتضح أيضًا من الفحص أنّه حيثما كانت المعارض لفنانين من المجتمع العربي، أو حيثما كان موضوع المعرض مرتبطًا بالمجتمع العربي، فإنّ مستوى حضور اللغة العربية كان أفضل. إنّها غالبًا معارض متغيّرة، وتُبذَل فيها كل الجهود لإتاحة المعرض بشكل متكافئ مع اللغة العبرية.

تشير الأبحاث القليلة التي أجريت حول الموضوع إلى أنّ نسبة العرب من مجمل الفنانين الذين تعرض أعمالهم في المتاحف في إسرائيل قليلة، مما يؤثر على مدى ارتباط الجمهور العربي بهذه المتاحف. بالإضافة إلى تحسين إتاحة وتسويق المتاحف باللغة العربية، وزيادة تمثيل الموظفين العرب في طواقم المتاحف، هناك حاجة ماسّة لزيادة دمج الفنانين، المبدعين وأمناء المتاحف العرب في المعارض وفي المعروضات المتحفية.

أشار العديد من مدراء المتاحف إلى عائق يُدعى “التلوّث الناتج عن اللافتات”، وهو مصطلح يعود لكثرة المواد المكتوبة في المتاحف، الناتجة عن كتابة نصوص عديدة بعدة لغات. يؤدي ذلك إلى كثرة المعلومات على اللافتة، وهو أمر غير مريح للعين، مما قد يحول دون قراءته من قبل الزوار.

بسبب تشريع الإتاحة [5] الذي دخل حيز التنفيذ في العام 2015، يتوجب على المتاحف وصالات العرض تقديم معلومات مكبّرة لضعاف البصر، وتصميم الوصف المرافق للمعروضات بطباعة خاصة. هذه القيود التي تلزم المتاحف بإتاحة اللافتات لأصحاب المحدوديات أيضًا، قد تصعب عليها إدخال لغة إضافية إلى اللافتات.

عند صياغة الأنظمة، يجب الأخذ بعين الاعتبار قضية أصحاب المحدوديات نظرًا لأهميتها، ولكن دون نسيان احتياجات الجمهور العربي. كما كُتب في متحف تاريخ كندا، في مقالة خاصة حول الموضوع[6]: “للكلمة قوتها، ولكن التحدي الحقيقي هو التعبير عن هذه القوة عند صياغة المعرض بلغتين أو أكثر”. في مقالة تعنى بقضية الإتاحة اللغوية، تطرق المتحف إلى كيفية تصميم أنواع النصوص الملائمة للإتاحة اللغوية متعددة اللغات. كما فعلوا في كندا، نعتقد أنّ هناك حاجة للتفكير في طرق إبداعية لمعالجة مسألة “التلوّث” بشكل لا يزعج الزوار، ويمكّن الجمهور كلّه من الاستمتاع بزيارة متكافئة ومتكاملة في المتحف. إنّ تطوير تقنيات جديدة لعرض المعلومات، بما في ذلك شاشات اللمس سهلة الاستخدام، قد يساهم في حل إشكالية تعدد اللغات على لافتات محتويات المعارض. توجد في إسرائيل اليوم عدة مؤسسات جديدة، مثل متحف الطبيعة على اسم شطاينهارت في تل ابيب، التي توظّف مثل هذه الوسائل بالطريقة الصحيحة، بحيث يمكن الاستفادة منها.

يتضح من فحص أجريناه أنّ عددًا قليلًا من المتاحف يسوّق نفسه للمجتمع العربي – سواءً عن طريق الإعلانات في الصحف المحلية أو على مواقع الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي.

كما يتضح من التحليل المفصّل للمعوقات، ونتيجة للواقع السياسي المركّب، قد يظن بعض المواطنين العرب أنّ المتاحف في إسرائيل هي مؤسسات ذات طابع قومي مؤسّسي، وتعنى بالرواية القومية اليهودية، مع أنّ العديد من المتاحف تعنى بمجالات مختلفة جوهريًا، مثل الفنون، العلوم والطبيعة. هذا التصوّر قد يخلق فجوة بين المتاحف والجمهور العربي المعني بزيارتها.

عدم تسويق المتاحف للجمهور العربيّ يزيد من عمق الفجوة، ويخلق شعورًا مغلوطًا بأنّ هذه الفضاءات العامة غير معدّة له. هذا الوضع يحمل في طياته رسالة مفادها أنّ المتاحف لا تعتبر المجتمع العربي جمهور هدف محتملًا. تنتج عن ذلك حلقة مفرغة، بحيث يشعر صناع القرار أنّه لا داعي للاستثمار في التسويق، بينما يشعر المجتمع العربي أنّ المتاحف غير معدة له. على سبيل المثال، ينكشف طلاب المدارس على المتاحف في إطار الرحلات المدرسية، ولكن بما أنّ الحيز غير متاح لهم – لن يرغبوا في العودة إليه بشكل فردي أو مع العائلة.

التسويق الملائم والمتاح باللغة العربية من شأنه زيادة عدد زوار المتاحف من المجتمع العربي، واعتبارها من جديد أماكن ترفيه ترحب بالزوار من المجتمع العربي.

الفصل 5 – توصيات لتحسين إتاحة المتاحف للمجتمع العربي

بعد إنهاء المسح وتحليل النتائج، توجّهنا إلى مدراء المتاحف المختلفة لإطلاعم على نتائج المسح وحثّهم على العمل على تحسين الوضع. عرضنا أمام المدراء نتائج البحث، وشاركناهم مختلف الأفكار بخصوص التدابير التي من شأنها تعزيز حضور اللغة العربية في المؤسسات التي يديرونها. استجاب بعض المدراء لطلبنا، وبدؤوا فعلًا باتخاذ تدابير مختلفة لتحسين حضور اللغة العربية في المتاحف، ولكنهم شاركونا أيضًا بالصعوبات والتحديات في هذا المجال، والبعض منها ينطبق على مجال المتاحف بأكمله.

تدلّ هذه السيرورة على الإمكانية الكبيرة لتغيير الوضع القائم، لمصلحة الجمهور العام والجمهور العربي بشكل خاص، إلى جانب النهوض بمجال الثقافة، الفنون والمتاحف – ولكنها تدلّ أيضًا على الحاجة الملحة لإيجاد حلول وآليات عمل للتغلب على المعوقات المشتركة لجميع المؤسسات.

في أعقاب هذا الحوار المجدي، أدركنا أنّه برغم وجود نية حسنة، فإنّ مدراء المتاحف وأصحاب الوظائف المختلفة فيها يفتقرون للمعلومات والمعرفة حول تقدّم مجال الإتاحة متعددة اللغات في العالم، والإمكانيات المتاحة أمامهم لتعزيز حضور اللغة العربية. لذلك، قررنا أن نعدّ في إطار هذه الورقة قائمة مفصّلة بالتوصيات العملية والقابلة للتطبيق، استنادًا إلى سيرورة المسح والمرافعة التي قدناها، وإلى بحث أجريناه في البلاد والعالم. يستعرض هذا الفصل بضع توصيات عملية من شأنها أن تساعد المؤسسات المعنية في تعزيز حضور اللغة العربية في المتاحف.

التوصيات موجّهة لثلاث جهات رئيسية – مدراء المتاحف المخولين بوضع سياسات تنظيمية داخلية في المتاحف والإشراف على تطبيقها، جهات حكومية ورقابية مخولة باتخاذ قرارات بشأن الأنظمة وتطبيقها، مثل المدير الثقافي في وزارة الثقافة، ووزارة التربية والتعليم التي نؤمن بقدرتها على تغيير الوضع القائم.

نعتقد أنّ هذه التوصيات هي أداة عمل مهمّة بالنسبة لمدراء المتاحف، واضعي السياسات والوزارات التي يجب أن تُؤتمن على دفع هذه السيرورة المهمة قدمًا لتحويل المتاحف إلى حيز عام مشترك، يرحب بالمواطنين العرب، يحتويهم ويحترمهم. تشمل التوصيات استنتاجات موجّهة لجهات مدنيّة وحكومية يمكنها أن تساهم، بحكم وظيفتها، في تعزيز حضور اللغة العربية في المتاحف، سواء بواسطة الرقابة أو مختلف أشكال التعاون.

توصيات لمدراء المتاحف والسلطات المحلية

نعتقد أنّه يتوجب على المتاحف أولًا أن تحدد أنّ المواطنين العرب، الذين يشكلون خُمس مواطني الدولة، هم جمهور هدف مركزي واستراتيجي. هذا التعريف، على المستويين التنظيمي والاستراتيجي، سيخلق الدافعية والبنية التحتية لاستقطاب المواطنين العرب للمتاحف، وإتاحتها باللغة العربية.

من ثم نوصي بوضع سياسة تنظيمية متجانسة وواضحة لإدارة المتحف بخصوص قواعد إتاحة وحضور اللغة العربية، والملاءمة الثقافية للمتحف للجمهور العربي، والتي ستحظى بمصادقة ودعم الهيئة الإدارية وواضعي السياسات في المتاحف المختلفة. هذه السياسات يجب أن تكون رسمية، وأن تحدد بشكل واضح واجب إتاحة جميع قنوات المعلومات المختلفة للناطقين بالعربية.

استراتيجية متحف معيّن لن تلائم حتمًا جميع المتاحف. لكل متحف متغيرات خاصة به، والتي يجب أن تؤخذ بالحسبان، مثل جمهور الهدف، طبيعة المعارض، الموقع، الميزانية والتنوّع التشغيلي. من المهم أيضًا الحرص على تعميم السياسات والإجراءات على جميع صناع القرار والمدراء في المؤسسة.

نوصي بالتخطيط لسيرورات واضحة تتيح المجال لإضافة اللغة العربية لجميع المحتويات والبنى التحتية في المتحف. وذلك بواسطة وضع خطة عمل وسلم أولويات واضحين وقابلين للتطبيق، واللذين يمكن العمل بحسبهما من أجل إتاحة قنوات المعلومات والمحتويات المختلفة للمتحف، وذلك كي لا تؤجّل القرارات المتعلقة بالموضوع للحظة الأخيرة. ترتكز هذه التوصية على إفادات بعض المتاحف التي أشارت إلى أنّ إتاحة اللغة العربية في المعارض أجلت للحظة الأخيرة وأجريت على عجل، بموارد قليلة وتحت ضغط كبير، الأمر الذي أفضى إلى نتائج جزئية وغير نوعية.

لذلك، يجب أن تشمل الخطة آلية عمل لاستبدال اللافتات القائمة في المعارض المتغيرة والثابتة بلافتات باللغة العربية، إضافة إرشاد صوتي للغة العربية، توزيع خرائط ونشرات معلومات باللغة العربية عند مدخل المتحف وإتاحة أي قناة معلومات أخرى، مطبوعة أو رقمية.

في إطار أعمال الصيانة والترميم في المتحف – سواء في البنى التحتية الماديّة أو في موقع الإنترنت أو البنى التحتية التسويقية المختلفة، يجب الأخذ بالحسبان الإضافات والملاءمات الجديدة للغة العربية والزوار العرب. في العديد من المتاحف، خاصة المتاحف الأقدم، هناك سيرورات متعددة السنوات لترميم وصيانة البنية التحتية في المتحف – من المهم استغلال هذه السيرورات لتحسين إتاحة المتحف باللغة العربية.

نوصي بتخصيص ميزانية سنوية لموضوع تعزيز حضور اللغة العربية، والربط بين المتاحف والمجتمع العربي بواسطة الإعلان والتسويق، إضافة ترجمة إلى قنوات المعلومات المختلفة وفي المعارض المرتقبة، والتخطيط لفعاليات خاصة وملاءمة للمجتمع العربي والزوار العرب.

في إطار تخطيط الميزانية السنوية للمتاحف، يجب تخصيص بنود واضحة ومحددة لإتاحة المتحف للمجتمع العربي. على سبيل المثال، نوصي بأن تشمل ميزانية البنى التحتية والصيانة السنوية بندًا لإضافة اللغة العربية، أن تشمل ميزانية المعارض بندًا للترجمة للغة العربية، أن تشمل ميزانية التسويق والإعلام بندًا لاستقطاب المجتمع العربي وأن تشمل ميزانية القوى العاملة بندًا لتجنيد وتشغيل أخصائيين مهنيين عرب.

نوصي المتاحف أيضًا بتخطيط الميزانية مسبقًا لتشمل فعاليات خاصة للجمهور العربي. من جملة الأمور، نوصي بتخصيص ميزانية خاصة للمناسبات الخاصة التي لها طابع ثقافي ملائم للمجتمع العربي أو لفعاليات الأعياد مثل شهر رمضان، عيد الفطر وعيد الميلاد.

نحن نعي الصعوبات المالية التي تواجهها المتاحف في إسرائيل. مع ذلك، نؤمن بأنّ هناك عدة حلول لتجنيد الموارد من أجل إتاحة المتحف لخُمس مواطني الدولة.

لتحقيق هذه الغاية المهمة، يجب العمل على تجنيد موارد مخصصة لإتاحة المتحف للجمهور العربي في إطار التخطيط لأنشطة تجنيد الموارد والأموال السنوية للمتحف. على سبيل المثال، يجب طرح مسألة إتاحة المتحف باللغة العربية أمام الجهات الخيريّة التي قد تتجند من أجل هذا الموضوع، وإيجاد جهات خيريّة معنية بتعزيز العلاقات اليهودية-العربية وبناء مجتمع مشترك. يتوجب على المتاحف أيضًا طلب ميزانيات خاصة للإتاحة من وزارة الثقافة، من الوزارات المختلفة، من السلطات المحلية ومن المؤسسات العامة المختلفة الداعمة للمتحف.

من خلال عملها مع السلطات المحلية، تستطيع المتاحف طلب إقامة تعاونات جماهيرية، طلب تمويل جزئي (وتجنيد الجزء المتبقي من مصادر دعم أخرى)، أو المبادرة لسيرورات تفكير مشترك بهدف إيجاد حلول لمسألة الميزانيات. هذه الإجراءات تلائم المدن المختلطة والمدن المجاورة للبلدات العربية بشكل خاص. بعض مدراء المتاحف الذين تحدّثنا معهم تبنّوا هذا النهج، ونجحوا في تجنيد موارد خاصة من جهات خيريّة ومن سلطات محلية.

بشكل عام، التخطيط المسبق لبنود خاصة في الميزانية لتعزيز حضور اللغة العربية سيحسّن من قدرة المتحف على تجنيد موارد من أجل هذه المهمة. هذه السيرورات ستساهم أيضًا في زيادة عدد الزوار من المجتمع العربي، مما سيؤدي إلى زيادة إيرادات المتاحف.

وجد لدى طواقم العمل في العديد من المتاحف نقص في الوعي حول أهمية وقابلية تعزيز حضور اللغة العربية في المتاحف، وفي معظم هذه الطواقم، لا يوجد تقريبًا موظفون عرب للعمل على إتاحة المتحف أو استقطاب الجمهور العربي. تشغيل موظفين عرب في وظائف رئيسية، مع خلفية لغوية وثقافية، سيساهم كثيرًا في تحسين عمل المتحف، وهذا أمر في غاية الأهمية.

لذلك، نوصي بتعيين عضو طاقم عربي، ذي مستوى تعليمي ملائم وخبرة في المجال، ليكون مسؤولًا عن تعزيز حضور اللغة العربية في المتاحف، وعن العلاقة مع المجتمع العربي والزوار العرب. وظيفته قد تشمل المبادرة لسيرورات تعزيز حضور اللغة العربية في المعارض وقنوات المعلومات المختلفة في المتاحف، الإشراف على تطبيق إجراءات المتحف بخصوص تعزيز حضور اللغة العربية، المصادقة النهائية على المحتويات المتاحة باللغة العربية، والتحقق من أنّ الإتاحة تمت بشكل مهني، ووفقًا لاحتياجات المتحف.

حتى إذا استحال تعيين عضو طاقم مؤتمن على هذا المجال تحديدًا، بسبب إشكاليات في الميزانيات وعدم توفّر وظيفة متاحة، هناك أهمية وجدوى قصوى لتجنيد كوادر عربية لوظائف رئيسية في المتحف في جميع المجالات. وجود عضو طاقم عربي في إطار صنع القرار في المتحف وفي الحوارات القائمة فيها يضفي وجهة نظر المجتمع العربي على سيرورة اتخاذ القرارات في المتحف. على غرار أي مؤسسة عامة، وبروح القرارات الحكومية حول الموضوع في العقد الأخير، والتي وضعت هدفًا سنويًا واضحًا للتمثيل اللائق للمواطنين العرب في سلك خدمات الدولة[7]، يتوجب على المتاحف السعي لتحقيق تمثيل لائق للمواطنين العرب من بين القوى العاملة في المتحف – وليس فقط في وظائف الإرشاد الثانوية المعدة للزوار العرب، وغالبًا ما يشغلها طلاب أو موظفون صغار. يجب دمج أخصائيين مهنيين عرب في جميع مجالات نشاط المتحف، وذلك لتعزيز قدرة المؤسسة بأكملها على فهم جمهور الهدف العربي والعمل على استقطابه.

الخطوات الرمزية التي تدلّ على اعتراف المتحف بأهمية ومركزية اللغة العربية، من شأنها أن تؤثر بشكل كبير. حضور اللغة العربية في الحيز الرئيسي وفي صالات مداخل المتاحف يمنح الشعور بالترحاب وعدم إقصاء المجتمع العربي. بالإضافة إلى إتاحة المعارض والفضاءات الداخلية، هناك أهمية خاصة للإتاحة الكاملة للمحتويات الموجودة في الفضاءات العامة المرئية، مثل المدخل، موقع الإنترنت أو نشرات المعلومات والخرائط. بشكل عام، الزيارة في المتحف تبدأ قبل حضورنا إليه فعليًا – فهي تبدأ في المنزل (عن طريق موقع الإنترنت أو وسائل الإعلام) أو في الشارع، ولذلك فإنّ إتاحة هذه الفضاءات في النشاط المتحفي مهمة أيضًا.

نعتقد إذًا أنّه بالإضافة إلى إتاحة المتحف لغويًا، يجب تفضيل الإتاحة في الأماكن التي سيكون فيها حضور واضح للغة العربية- في الواجهة الخارجية للمتحف، في صالة المدخل وفي المواد المعلوماتية التي توزّع فيها، عند نوافذ الاستقبال التي تستقبل الزوار وغير ذلك. تعزيز حضور اللغة العربية سيحقق هدفين في نفس الوقت – الإتاحة اللغوية والمعلومات المقدّمة للجمهور العربي، وتعزيز الشعور بالانتماء للحيز المتكافئ والمشترك.

على سبيل المثال، إتاحة موقع الإنترنت ستمنح الجمهور العربي الفرصة للتفاعل المسبق مع المتحف. لافتات المدخل ستمنح المواطنين العرب الشعور بأنّ وجودهم مرحّب به، كلافتات “المتحف يرحب بكم” مثلًا، وخرائط التنقّل باللغة العربية ستوصِل للزوار العرب الرسالة بأنّ المتحف يقدّر حضورهم ويدعوهم لزيارته.

7- تحسين الخدمة الرقمية والتسويق

هناك أهمية قصوى لتحسين إتاحة الخدمات الرقمية باللغة العربية لصالح المواطنين العرب. زيارة المتحف تبدأ من المنزل، عندما يبحث الزوار المعنيون عن معلومات حول نشاط المتحف، ساعات الدوام والمعارض المختلفة. لذلك، فإنّ النقص في المعلومات الضرورية والمحدّثة باللغة العربية على مواقع الإنترنت، في التطبيقات، على صفحات الفيسبوك وسائر شبكات التواصل الاجتماعي يمسّ بجودة الخدمة الرقمية ويناقض جوهرها.

نوصي ببناء موقع إنترنت باللغة العربية، تحديثه بشكل جارٍ، بوتيرة مماثلة للموقع العبري، ليشمل معلومات ملائمة وديناميكية، تتغير حسب الأنشطة والمعارض القائمة في المتحف. يتوجب على المتاحف أيضًا فتح صفحة فيسبوك باللغة العربية، ليطّلع الزوار المعنيون عمّا يحدث في المتحف بشكل تفاعلي وسريع. النشاط التسويقي على صفحة الفيسبوك بالعربية مهم جدًا، إذ تشير الأبحاث التي أجريت في السنوات الأخيرة إلى أنّ استخدام الفيسبوك في المجتمع العربي شائع جدًا، ويشكّل وسيلة التواصل الأولى والموصى بها للمؤسسات والجهات المعنية بمخاطبة المجتمع العربي.

الطاقم المسؤول عن تفعيل الخدمات الرقمية يجب أن يضم موظفًا عربيًا أو مزود خدمات خارجيًا ناطقًا بالعربية، ومختصًا بالتسويق لمحتوى من هذا النوع. المحتويات الموجهة للمجتمع العربي يجب أن تحدد مسبقًا، مع التفكير أولًا بالمجتمع العربي، وليس بشكل تلقائي أو كترجمة سطحية للمحتوي العبري.

نوصي أيضًا بتسويق المتاحف للمجتمع العربي بواسطة التعاقد مع شركة تسويق أو أعضاء طاقم داخليين متخصصين، يعرفون المجتمع العربي جيدًا. هذه الشركة تستطيع إجراء مسح لاحتياجات المجتمع العربي وتسويق المتحف له على المستويين اللغوي والثقافي، بما في ذلك تسويق محتويات المتحف بطرق تقليدية وعبر قنوات رقمية ووسائل التواصل الاجتماعي.

8- استخدام وسائل مساعدة ومعلومات إلكترونية وتكنولوجيا متعددة اللغات

من الزيارات التي أجريناها في المتاحف المختلفة، رأينا أنّ إحدى الإمكانيات للتعامل مع ظاهرة “التلوث الناتج عن اللافتات” وكثرة المعلومات هي استخدام وسائل إلكترونية. على سبيل المثال، يمكن تعزيز استخدام شاشات إلكترونية تتيح للزائر إمكانية اختيار اللغة التي سيقرأ بها المعلومات، وبذلك، يمكن استخدام شاشة واحدة لعدة لغات.

استخدامنا الواسع للتكنولوجيا قد يساعد على إيجاد حلول كثيرة لموضوع الإتاحة. على سبيل المثال، تستطيع المتاحف استخدام تطبيقات خاصة للهاتف الذكي – وهي عبارة عن جهاز متواجد مع الجميع، وفي كل مكان. التطبيقات الخاصة أو الباركودات القابلة للقراءة بجوار المعروضات قد تساهم في ملاءمة المعلومات اللازمة لكل زائر باللغة التي يختارها.

هذه الطريقة متبعة في متحف أمستردام مثلًا[8]، حيث تم تسجيل فيديوهات مرافقة للمعرض بعشر لغات مختلفة، وذلك لإتاحة المتحف للسائحين من جميع أنحاء العالم. في هذا المعرض، بإمكان كل زائر التوجّه إلى الشرح المرافق للعمل المعروض، مسح كود الـ QR ومشاهدة الفيلم باللغة المطلوبة بواسطة الهاتف الخلوي الموجود بحوزته.

مثال آخر هو متحف ذكرى الكارثة في ميامي في الولايات المتحدة، حيث طوّر تطبيقًا خاصًا للزوار، يمكن تنزيله على الهاتف الخلوي للزوار. يشمل التطبيق معلومات بثماني لغات مختلفة متاحة لاختيار الزائر، ويقدم المتحف أيضًا المساعدة في تنزيل التطبيق على الهاتف للأشخاص المعنيين الذين يواجهون صعوبة في تشغيل وسائل إلكترونية، مثل المسنين.

نوصي بالاستثمار في تطوير قسم التربية وأنشطة الأطفال والشبيبة للمجتمع العربي، وملاءمة منظومة الأنشطة في هذا القسم للمجتمع العربي على المستويين الثقافي واللغوي، وتسويقها للمدارس في المجتمع العربي بواسطة شركة تسويق ووكلاء السياحة الداخلية. من المهم أن يشمل الطاقم الإرشادي في المتحف مرشدين عربًا بوظائف ثابتة، لتقديم إرشاد مهني وكامل للأطفال وللجمهور الواسع باللغة العربية.

وجدنا أيضًا أنّ المتاحف التي خضعت للفحص تقيم أنشطة خاصة مثل الجولات، ساعة قصة، مخيمات وأنشطة إضافية للأطفال والشبيبة – ولكن باللغة العبرية فقط. إقامة أنشطة مماثلة باللغة العربية ستزيد من جاذبية المتاحف للجمهور العربي صغير السن، وستشكل إطارًا ثقافيًا، تربويًا وترفيهيًا نوعيًا للأطفال العرب. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ النهوض بأنشطة خاصة باللغة العربية، الموازية لتلك القائمة باللغة العبريةـ سيعزز من المساواة ومن حضور اللغة العربية في الحيز المتحفي، كحيز مشترك.

أحد النماذج المثيرة للاهتمام للنشاط متعدد اللغات موجود في متحف كوينز في نيويورك[9] الذي يقدّم للجمهور الواسع خمس دورات أقيمت في المتحف بلغات مختلفة مثل الإسبانية، الماندارين الصينية، الكورية والعربية، وذلك في مجالات مختلفة مثل التصميم الجرافيكي، الرسم وغير ذلك. هذه الأنشطة تساهم في تعزيز العلاقة بين المتاحف والشرائح السكانية المختلفة، وفي التعرّف المباشر على هذه الشرائح ومعرفة احتياجاتها. علاقة كهذه بين المتاحف في إسرائيل والمجتمع العربي من شأنها أن تشكّل أداة مهمة تضمن استخدام الميزانيات المخصصة للإتاحة اللغوية في الأماكن المناسبة والمجدية.  آلية العمل هذه ملائمة بشكل خاص للمتاحف في المدن المختلطة، أو تلك الواقعة في الضواحي بجوار بلدات عربية عديدة. إنّ تحويل المتاحف إلى مراكز تعليمية وإثرائية لأبناء الشبيبة باللغة العربية أيضًا سيساهم في موضعتها كمؤسسات تستهدف الجمهور العربي.

في المسح الذي أجريناه، وُجد أنّ إمكانية طلب جولات إرشادية باللغة العربية متاحة في معظم المتاحف، ولكن هذه الجولات تنظّم بالتنسيق المسبق، وللمجموعات فقط. وذلك لأنّ معظم المتاحف لا توظّف كوادر عربية ثابتة، بل عاملي شركات القوى العاملة، أو عاملين غير ثابتين، بذلك، فإنّ الجزء الأكبر من المتاحف يستعين بخدمات مرشدين خارجيين للإرشاد باللغة العربية، أو أنّها تنظم هذه الجولات في يوم عمل المرشد الناطق بالعربية.

هذه الإجراءات تتيح المجال لإقامة جولات باللغة العربية فقط بتنسيق مسبق، أو إذا حضرت المجموعة مع مرشد خاص بها. بالمقابل، فإنّ الجولات باللغة العبرية، التي تنظّم في أيام وساعات محددة مسبقًا في العديد من المتاحف، متاحة لجميع الزوار بدون تسجيل مسبق. هذا الوضع ينطوي على تمييز ضد الناطقين بالعربية الذين يزورون المتاحف بدون تنسيق مسبق، الأمر الذي قد يؤثر على مدى جاذبية المتحف بالنسبة لهم.

نوصي هذه المتاحف بأنّ تقدم للجمهور العربي جولات ثابتة بوتيرة عالية، بدون تسجيل مسبق، وذلك لتحسين التجربة التي يعايشونها في المتحف. لتحقيق ذلك، يتوجب على المتاحف تشغيل مرشدين عرب بشكل مستمر وبوظائف ثابتة.

بانعدام الجولات الإرشادية، كان من الممكن توجيه الزوار لاستخدام أجهزة الإرشاد الصوتي، ولكن معظم المتاحف تفتقر لمثل هذه الأجهزة، بالعبرية وبلغات أخرى. في بعض المتاحف الأخرى، مثل متحف إسرائيل ومتحف تل-أبيب، بدؤوا بتسجيل إرشادات صوتية إلكترونية- خاصة للمعارض الثابتة.

نعتقد أنّ الإرشاد الصوتي هو أداة ناجعة وسهلة المنال، التي قد تشكل حلًا للإتاحة اللغوية بوسائل بسيطة نسبيًا. توفير إرشاد صوتي إلكتروني من شأنه حل إشكالية منالية الجولات باللغة العربية، وتعزيز إتاحة المتاحف للمجتمع العربي بشكل كبير. استخدام هذه الأداة متبع في متاحف عديدة في العالم، ويتماشى مع روح العصر في كل ما يتعلق بتجربة الزائر، الذي يفضل غالبًا استخدام جهاز إلكتروني على الانضمام لجولة إرشادية.

توصيات لوزارة الثقافة، الجهات الرقابية والمنتديات المهنية في مجال الثقافة

يتوجب على وزارة الثقافة وضع أنظمة رقابية واضحة وملزمة بخصوص اللغات التي ستعرض بها المعلومات في المتاحف المختلفة، وإدراج اللغة العربية كإحدى اللغات الإلزامية في قنوات المعلومات المختلفة في المتحف، وليس كلغة اختيارية. التحديد الواضح لنطاق وطريقة إتاحة المعارض باللغة العربية، والتطرق أيضًا إلى موضوع الخرائط ونشرات المعلومات الموزّعة عند مداخل المتاحف، والمعلومات المتاحة بالعربية على مواقع الإنترنت الخاصة بالمتاحف.

بعد صياغة الأنظمة، ندعو وزارة الثقافة للعمل على تعميمها على مدراء المتاحف لتحسين مستوى استيفائها. يجب أيضًا إقامة جولات مرحلية في المتاحف للتحقق من تطبيق الأنظمة.

ندعو الوزارة أيضًا على العمل على إقامة منتدى مهني مؤتمن على موضوع إتاحة الحيز المتحفي للمجتمع العربي، والذي سيشمل إنشاء تعاونات وتعلّم زملاء، ومتابعة موضوع تخصيص الميزانيات الحكومية لهذا الإطار. نوصي الوزارة أيضًا بإقامة مؤتمر خاص لمدراء المتاحف للتشديد على أهمية الموضوع ومناقشة آليات النهوض به.

يتوجب على وزارة الثقافة إعادة صياغة المعايير المعتمدة من قبل دائرة الثقافة والرياضية لتصنيف وتوزيع الميزانيات على المتاحف، وإضافة معيار الذي يلزم المتاحف في الفئات أ، ب و- ج بإتاحة الحيز المتحفي والمعروضات باللغة العربية، بشكل مساوٍ للإتاحة باللغة بالعبرية.

المتاحف التي تستوفي هذا المعيار تحصل على الميزانيات وفقًا لتصنيفها، وذلك على غرار أنظمة الإتاحة التي دخلت حيز التنفيذ في عام 2017، وألزمت المصالح التجارية الكبيرة بإتاحة مواقع الإنترنت الخاصة بها لأصحاب المحدوديات. تمت هذه السيرورات بعد فترة تأقلم استمرّت ثلاث سنوات، وأتاحت المجال للمصالح التجارية والمؤسسات لخوض سيرورة إتاحة دون أي تخوف من عقوبات مالية في الميزانيات وبالتعاون مع السلطات. يمكن تحديد فترة تأهيل مشابهة بالنسبة لإتاحة اللغة العربية، ومن ثم تطبيق الأنظمة على غرار أنظمة الإتاحة لأصحاب المحدوديات.

يتوجب على وزارة الثقافة العمل على إنشاء موقع إنترنت حكومي تركّز فيه جميع الأنظمة والوسائل لإتاحة المتاحف للناطقين بالعربية، على غرار سيرورة إتاحة مواقع الإنترنت لأصحاب المحدوديات التي بدأت في 2013.

موقع مركّز كهذا سيسهّل على جميع الراغبين في التجند من أجل تحقيق هذا الهدف، سيفصّل الجداول الزمنية، سيساعد على إيجاد خبراء مختلفين وسيتيح المجال للإجابة عن أسئلة مختلفة ولإنشاء تعاونات بين المؤسسات المختلفة التي تواجه نفس التحديات والعقبات. على غرار المنتدى المهني الذي سينهض بهذا الموضوع، فإنّ هذا الموقع سيساهم في توحيد الموارد وتسهيل عملية الإتاحة في جميع المتاحف.

4- تطبيق أنظمة إتاحة المتاحف باللغة العربية

العديد من المتاحف التي تعهدت بدمج اللغة العربية بشكل متكافئ للحصول على ميزانيات وزارة الثقافة لا تطبّق ذلك في أرض الواقع. مع ذلك، فإنّ وزارة الثقافة لا تشرف على تطبيق الأنظمة التي وضعتها بنفسها، بالتالي، لا يوجد للمتاحف أي دافع لاستيفاء هذه المعايير. إنفاذ الأنظمة سيحسّن من استيفاء المعايير المختلفة، من بينها معايير الإتاحة اللغوية. في إطار إنفاذ الأنظمة، يمكن دمج صفحة توجهات في الموقع الحكومي لوزارة الثقافة، حيث يمكن للزوار التبليغ عن عدم استيفاء الأنظمة المتعلقة بإتاحة المتاحف باللغة العربية. هذه الآلية ستُشرك الجمهور في عملية اتخاذ القرارات، وستحسّن من مستوى الخدمة لجميع المواطنين.  بالإضافة إلى ذلك، تستطيع دائرة الثقافة في وزارة الثقافة تشغيل عضو طاقم عربي مؤتمن على تطبيق الأنظمة المتعلقة بالإتاحة اللغوية في المتاحف والنهوض بموضوع الإتاحة متعددة اللغات في المؤسسات المتحفية.

5-دعم أبحاث لمسح احتياجات المجتمع العربي في كل ما يتعلق بزيارة المتاحف

هناك حاجة لإجراء بحث معمق وشمولي حول التغييرات في العادات الترفيهية والاستهلاكية للمجتمع العربي في إسرائيل، والنزعات الحاصلة فيه حاليًا. من جملة الأمور، يجب فحص قابلية تغيير المفاهيم الخاطئة والمخاوف لدى جزء من المجتمع العربي في إسرائيل، والتي تعتبر المتاحف في إسرائيل مؤسسات تستعرض الرواية الصهيونية واليهودية فقط، وكيف يمكن تحويل المتاحف إلى أطر مفتوحة وملائمة للمواطنين العرب، في مجالات أخرى أيضًا غير مجال الإتاحة.

نعتقد أنّ تغيير هذا التوجّه وتوجّهات أخرى في المجتمع العربي حيال ماهية المتاحف سيؤدي إلى ارتفاع عدد الزوار من المجتمع العربي، وسيحول المتاحف إلى فضاءات عامة مشتركة حقيقية.

يتضح من محادثات أجريناها مع مدراء المتاحف أنّ إجراء بحث كهذا سيساعد المتاحف على فهم احتياجات المواطنين العرب، وملاءمة المحتويات لهم. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ البحث سيساعد المتاحف على معرفة تفضيلات الزوار العرب، مما سيمكّنهم من تحديد أولويات الميزانية، وتركيز الجهود على إتاحة المتحف بالطريقة المثلى.

ننوي إجراء بحث يعنى بنطاق حضور الفنانين العرب في المتاحف المختلفة. ولكن هناك حاجة لإجراء فحص وللتعمق في قضايا أخرى متعلقة بالنهوض بالمجتمع المشترك والمواطنة المتكافئة في مجال الثقافة والفنون، وهذه السيرورات يجب أن تحدث في الوزارات وفي الكنيست، وليس فقط في الأوساط الأكاديمية أو في منظمات المجتمع المدني.

نعتقد أنّه يتوجب على منتدى مدراء المتاحف أو القسم ذي الصلة في وزارة الثقافة العمل على بناء قاعة بيانات تشمل خبراء وخبيرات من المجتمع العربي، والمتخصصين في إتاحة المؤسسات الثقافية للغة العربية. سيساهم ذلك في تحسين قدرة المتحف على إتاحة المعارض بشكل جارٍ ونوعي. سيضم هذا المنتدى مترجمين، مصممين وخبراء تسويق من المجتمع العربي، المتفرغين للتعاقد مع المتاحف وإيجاد حلول لتعزيز حضور اللغة العربية في المتاحف.

نوصي مدراء المتحف أو المسؤولين عن المعارض بإنشاء تواصل دائم مع أخصائيين عرب في الترجمة، الإتاحة، التصميم والتسويق. هذه التسوية تسري بشكل خاص على المتاحف متعددة المجالات، التي تحتاج لخبراء مهنيين من مختلف المجالات.

أشار العديد من مدراء المتاحف إلى أنّه حتى حين أتيحت المحتويات باللغة العربية، فإنّ الأمر تم غالبًا على عجل وبدون معرفة مسبقة جيدة بالأخصائيين المهنيين، وبالتالي، فإنّ النتيجة لم تكن دائمًا مهنية بالقدر الكافي. الحفاظ على علاقة مستمرة مع المترجمين، المصممين وخبراء التسويق العرب سيمكّن المتاحف من الاستعداد مسبقًا لإتاحة المحتويات باللغة العربية، مع الحفاظ على الجدول الزمني والاحتياجات المطلوبة. العمل المنظّم مع أخصائيين مهنيين ثابتين ومتمرسين سيتيح المجال لتقديم نصوص ونواتج أخرى بمستوى عالٍ، إلى جانب خلق لغة متجانسة تميّز المتحف عن غيره.

لذلك، نرى أنّ هناك حاجة لإنشاء قاعدة بيانات للخبراء، ويستحسن أن يتم ذلك بمبادرة من جهات معنية بالأمر، وذات اطلاع واسع على المجال، مثل وزارة الثقافة أو منتدى مدراء المتاحف، وذلك بالتعاون مع سائر الجهات الملائمة في المجال المهني.

توصيات لوزارة التربية والتعليم

مع أنّ هذه الورقة لا تتناول بشكل مباشر موضوع التربية الفنية في المتاحف، نؤمن أنّها حلقة مهمة جدًا في مساعي تحسين الإتاحة للجمهور العربي. نوصي وزارة التربية والتعليم بتشجيع المدارس العربية على تنظيم مزيد من الرحلات إلى المتاحف، وتمويلها. سيساهم ذلك في انكشاف المزيد من أبناء المجتمع العربي على المتاحف من خلال الزيارات الطلابية، وسيعجّل من مساعي المؤسسات لتحسين الإتاحة والخدمات للمجتمع العربي.

هذه السيرورة من شأنها أن تزيد من جاذبية المتاحف لدى الجمهور العربي، وزيادة عدد الزوار العرب الذين سيقصدون المتاحف بمعدل وبوتيرة أعلى. بإمكان الوزارة أيضًا التشجيع على الجولات المتحفية في أوساط طواقم المعلمين في المدارس العربية، لانكشاف الطواقم التدريسية أيضًا على المؤسسات الثقافية. المعلمون الذين ينكشفون على العالم المتحفي سيشجعون طلابهم على التعرف إلى هذا العالم الشيق.

نحن على ثقة بأنّ وزارة التربية والتعليم قادرة على المبادرة واتخاذ خطوات عديدة من أجل تحسين إتاحة المتاحف وزيادة جاذبيتها لدى الجمهور العربي، ولكن هذه الوثيقة لا تتيح لنا المجال لتفصيل جميع هذه الخطوات والتعمّق بها. ندعو وزارة التربية والتعليم أيضًا لأخذ دور فعال في الجهود وفي سيرورات التفكير ووضع سياسات متساوية في هذا المجال أيضًا، والسعي في أسرع وقت ممكن لتطوير مجال التربية الفنية والثقافية في المجتمع العربي في إسرائيل.

بفضل

بحث وكتابة أولية: المحامية حنان مرجية

تحرير وكتابة: عيدان رينغ

استشارة مهنية: شاكيد أورباخ

مسح وبحث استقصائي: بشير منصور

قراءة ثانية وتقييم: خلود إدريس، أمجد شبيطة، عوفر دغان، ياعيلا مازور

مركّزة مشروع الحيز العام المشترك: حنان مرجية (حتى نهاية 2019)، لوريا دلة (من مطلع 2020)

المديران المشاركان، قسم المجتمع المشترك: خلود إدريس وعيدان رينغ

المديران العامان المشاركان: أمجد شبيطة وعوفر دغان

تحرير لغوي: نسيم خوري

ترجمة للعربية: ربى سمعان- غلوكل للترجمة والحلول اللغوية

تصميم غرافيكي: ليران رفيف

الملاحق

الملحق أ

فيما يلي قائمة بالمتاحف التي خضعت للمسح:

بالمجمل، شمل المسح 20 متحفًا: 6 متاحف فنية، 6 متاحف تاريخية والعصور ما قبل التاريخية، متحفين علميين، متحفيين للأطفال، متحفيين متعدديّ المجالات، متحفًا للطبيعة ومتحفًا للثقافة الإسلامية.

الملحق ب

بموجب قانون المتاحف لعام 1983، تُمنح الصلاحيات الخاصة بالمتاحف لوزير التربية والتعليم والثقافة – حاليًا لدائرة الثقافة في وزارة الثقافة والرياضة. يميّز قانون المتاحف بين المتاحف المعترف بها والمتاحف الخاصة، بحيث تسري أحكام القانون وأنظمته على المتاحف المعترف بها فقط. تحصل هذه المتاحف على ميزانيات من دائرة الثقافة في وزارة الثقافة والرياضة.

توزَّع مِنح دائرة الثقافة على المتاحف بموجب اختبارات الدعم، التي عدّلت عدة مرات على مر السنين. توزَّع الميزانيات وفقًا للمعايير المختلفة [10] في اختبارات الدعم، والتي وضعت بعد التشاور مع مجلس المتاحف، وهو جسم معيّن من قبل وزير الثقافة، ويضم 21 عضوًا.

هذه المعايير تصنّف المتاحف في إسرائيل لأربع مجموعات رئيسية، بواسطة مؤشرات مختلفة مثل عدد الزوار، عدد المعارض، حجم ونوع المتحف، نوعية ونطاق المعلومات المعروضة للزوار، واللغات المستخدمة في اللافتات والمعارض.

فيما يلي جزء من المعايير التي تصنّف المتاحف لمجموعات مختلفة، والمتعلقة بقضية الإتاحة اللغوية:

المجموعة أ:

عدد زوار المتحف الدافعين هو 380 ألف زائر في السنة على الأقل

لافتات التنقل في المتحف متاحة للزوار بالعبرية، العربية والإنجليزية

في المعارض التي تستمر لأكثر من عشرة أسابيع، يتيح المتحف المعلومات بالعربية والإنجليزية، وذلك بتصميم مماثل للنسخة العبرية من حيث الحجم والجودة.

المجموعة ب:

عدد زوار المتحف الدافعين هو 130 ألف زائر في السنة على الأقل

لافتات التنقل في المتحف متاحة للزوار بالعبرية، العربية والإنجليزية

في المعارض التي تستمر لأكثر من عشرة أسابيع، يتيح المتحف المعلومات بالعربية، وذلك بتصميم مماثل للنسخة العبرية من حيث الحجم والجودة.

المجموعة ج:

عدد زوار المتحف الدافعين هو 42 ألف زائر في السنة على الأقل

المجموعة د:

عدد زوار المتحف الدافعين هو 7500 ألف زائر في السنة على الأقل

[1] إيتي فيسبلاي، المتاحف في الضواحي: زيارات الأطفال والشبيبة والدعم الحكومي (الكنيست، مركز الأبحاث والمعلومات، 2016).

[2] Olofsson Ulla Keding, Museums and children (Monographs on education UNESCO, 1979) https://unesdoc.unesco.org/ark:/48223/pf0000036521

[3] قانون أساس الميزانية الحكومية، اختبارات توزيع أموال الدعم لوزارة العلوم، الثقافة والرياضة، للحفاظ على استمرارية الأنشطة في المؤسسات الثقافية والفنية https://www.justice.gov.il/Units/Tmihot/Tavhinim/Tavhinim/161219culture.pdf

[4] إيتي فيسبلاي، المتاحف في الضواحي: زيارات الأطفال والشبيبة والدعم الحكومي، ص. 13 (الكنيست، مركز الأبحاث والمعلومات، 2016).

[5] المحامية ميخال شيك هار-طوف، تشريع الإتاحة يغيّر من النظام العام في إسرائيل ynet.co.il/articles/0,7340,L-4714485,00

[6] Claire Champ, Best Practices in Bilingual Exhibition Text Lessons from a Bilingual Museum, Claire Champ (Canada’s national museum of human history, 2016)

https://static1.squarespace.com/static/58fa260a725e25c4f30020f3/t/594d16f7e6f2e1d4a11ad314/%2014982244

[7] تجدون المسح الكامل والمعطيات حول معدّلات تمثيل المواطنين العرب من بين العاملين في سلك خدمات الدولة في تقرير مركز الأبحاث والمعلومات التابع للكنيست والذي أعدّ خصيصًا للجنة الدستور، القانون والعدالة. انظروا: بريغر أمير،

التمثيل اللائق في سلك خدمات الدولة: المجتمع العربي (الكنيست- مركز الأبحاث والمعلومات، 2020).

[8] Linda Ward, 6 Examples of  Language and Technology in Museums, (The Language Blog)  k-international.com/blog/language-and-technology-in-museums

[9] The Multilingual Museum: How Museums are Tackling the Objective of Engaging Multilingual Audiences (Art & Culture) blog.artculturetranslated.com/index.php/2017/10/25/the-multilingual-museum-how-museums-are-tackling-the-objective-of-engaging-multilingual-audiences/

[10] قانون أساس الميزانية الحكومية، اختبارات توزيع أموال الدعم لوزارة العلوم، الثقافة والرياضة، للحفاظ على استمرارية الأنشطة في المؤسسات الثقافية والفنية

https://www.justice.gov.il/Units/Tmihot/Tavhinim/Tavhinim/161219culture.pdf

This website uses "cookies", that are sometimes necessary for data usage, monitoring, control, and service improvement. Continued browsing of the site constitutes consent to the terms and privacy policy detailed in the following link.
Accept
Silence is Golden