سيكوي-أفق للمساواة والشراكة (ج م)

الأراضي، التخطيط والإسكان

تعمل سيكوي-أفق منذ نحو عقد في مجال الإسكان والتخطيط والبناء في المجتمع العربيّ، بهدف التطوير الحضريّ التحسينيّ والمستدام في البلدات العربيّة، والتشجيع على تنظيم البناء القائم

موجز

نتيجةً للتمييز المتواصل من قِبل الحكومات الإسرائيليّة، والذي تضمّن طيلة السنوات الماضية عمليات مصادرة لأراضٍ مملوكة لمواطنين عرب لصالح الاستيطان اليهوديّ، وسياسات تخطيطيّة تنطوي على قيود عديدة وسياسات تمييزيّة في تخصيص الأراضي وفي ميزانيات التخطيط والتطوير، قياسًا بالمجتمع اليهوديّ، يعاني المجتمع العربيّ من ضائقة إسكان حادة. تعمل سيكوي-أفق منذ نحو عقد في مجال الإسكان والتخطيط والبناء في المجتمع العربيّ، بهدف التطوير الحضريّ التحسينيّ والمستدام في البلدات العربيّة، والتشجيع على تنظيم البناء القائم.

  • مساحة البلدات العربية في الدولة: %3.4
  • نسبة المواطنين في البلدات العربيّة في الدولة: %14.4
  • البلدات التي أقيمت منذ عام 1948: 700 بلدة يهوديّة، 0 بلدات عربيّة (باستثناء 7 بلدات ثابتة أقيمت بهدف تركيز السكان البدو)
  • وفقًا لمعطيات  تموز 2020، يفوز المواطنون اليهود بنحو %99 من قُرَع السعر للساكن، بينما يحظى المواطنون العرب بـ 1%.

 

ما المشكلة؟

مصادرة دولة إسرائيل لملايين الدونمات من السكان العرب بدأت منذ حرب 1948، واستمرت لمدة سنوات طويلة. إلى جانب الأراضي التي هجّر منها السكان في عام 1948، صادرت حكومات إسرائيل في الفترة ما بين 1948 و 1972 أكثر من مليون دونم إضافيّ من المواطنين العرب. لاحقًا، في عام 1967، أعلنت حكومة إسرائيل عن نيتها مصادرة نحو 1.5 مليون دونم في النقب ونحو 20 ألف دونم في الجليل، وحقًا، صودرت الأراضي على نطاق واسع: فقد صودر نحو %61 من أراضي البلدات العربيّة في إسرائيل منذ قيام الدولة، وأجزاء كبيرة منها استخدم لغرض الاستيطان اليهوديّ. نسبة الأراضي الخاصّة المملوكة حاليًا للمواطنين العرب تبلغ نحو %3.5 من مجمل أراضي الدولة، بعد أن تم تأميم أو مصادرة الغالبية العظمى من أراضي بواسطة مجموعة من قوانين المصادرة. 

سياسات التخطيط والمصادرات التي تتبعها حكومات إسرائيل منذ قيام الدولة وإلى يومنا هذا أدّت إلى عواقب وخيمة وآثار بعيدة المدى على جودة الحياة في البلدات العربيّة. المصادرات التاريخيّة واسعة النطاق للأراضي أدت إلى نقص حاد في الأراضي المخصّصة للبناء في البلدات العربيّة، وبالتالي، فإنّ أزمة الإسكان تتفاقم تدريجيًا. شهدت العقود الماضية تمييزًا صارخًا في الميزانيات وسيرورات التخطيط، وقد أدّى ذلك إلى مشاكل عديدة في تطوير البلدات العربيّة، من ضمنها، ظاهرة البناء غير المرخّص التي تعاني منها البلدات. بالإضافة إلى ذلك، وإلى جانب الضرر الذي يلحق بأصحاب الأرض، تعاني البلدات من نقص في المساحات العامّة التي يمكن أن تقام فيها مبانٍ عامّة وبنى تحتيّة مهمّة مثل الشوارع، أنظمة الصرف الصحيّ، المدارس، العيادات، المشافي والمراكز الترفيهيّة، ومن شح مناطق التطوير المخصّصة للمواطنين العرب، والتي لا تلبّي الاحتياجات الأساسيّة ولا تتيح المجال للنمو والازدهار. القلة القليلة من المواطنين العرب يملكون أراضي خاصّة، وعدم تخصيص مساحات كافية من أراضي الدولة للبلدات العربيّة يخلق ضائقة إسكان للمواطنين العرب الذين لا يملكون أرضًا خاصّة.

ما زال تفضيل المواطنين اليهود على المواطنين العرب مستمرًا إلى يومنا هذا في مجالات البنى التحتيّة والتخطيط وتخصيص الموارد. على سبيل المثال، منذ قيام الدولة وإلى يومنا هذا، أقامت الدولة نحو 700 بلدة جديدة، جميعها للمواطنين اليهود، باستثناء 7 بلدات عربيّة أقيمت في النقب لتركيز السكان الذين كانوا مقيمين في القرى غير المعترف بها. بسبب ضائقة الإسكان الحادة في البلدات العربيّة، كثيرًا ما يضطر المواطنون العرب لمغادرة بلداتهم للسكن في بلدات يهوديّة أو في بلدات مختلطة. مع ذلك، فإنّ السكان العرب لا يستطيعون غالبًا تلقي خدمات أساسيّة خارج بلداتهم، مثل خدمات التربية والتعليم، خدمات دينيّة وثقافيّة- ولذلك، فإنّ الانتقال من البلدات العربيّة ينطوي على تنازلات عديدة. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ القانون المدعو “قانون لجان القبول” يسمح للبلدات في النقب والجليل التي تسكن فيها حتى 400 عائلة باشتراط دخول ساكن جديد بالمثول أمام لجنة قبول، مما يحول في كثير من الأحيان دون قبول السكان العرب في هذه البلدات.

مع أنّ عدد السكان العرب ازداد بوتيرة مماثلة لوتيرة الزيادة في عدد السكان اليهود، أقيمت منذ عام 1948  نحو 700 بلدة يهوديّة، ولم تقم تقريبًا أي بلدة عربيّة (باستثناء سبع بلدات دائمة وبديلة للمواطنين العرب البدو الذين هجّروا من أراضيهم في النقب). عدد كبير من هذه البلدات الـ 700 أقيمَ على الأراضي التي صودرت سابقًا من المواطنين العرب، بينما تقف أراض مصادرة أخرى خالية جرداء.

شكّل ذلك كلّه أساسًا متينًا لضائقة الإسكان التي نشهدها حاليًا في المجتمع العربيّ- يفتقر المواطنون العرب غالبًا لأراض متاحة لغرض الإسكان، بينما يضطر آخرون للبناء غير المرخّص، للأسباب المفصّلة أدناه. بالإضافة إلى ذلك، فإن ضائقة الإسكان (التي تقاس بعدد الغرف للفرد) في البلدات العربيّة تزيد بـ 1.6، قياسًا بالبلدات اليهوديّة ؛ تعاني بلدات عديدة من نقص في البنى التحتيّة والخدمات العامّة المتردية، زد على ذلك النمو السكانيّ في ظل الإهمال والفقر.

بالإضافة إلى ضائقة التخطيط والإسكان، وعواقبها الوخيمة على المجتمع العربيّ، والتي تؤّثر على جميع مجالات حياة السكان، فإنّ البنى التحتيّة المتردية تعرّض المواطن للعديد من المخاطر في الحيز العام، وتعيق الإتاحة لأصحاب المحدوديات ولفئات أخرى مثل المسنين والأطفال. شح الأراضي وتدنّي الائتمان يدفعان بالناس للاعتماد على السوق الرماديّة، التي تعزّز المنظّمات الإجراميّة. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ العديد من الشبّان المتعلّمين والميسورين نسبيًا من الطبقتين الوسطى والعليا، ينتقلون للسكن في بلدات يهوديّة أو مختلطة، وبالتالي، يبقى في البلدات العربيّة السكان ذوو الإمكانات المحدودة والمستوى التعليميّ المتدنّي، الأمر الذي يُضعف المجتمع العربيّ بأسره. 

يرغب العديد من الشباب العرب في السكن بجوار العائلة، بالقرب من المؤسّسات التعليميّة بلغتهم الأم، وبالقرب من أنظمة الدعم الاجتماعيّ. ولكنّ التغييرات في السوق العقاريّة، وإخفاق الدولة في التعامل مع ضائقة الإسكان في البلدات العربيّة، لا تسمح بذلك. بسبب توليفة من العوامل الاقتصاديّة والسياسيّة، يضطر العديدون للبحث عن مساكن بديلة متاحة في بلدات يهوديّة ومختلطة، مع أنّهم يعانون في هذه البلدات من تمييز صارخ في الخدمات البلديّة الأساسيّة مثل التعليم والرفاه وإمكانيات تلقي خدمات باللغة العربية. 

لنتعمّق أكثر

+ غياب بنى تحتيّة متطورة في البلدات العربيّة

93% من الأراضي في إسرائيل مملوكة للدولة ، لذلك، فهي تُدعى أراضي دولة، أما سائر الأراضي، فهي بملكية خاصّة. لأراضي الدولة أهمية قصوى لأنّه من الأسهل أن تقام عليها مبان وبنى تحتيّة لصالح مجمل السكان مثل المدارس، الشوارع، صناديق المرضى، المساكن الشعبيّة وأنظمة المياه والصرف الصحيّ. في البلدات العربيّة في إسرائيل، هناك نقص حاد في أراضي الدولة- %2 فقط من الأراضي الواقعة في البلدات العربيّة مملوكة للدولة. ذلك يعني أنّه إذا أرادت سلطة محليّة ما مثلًا توسيع شارع أو إقامة مبنى عام، عليها طلب مصادرة أرض من أصحابها- الأمر الذي يؤدي بطبيعة الحال إلى اعتراض شديد واتخاذ إجراءات قانونيّة مكلفة ومعقّدة.

اقرؤوا المزيد

على مدار السنوات الماضية، ازداد عدد السكان في البلدات العربيّة، وفي الدولة أيضًا- ولكن خلافًا للبلدات اليهوديّة، فإنّ البلدات العربيّة لم تتوسّع على الإطلاق تقريبًا. النقص في أراضي الدولة، إلى جانب التمييز في الميزانيات وسيرورات التخطيط، أدّى إلى البناء واسع النطاق بدون تخطيط مفصّل (وفي السابق أيضًا، تم البناء بدون تخطيط هيكليّ) في العديد من الأحياء، وقد نتجت عن ذلك أحياء تعاني من اكتظاظ شديد في المباني السكنيّة، وتفتقر للبنى التحتيّة والخدمات المطلوبة. أدّى ذلك إلى نقص في الأراضي المتاحة للتطوير، مع ازدياد الطلب على أراضٍ كهذه. 

إلى جانب ذلك، فإنّ شح أراضي الدولة وإخفاق الدولة في تطوير المساحات المحدودة المملوكة لها ساهما في تفاقم الوضع أكثر فأكثر، ومع اكتظاظ البناء في الأراضي الخاصّة، قُيّدت إمكانيات تطوير البلدات العربيّة فيما يتعلّق بطرح وتنفيذ حلول إسكانيّة، بناء مؤسّسات للجمهور، توسيع البنى التحتيّة وتحسين سائر الخدمات المقدّمة للمواطنين اليهود في سائر أنحاء البلاد.

اقرؤوا الملخّص

+ إهمال البلدات القديمة وغياب التجديد الحضريّ

تعاني المناطق القديمة في البلدات العربيّة من تحديات ماديّة عديدة نتيجة للتمييز القائم منذ سنوات طويلة في تخصيص الميزانيات والموارد، بما في ذلك موارد الأرض وموارد التخطيط، بالإضافة إلى التحديات المترتّبة على الطابع الطوبوغرافيّ لهذه المناطق. على ضوء ذلك، تعاني هذه المناطق من نقص في المساحات العامة المفتوحة، مثل الحدائق والمتنزهات العامة، ومن طرقات ضيقة، وسائل مواصلات عامة متردية، طرقات غير مهيّئة للمشاة، نقص في مواقف السيارات، ضائقة إسكان حادة وبنى تحتية متردية.

اقرؤوا المزيد

أحد الحلول التي تدعمها الحكومة للأنسجة العمرانيّة القديمة هو مشاريع التجديد الحضري- وهي التسمية العامّة لسيرورة إعادة تأهيل منطقة حضريّة متردية ماديًا أو اجتماعيًّا، وتحويلها إلى مكان يطيب العيش فيه. ولكن هناك هوة عميقة بين الأهداف التي ترتكز عليها سيرورات التجديد الحضري المنفّذة حاليًا بشكل شبه حصريّ في البلدات اليهوديّة، والأهداف المحدّدة للتجديد الحضريّ لو كانت ملاءمة لاحتياجات البلدات العربيّة. 

خلافًا للبلدات اليهوديّة، فإنّ النقص في المساحات العامّة المفتوحة هو التحدي الأكبر في المناطق القديمة في البلدات العربيّة، التي تعاني من نقص حاد في الحدائق العامة والملاعب الرياضيّة وغير ذلك. بالإضافة إلى ذلك، تعاني المناطق القديمة في البلدات العربية من تدني جودة المواصلات العامة، مع التشديد على البنى التحتيّة للمواصلات العامّة، مثل الأرصفة، مواقف السيارات، منالية المواصلات العامة، الازدحام المروريّ وركن الشاحنات في مناطق غير منظّمة. زد على ذلك مختلف أنواع البنى التحتيّة المتردية في المناطق القديمة، مثل البنى التحتيّة للكهرباء، المياه، الهاتف، التصريف والصرف الصحيّ.

في الوقت الحاليّ، فإنّ الأهداف الحكوميّة في إطار التجديد الحضريّ تصبو نحو دمج توجّهات عصريّة في هذا المجال بواسطة سيرورات تجديد الأنسجة العمرانيّة مثل الدمج بين الاستخدامات المختلفة، التطوير المركّز في مراكز البلدات، التجارة، التشغيل، التصميم وتجميل الحيز العام. ولكن في البلدات العربيّة، فإنّ النقاش حول تحسين الحيز العام يتناول جوانب ومركّبات أساسيّة أكثر- إنشاء بنى تحتيّة للصرف الصحيّ وتصريف المياه، توفير مساحات عامّة ومفتوحة، إقامة مبان عامة، توسيع طرقات وأرصفة لتستوفي المعايير المتّبعة، توفير مواقف سيارات منظّمة وما إلى ذلك. 

إلى جانب الأهداف المختلفة، هناك فرق أيضًا في الأدوات المستخدمة في سيرورات التجديد الحضريّ في البلدات اليهوديّة، والتي أصبحت في السنوات الأخيرة مرادفًا لخطة “إخلاء- بناء” والمخطّط الهيكليّ القطريّ “تما 38”. هذه الأدوات التي تقدّم حلولًا أفضل للمدن الواقعة في مركز البلاد، غير ملائمة للبلدات العربيّة: في البلدات العربيّة (ومن ضمنها الضواحي)، قيمة الأراضي متدنية، لذلك، فإنّ المشاريع غير مربحة للمبادرين- مما يؤدي إلى فشلها. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ هذه النماذج لا تقدّم حلًا كافيًا للمشكلة النمطيّة في البلدات العربيّة، والناتجة عن سياسة التمييز في موضوع الأراضي- مثل غياب المساحات المفتوحة (مثل الحدائق) أو المباني العامة (مثل رياض الأطفال). 

زد على ذلك العوائق المختلفة التي تحول دون التجديد الحضريّ في البلدات العربيّة: أحد العوائق الرئيسيّة متعلّق بحقيقة أنّ معظم الأراضي في البلدات العربيّة هي بملكية خاصة. لهذا السبب، فإنّ تنفيذ مشاريع التجديد الحضريّ في البلدات العربيّة متعلّق أولًا وأساسًا برغبة وموافقة صاحب الأرض. حتى بموافقة صاحب الأرض على تنفيذ مشروع تجديد حضريّ في أرضه، فإنّ طريقة تنفيذ المشروع متعلّقة برغبة واحتياجات صاحب الأرض والتي لا تتماشى دومًا مع احتياجات البلدة أو الحي. لذلك، فإنّ الملكيّة الخاصّة قد تردع الدولة والسلطة المحليّة عن قيادة سيرورات التجديد الحضريّ وتخصيص الموارد اللازمة لذلك.

عائق آخر أمام تنفيذ مشاريع تجديد حضريّ في البلدات العربيّة هو انعدام الثقة بين المواطنين العرب ومؤسّسات الدولة على خلفية سنوات طويلة عانى خلالها المواطنون العرب من مصادرات واسعة النطاق، التمييز وانعدام المساواة في تخصيص الأراضي، والتي جعلت من العلاقة مع مؤسّسات التخطيط علاقة مركّبة، صعبة وتتّسم بالريبة. 

اقرؤوا الملخّص

+ عديمو المسكن

بسبب الظروف التاريخيّة، يفتقر المواطنون العرب لأراضٍ خاصّة- فقد أمّمت الدولة معظم الأراضي التي كانوا يمتلكونها، وأصبحت أراضي مملوكة للدولة. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ %70 من المواطنين العرب الذين بقوا في إسرائيل بعد حرب 1948 أصبحوا مهجّرين داخليّين، أي أنّهم هجّروا من منازلهم، مخلّفين وراءهم ممتلكاتهم وأراضيهم، إلى أن صودرت على يد الدولة. إلى جانب النقص في أراضي الدولة في البلدات العربيّة، العوائق في تسويق أراضي الدولة القائمة، ومشاكل عديدة في سيرورات تخطيط وتطوير أراضٍ بملكية خاصّة، يفتقر العديد من المواطنين في المجتمع العربي لأراضٍ يمكنهم البناء فوقها (وهم معرّفون كـ "عديمي المسكن"). ذلك يعني أنّ هؤلاء الذين لا يملكون أراضي ملائمة للسكن بشكل عام، أو أنّ الأراضي القائمة تتضمّن عوائق عديدة تحول دون إمكانية إحقاق حقوق البناء في الأرض، مثل التحديات المرتبطة بتسجيل الأراضي، تعريف ملكية الأرض، التخطيط المفصّل المحدود وصعوبة إجراءات استصدار رخص بناء.

اقرؤوا المزيد

حتى بعد مرور 70 عامًا على لجوئهم داخليًا، ما زال هؤلاء السكان مهمّشين داخل البلدات العربيّة. التهجير في حرب عام 1948 أثّر على المجتمع العربيّ على مدار عقود طويلة، لأنّه لم يترك للأجيال القادمة أراض يمكنهم البناء فيها. بالإضافة إلى ذلك، لم تتح الدولة للبلدات العربيّة إمكانية التطوّر. بالتالي، وعلى مدار سنوات طويلة، فإنّ كمية الأراضي المحدودة والتزايد المستمر لعدد المواطنين المحتاجين لشقق إثر النمو السكانيّ الطبيعيّ، يؤديان معًا إلى عرض قليل وطلب عال على الشقق، الأمر الذي يزيد من أسعار الأراضي بشكل كبير جدًا، نسبةً لموقعها. طرأ ارتفاع حاد جدًا على أسعار الأراضي في السوق الصغيرة في المجتمع العربيّ، إلى أن أصبحت قيمتها غير متناسبة. يحدث ذلك في ظل الضعف الاقتصاديّ الملحوظ في المجتمع العربيّ: إذ أنّ غالبية السلطات المحليّة العربيّة فقيرة (تصنّف في الشرائح العشريّة 1-3) و %49 من المواطنين العرب يعيشون خط الفقر.

الدولة مسؤولة عن زيادة مخزون الشقق في البلدات العربيّة. وهي تفعل ذلك حاليًا على مساحة محدودة من أراضي الدولة المتاحة في البلدات العربيّة، حيث تسوّق شققًا بواسطة ثلاثة أنواع مختلفة من المناقصات: 

  • مشروع “ابنِ منزلك” (בנה ביתך)- حيث تسوّق الدولة قطعة أرض لمجموعة من المواطنين، والذين يبنون منازلهم بأنفسهم.
  • بناء عن طريق مقاول- حيث تسوّق الدولة قطعة أرض لمقاول، يلتزم ببناء عدد محدّد من الشقق، وتسويقها للجمهور.
  • السعر للساكن/شقة بسعر مخفّض- حيث تسوّق الدولة شققًا بسعر مخفّض بواسطة قرعة.

معظم هذه المناقصات، خاصة البناء عن طريق مقاول وشقة بسعر مخفّض، تفشل في البلدات العربيّة لأنّها غير ملائمة لاحتياجات المواطنين العرب ولخصائص سوق الإسكان في المجتمع العربي. خطط التسويق هذه تنفّذ في البلدات العربية بنفس طريقة التنفيذ في المدن اليهوديّة الكبرى، بدون مراعاة خصائص النسيج الاجتماعيّ والنسيج العمرانيّ في البلدة. 

أحد العوائق الرئيسيّة النابعة عن عدم معرفة الدولة لاحتياجات المجتمع العربي وعدم ملاءمة الآلية لخصائص المجتمع العربي واضح للعيان في خطة “السعر للساكن”، التي أتاحت المجال لشراء شقة أولى بشروط مغرية للأزواج الشابة، ولكنّها لن تلق نجاحًا في المجتمع العربيّ. حتى شهر تموز 2020، %2.9 فقط من الشقق التي تم تسويقها في إطار خطة السعر للساكن في البلدات العربيّة، و%0.9 فقط من الفائزين في إطار خطة السعر للساكن كانوا من البلدات العربيّة، وفقًا لمعطيات وزارة البناء.  في هذه الحالة، أعلمت جمعية سيكوي-أفق وزارة الإسكان بأنّ التجاوب الضعيف نبع من عدم ملاءمة الخطة للأنماط القائمة في المجتمع العربيّ، حيث يعتاد الأزواج شراء الشقة قبل الزواج، في مرحلة الخطوبة، وليس بعد الزواج. تبنّت وزارة الإسكان توصية سيكوي-أفق وقامت بتعديل شروط الاستحقاق بحيث تشمل أيضًا الأزواج المخطوبين، الأمر الذي ساهم في إزالة عائق رئيسيّ أمام نجاح خطة “السعر للساكن” في المجتمع العربيّ.

اقرؤوا الملخّص

+ توسيع البلدات العربيّة- حل غير مدعوم من الدولة

منطقة النفوذ هي المنطقة البلديّة التابعة لكل بلدة، وفي جزء منها، يجوز للسلطة المحليّة الترويج لمخطّطات هيكليّة، والتطوير بواسطة بناء شقق، مبان عامة وبنى تحتيّة.

اقرؤوا المزيد

مناطق نفوذ البلدات العربيّة لم توسّع، على الرغم من النمو السكانيّ الطبيعيّ والحاجة لمناطق تجاريّة وتشغيليّة ومؤسّسات عامّة. خلافًا للبلدات العربيّة، نفّذت في العديد من البلدات اليهوديّة مشاريع توسّعيّة كبيرة في مناطق النفوذ. توسيع مناطق النفوذ في البلدات اليهوديّة نبع أساسًا من النمو السكانيّ في المدينة والاحتياجات المتغيّرة لسكّانها، وأحيانًا لاعتبارات سياسيّة ومخطّطات للسيطرة على الأراضي، مثل مخطّطات تهويد النقب والجليل. نجد مثالًا على التمييز في توزيع موارد الأراضي بين اليهود والعرب، وعواقب هذا التمييز على ضائقة الإسكان والتطوير الحضريّ، عند المقارنة بين مدينة معظم سكّانها يهود، وهي نوف هغليل (نتسيرت عيليت سابقًا)، والتي يبلغ عدد سكاها نحو 45 ألف نسمة وتمتد مساحتها على 40 ألف دونم، ومدينة الناصرة المجاورة لها، التي يبلغ عدد سكانها نحو 70 ألف نسمة وتمتد مساحتها على 14 ألف دونم فقط . إنّ تجميد مناطق النفوذ في البلدات العربيّة أعاق تنفيذ مشاريع بناء تحسّن من ضائقة الإسكان أو وضع البنى التحتيّة فيها.

بالإضافة إلى ذلك، أدرجت الدولة عددًا كبيرًا من البلدات العربيّة ضمن أراضٍ غير متاحة للتطوير ولا تسمح بتوسيع مناطق النفوذ، مثل غابات الصندوق القوميّ اليهوديّ، الأراضي الزراعيّة، الحدائق الوطنيّة، النصب التذكاريّة، الطرقات وخطوط الجهد العالية التي يحظر البناء تحتها. لتغيير استخدامات هذه الأراضي، يجب خوض سيرورة طويلة ومعقّدة بالتعاون مع الدولة وبدعم منها.

في حالات أخرى، لم توسّع الدولة مناطق نفوذ البلدات العربيّة، مع أنّ العديد من السكان يملكون أراضي خاصة خارج الخط الأزرق أو ضمن مناطق نفوذ بلدات يهوديّة. في واقع كهذا، حتى بوجود أرض خاصة يمكن البناء فيها، إذا غيّرت الدولة استخدام الأرض، فإنّ حدود منطقة نفوذ البلدة لا تسمح بذلك. 

يرغب العديد من الشبّان والشابات العرب في متابعة السكن بجوار عائلاتهم وبالقرب من منظومات الدعم المألوفة لهم، ولكنّ التغييرات في السوق العقاريّة، وإخفاق الدولة في التعامل مع ضائقة الإسكان في البلدات العربيّة، لا تسمح بذلك. بسبب توليفة من العوامل الاقتصاديّة والسياسيّة، يضطر العديدون للبحث عن مساكن بديلة متاحة في بلدات يهوديّة ومختلطة، مع أنّهم يعانون في هذه البلدات من تمييز صارخ في الخدمات البلديّة الأساسيّة مثل التعليم والرفاه وإمكانيات تلقي خدمات باللغة العربية. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ القانون المدعو “قانون لجان القبول” يسمح للبلدات في النقب والجليل التي تسكن فيها حتى 400 عائلة باشتراط دخول ساكن جديد بالمثول أمام لجنة قبول، مما يحول في كثير من الأحيان دون قبول السكان العرب في هذه البلدات.

اقرؤوا الملخّص

+ التخطيط على أرض خاصة

معظم الأراضي في البلدات العربيّة هي بملكية خاصّة، غالبًا بملكية مشتركة بين عدة أشخاص، وفي أحيان كثيرة، بدون تسجيل منظّم ومحدّث للملكيّة، بالتالي، فإنّ استخدام هذه الأراضي يتطلّب خطط دمج وتجزئة وإجراءات تسجيل طويلة ومتعبة، كشرط لإصدار رخص بناء. لتخصيص أرض لتلبية احتياجات عامّة (طرقات، أرصفة، مدارس، روضات، صناديق مرضى وغير ذلك) في الخطط التي تسري على أرض خاصة أو أرض خاصة ومملوكة للدولة في آن واحد، ولتخطيط عملية التخصيص بطريقة تلبّي الاحتياجات المختلفة في الحيّ، يجب اتخاذ إجراء امتلاكيّ-تخطيطيّ يُدعى "دمج وتجزئة". في هذا الإجراء، يتم الدمج بين أراض خاصّة (أو أراض خاصة ومملوكة للدولة في آن واحد) لمجمع مشترك، تُعاد تجزئته بطريقة تسمح بإقامة مدارس، شوارع وبنى تحتيّة أخرى.

اقرؤوا المزيد

ينطوي هذا الإجراء على صعوبات كثيرة في وضع خطط على أراضٍ خاصّة لأنّها تتطلب موافقة جميع أصحاب الأراضي، بما يتماشى مع احتياجات وخصائص سكان المكان. بالإضافة إلى ذلك، وعلمًا أنّ معظم الأراضي الخاصّة في المجتمع العربيّ هي أراض متوارَثة، يكون هناك غالبًا عدة ملّاك للأرض، الأمر الذي يزيد من صعوبة التخطيط وتطوير الأرض، لأنّه إلى جانب الأدوات التخطيطيّة، هناك حاجة أيضًا لإجراءات تجسير وبلورة اتفاقات بين مختلف ملّاك الأرض. أضِف إلى ذلك أنّ إجراءات “الدمج والتجزئة” تنطوي على مصادرة جزء كبير من الأرض لتلبية احتياجات عامّة، الأمر الذي قد يثير اعتراض الملّاك، خاصة على ضوء الحساسيّة لقضية المصادرات في المجتمع العربيّ. مشكلة أخرى هي أنّ المواطنين العرب لم يسجّلوا حقوقهم في الأراضي الخاصّة التي يملكونها في السجّلات الرسميّة لدولة إسرائيل. وذلك نتيجة للتحديات النابعة عن تعدّد ملّاك الأرض، التكاليف الباهظة وانعدام الثقة. النتيجة هي أنّ التسجيل القائم في الوزارات بخصوص الأراضي لا يتماشى دومًا مع خارطة الملكيات المتعددة للأرض. 

في البلدات العربيّة، تشكّل ما نسبته %2 فقط من الأراضي هي بملكية الدولة، وبإمكان الدولة تسويق شقق سكنيّة على هذه الأراضي، ولكنّ جزءًا كبيرًا من المجمعات التي تخصّصها الدولة للتسويق تتضمّن جُزرًا من أرض خاصّة. هذه المجمعات المختلطة (أيّ أنّ جزءًا منها أرض خاصة والجزء الثاني بملكية الدولة)، تضع تحديًا مركّبًا للغاية لأنّ الدولة لا تموّل تكاليف تطوير بنى تحتيّة في أراضٍ خاصّة، ومعظم السلطات المحليّة العربيّة غير قادرة ماديًا على اتخاذ هذا الإجراء بقواها الذاتيّة. حتى السنوات الأخيرة، لم تموّل الدولة تكاليف تطوير بنى تحتيّة في أراضٍ خاصّة، ومؤخّرًا، تبنّت الدولة توصيتنا وبدأت بالتمويل، ولكنّ الميزانية التي خصّصت كانت تجريبيّة، بقيمة 600 مليون شيكل جديد، ولذلك، فهي تلبيّ احتياجات جزئيّة جدًا فيما يتعلّق بالبنى التحتيّة.

اقرؤوا الملخّص

+ البناء غير المرخّص ملاذًا أخيرًا

أحد النواتج البارزة للاتجاهات التي تناولناها حتى الآن، والذي يعتبر أحد أشد العوارض الجانبيّة للضائقة في البلدات العربيّة، هو البناء غير المرخّص، والذي يتم، في الغالبية العظمى من الحالات، على الأراضي الخاصّة للسكان ملّاك الأراضي.

اقرؤوا المزيد

يشير بحث لجمعية سيكوي-أفق والمركز العربيّ للتخطيط البديل إلى أنّه يوجد في البلدات العربيّة نحو 14 ألف مبنى سكنيّ غير مرخّص، بحيث توجد في كل مبنى وحدتان سكنيتان، وفي كل وحدة سكنيّة نحو خمسة أشخاص. وفقًا لهذه الحسابات، يعاني نحو 150 ألف مواطن (لا يشمل البلدات في النقب) من عقوبات تتمثّل بغرامات باهظة، توصيلات غير آمنة بالكهرباء، غياب البنى التحتيّة ونقص حاد في المؤسّسات العامّة، والبعض منها مهدّد أيضًا بالهدم. هناك أيضًا نحو 15 ألف سقيفة زراعيّة ومبان أخرى أقيمت بدون رخصة على ضوء النقص الحاد في تخصيص وتطوير مناطق للتشغيل والتجارة، وهي مهدّدة بالهدم (هذه الأرقام لا تشمل منطقتيْ النقب والقدس الشرقيّة). 

يتم البناء غير المرخّص بسبب غياب الخيارات الأخرى، والسبب الرئيسيّ وراء ذلك هو غياب تخطيط مفصّل في الأراضي الخاصّة ونقص العرض على المساكن في الأراضي المملوكة للدولة. في كثير من الحالات، فإنّ أراضي السكان، سواء كانت واقعة ضمن مناطق نفوذ البلدات أو خارجها، غير مشمولة في التخـطـيـط الهيكليّ للبلدة. نتيجة لذلك، يضـطـر العديد من السكان للانتظار لعشرات السنين، ليتمكّنوا من البناء وفقًا لقانون التخطيط والبناء، في الأراضي المملوكة لهم. 

عشرات آلاف المباني في البلدات العربية أقيمت بدون رخص بناء، وتهدم سنويًا عشرات المباني (المعـطيات في النقب أصعب بكثير، حيث يُهدم سنويًّا نحو 2000- 3000 مبنى). البناء غير المرخّص في البلدات العربيّة يعتبر إشكالية جادة ويؤدي إلى ضائقة صعبة لجميع أصحاب الشأن، سواء لسكان المنازل التي بنيت بدون رخصة أو للجمهور بشكل عام. بالإضافة إلى التهديد الدائم بهدم المنازل وفقدان المأوى، الحياة اليوميّة في ظل المخاطر، بدون توصيل بالكهرباء والبنى التحتيّة الأساسيّة، للبناء غير المرخّص أيضًا عواقب وخيمة على مساعي التطوير في البلدات العربيّة، إلى حدٍ يضر بالصالح العام. أحيانًا، يتم البناء غير المرخّص بدون الأخذ بعين الاعتبار التخطيط المستقبليّ، وبالتالي، فإنّ ذلك يمس بقدرة السلطات على تطوير بنى تحتيّة عامة للجمهور أو بالقدرة على الحفاظ على مساحات مفتوحة. 

اقرؤوا الملخّص

+ تشديد إجراءات تطبيق القانون دون طرح حلول

على مدار عقود، تمثّل ردّ الدولة على ظاهرة البناء غير المرخص بسياسات تنفيذيّة وليس تخطيطيّة- سياسة هدم المنازل، فرض غرامات والتجريم الذي ازدادت حدّته واتسع نطاقه في السنوات الأخيرة. في عام 2017، تمت المصادقة على التعديل 116 من قانون التخطيط والبناء ("قانون كمينتس)، والذي أعاد صياغته نائب المستشار القضائيّ للحكوميّ إيرز كمينتس.

اقرؤوا المزيد

صيغَ هذا القانون بهدف تشديد إجراءات تطبيق القانون والمعاقبة على مخالفات البناء غير المرخّص بواسطة تشديد العقوبة، توسيع دائرة المسؤولين عن مخالفات التخطيط والبناء وتوسيع صلاحيات جهات إنفاذ القانون الإداريّة، إلى جانب تقليص صلاحيات المحاكم. وذلك، لتسهيل إصدار أوامر هدم وفرض عقوبات إداريّة، بدون اتخاذ إجراء جنائيّة وبدون حاجة للتوجّه إلى المحكمة. 

تعديل القانون وتشديد إجراءات تطبيق القانون أثارا موجة من النقد لأنّهما لم يطرحا حلولًا للعوائق البنيويّة التي تحول دون البناء المرخّص. إثر موجة النقد هذه، تقرّر في تشرين الثاني 2020 إجراء تجميد جزئيّ لمدة سنتين لسياسات التنفيذ المشدّدة التي تمّ تبنيها في أعقاب قانون كمينتس. على الرغم من تجميد القانون لمدة سنتين، ما زال التهديد بالعقوبات وعمليات الهدم يتربّص بالسكان المقيمين في مناطق نفوذ السلطات المحليّة العربيّة.

عقب هذه الأحداث، ذوّتت الدولة في السنوات الأخيرة أنّ هناك حاجة حقيقيّة للاستثمار في التخطيط وفي تغيير السياسات في البلدات العربيّة، وبالتالي، بدأت باستثمار مزيد من الموارد والميزانيّات. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ معظم الميزانيات التي خصّصت حتى الآن حوّلت للتخطيط المفصّل في مجمعات جديدة، بينما لم توضع قضية تنظيم الأراضي على رأس سلم أولويات الدولة، ولم تُستثمر فيها موارد كافية (على مستوى الميزانيات، وعلى مستوى بلورة حلول تخطيطيّة ملاءمة). في إطار القرار الحكوميّ 922 للتطوير الاقتصاديّ-الاجتماعيّ في المجتمع العربيّ، تم تخصيص موارد للتخطيط في البلدات العربيّة، ولكن بسبب طبيعة الخطة، التي تضمّنت إجراءات متعبة واشتراط تحويل الميزانيات بمعدّل التنفيذ، واجهت بلدات عديدة عوائق حدّت من قدرتها على استغلال هذه الميزانيات. هذا يعني أنّ الدولة طالبت السلطات بتنفيذ عقوبات على البناء غير المرخّص، قبل أن تتيح لها المجال لتنظيم البناء بواسطة التخطيط، بحيث تلغى العقوبات.

في نهاية عام 2021، اتخذت الحكومة القرار المكمّل، الخطة 550، والتي وضعت أهداف إزالة العوائق أمام التخطيط والتنفيذ، إعادة التأهيل وتطوير بنى تحتيّة وإقامة مؤسّسات عامة. قد تكون لهذه الخطة مساهمة كبرى في بلورة سياسة حكوميّة تجاه المجتمع العربيّ في السنوات القريبة، ومن ضمن ذلك تنفيذ جزء من الدروس المستفادة من تطبيق القرار الحكوميّ 922. مع ذلك، تفتقر الخطة لإجراءات مهمة أخرى، مثل تخصيص أراضي الدولة لتطوير بنى تحتيّة عامّة وتوسيع مناطق نفوذ ومناطق تطوير البلدات، بطريقة تساهم في تلبية جميع احتياجات التطوير والإسكان في البلدات. لذلك، وعلى الرغم من التقدّم الملحوظ الذي طرأ في السنوات الماضية في مجال التخطيط في البلدات العربيّة، إلّا أنّ الطريق نحو سد الفجوات ما زالت طويلة.

ظاهرة البناء غير المرخّص تخلق ضائقة حقيقيّة في البلدات العربيّة، والدولة مسؤولة عن حلّها. يشير بحث أجرته سيكوي-أفق، بالتعاون مع المركز العربيّ للتخطيط البديل، إلى أنّه لم يتم بعد تنظيم نحو 14 ألف مبنى سكنيّ غير مرخّص، مع أنّ %87 من هذه المباني تقع ضمن حدود الخارطة الهيكليّة. بالنسبة للمباني الصلبة الواقعة خارج حدود الخارطة الهيكليّة، فإنّ معظمها محاذية لحدود الخارطة الهيكليّة، وأكثر من نصفها يقع في 5 بلدات فقط. بالإضافة إلى ذلك، تشير المعطيات إلى أنّه نحو %66 من المباني الصلبة غير المنظّمة تقع ضمن منطقة نفوذ 10 بلدات فقط (كفر قرع، أم الفحم، عرعرة، الطيرة، جت، الطيبة، باقة الغربية، قلنسوة، يركا وعسفيا). زد على ذلك أنّ ثلث المباني الصلبة غير المرخّصة تقع ضمن مناطق نفوذ ثلاث بلدات فقط (كفر قرع، أم الفحم وعرعرة)، ومن المتوقع أن تنظّم في إطار الخطط قيد التطوير. تدل هذه النتائج على أنّه بالإمكان تنظيم معظم المباني غير المنظّمة بواسطة تركيز الجهود وزيادة الميزانيات المخصّصة لعدة بلدات مختارة، حيث يوجد التركيز الأعلى للمباني غير المنظّمة.

اقرؤوا الملخّص

+ تمثيل ومشاركة الجمهور والسلطات في إجراءات التخطيط

وفقًا لقانون التخطيط والبناء (1965)، لدعم البناء في البلدة أو المدينة في إسرائيل، هناك حاجة لخارطة هيكليّة شاملة تحدّد الإطار التخطيطيّ للبلدة، تحدّد استخدامات الأرض وتقسّم البلدة إلى مجمعات تخطيط. لا يمكن بعد، بموجب هذه الخطة، استصدار رخص بناء، ولكن لا يمكن الانتقال إلى المرحلة التالية بدونها. بعد المصادقة على الخارطة الهيكليّة الشاملة، يجب تحضير خطة مفصّلة لكل مجمع تُدعى مخطّط بناء مدينة (תב"ע) والذي يمكن بموجبه استصدار رخصة بناء.

اقرؤوا المزيد

خلافًا لسائر أنحاء البلاد، وبما أنّ معظم الأراضي في البلدات العربيّة هي بملكية خاصة، يحب وضع خطة مفصّلة، إلى جانب خطة الدمج والتجزئة. في كثير من الحالات، فإنّ ذلك لا يتحقّق، ولذلك، يجب الحصول على مصادقة لجنة التخطيط المحليّة على خطة دمج وتجزئة لتسهيل التعامل مع الحالات التي تتعدّد فيها الملكيات الخاصّة على الأرض بطريقة تتيح المجال للتخطيط. في وضع كهذا، فإنّ الخطط المطروحة والمدعومة في اللجان اللوائيّة لا تلاءم للوضع الامتلاكيّ في البلدات، وتضطر اللجنة المحليّة لتغيير التخطيط في مرحلة الدمج والتجزئة لملاءمته للوضع الامتلاكيّ ولخارطة الملكيات على الأرض في المنطقة ذات الصلة. هذه الطريقة السائدة تؤدي إلى بذل جهود مضاعفة في العمل التخطيطيّ، وتطيل الوقت المطلوب للمصادقة على الخرائط وتنظيم البناء القائم. 

نتيجة لذلك، فإنّ المصادقة على خطة تسمح باستصدار رخصة بناء في البلدات العربيّة (بالطريقة السائدة حتى الآونة الأخيرة في العديد من المؤسّسات التخطيطيّة) تستغرق 8 سنوات تقريبًا. بينما يستغرق ذلك في سائر أنحاء البلاد سنتين ونصف تقريبًا- أي أقل بـ 3 أضعاف تقريبًا. يتّضح ذلك أيضًا في “تقرير مراقب الدولة، الذي ينص على أنّ “إجراءات تخطيط الأراضي الخاصّة تستغرق وقتًا طويلًا جدًا، وهناك حاجة لخطط مصادق عليها تتيح المجال لبناء وحدات سكنيّة”. منذ عام 2022، تبنّت دائرة التخطيط توصيتنا وتوقّفت عن التخطيط بهذه الطريقة. وحاليًا، فإن معظم الخطط تقدّم على شكل خطة واحدة للجنة واحدة، وفقًا لتوصيتنا.

أحد العوائق الرئيسيّة التي تطيل إجراءات التخطيط في البلدات العربيّة وتؤثّر على جودته، هو إقصاء المجتمع العربيّ وممثّليه من سيرورات اتخاذ القرارات في مواضيع التخطيط وتدنّي مستوى ممثّلي المجتمع العربيّ في مؤسّسات التخطيط وفي مواقع صنع القرار. إقصاء ممثّلي المجتمع العربيّ ينعكس في عمل مؤسّسات التخطيط على جميع المستويات، بدءًا من المجلس القطريّ وللجانه الفرعيّة، مرورًا بلجان التخطيط والبناء اللوائية، وصولًا إلى المستوى المحليّ. 

على مدار سنوات طويلة، دعت الدولة للامتناع عن منح صلاحيات تخطيط للبلدات العربيّة، ونتيجة لذلك، هناك لجنة تخطيط وبناء محليّة في أربع بلديات عربيّة فقط، وهي: الناصرة، الطيرة، الطيبة ورهط. هذه اللجان غير مستقلة، ولذلك، فهي غير مخوّلة بالمصادقة على خطط مفصّلة. سائر البلدات العربيّة مشمولة في مجمعات تخطيط مناطقيّة، خاضعة للجان تخطيط وبناء مناطقيّة. هذا الواقع يضعف قدرة ممثّلي البلدات العربيّة على التأثير وقيادة سيرورة تخطيط محليّ تلبي احتياجات البلدات، خاصة وأنّه توجد في معظم البلديات اليهوديّة لجان محليّة، بينما تفتقر معظم السلطات المحليّة العربيّة للجان كهذه. 

مشكلة أخرى هي غياب التمثيل اللائق للمواطنين العرب في الجهات التخطيطيّة وفي لجان التخطيط المناطقيّة. نسبة الأعضاء العرب من مجمل الأعضاء في مؤسّسات التخطيط القطريّة واللوائيّة، وفي جميع الجهات المهنيّة الموازية لها في عملها، متدنية جدًا، وبعيدة كل البعد عن تمثيل الجزء النسبيّ للمواطنين العرب من مجمل السكان. وفقًا لمعطيات مركز المعلومات والأبحاث في الكنيست من شهر شباط 2021، يعمل في جهات التخطيط المهنيّة، بما في ذلك مديرية التخطيط ودوائر التخطيط اللوائيّة، 14 موظّفًا عربيًا فقط من أصل 400، أي أنّ نسبة الموظفين العرب تبلغ %3.5 فقط . في مقر مديرية التخطيط، حيث يعمل 190 موظّفًا بالمجمل، هناك مواطنان عربيان- أي %1.1. في المجلس القطريّ للتخطيط والبناء، وهو الجسم الذي يرأس جميع مؤسّسات التخطيط، والمسؤولة عن إجراءات التخطيط قطريًا، عضوان اثنان فقط، من أصل 32 عضوًا، هما من المجتمع العربيّ- %6 فقط.  من بين الأعضاء الـ 15 في اللجنة القطرية لتخطيط وإنشاء بنى تحتيّة وطنيّة، والتي تحظى بصلاحيات المجلس القطريّ لتخطيط وإنشاء بنى تحتيّة وطنيّة، ومن ضمنها صلاحية إصدار رخص بناء، هناك مواطن عربي واحد- أي أنّ النسبة لا تتعدى %6 فقط.

غياب التمثيل اللائق للمواطنين العرب ينعكس أيضًا في الجهات التخطيطيّة وفي لجان التخطيط المناطقيّة. في لواء الجنوب، تبلغ نسبة الموظّفين العرب %6.9 من مجمل الموظّفين في اللواء، بينما يعمل في لواء المركز موظّف عربي واحد من أصل 44- أي %2.3 فقط. في لجان التخطيط في ألوية تل أبيب، القدس ويهودا والسامرة، لا يوجد أي موظّف عربي. في دائرة التخطيط اللوائيّة في لواء الشمال، يعمل 7 موظّفين عرب، والذين يشكّلون %19.4 فقط من مجمل الموظّفين في اللواء. صورة الواقع في لواء الشمال صارخة جدًا، علما أنّ %57 من سكان اللواء منتمون للمجتمع العربيّ.

بالإضافة إلى غياب التمثيل اللائق في لجان التخطيط والجهات المسؤولة عن اتخاذ القرارات في مجال التخطيط وسياسات الأراضي، هناك نقص حاد في الأخصائيين المهنيين العرب في جهات التخطيط المهنيّة ووسط واضعي السياسات على مختلف المستويات. النقص في الأخصائيين المهنيين المطّلعين على الظروف السائدة في البلدات العربيّة، الإشكاليّات القائمة واحتياجات المجتمع العربيّ، يؤدي إلى نقص كبير في المعلومات الضروريّة للتخطيط السليم، ويحدّ من إمكانية بلورة سياسات التخطيط وطرح حلول ملائمة وقابلة للتطبيق.

يحدث ذلك كله في واقع يوضع فيه عدد كبير من الخطط المفصّلة بدون مشاركة عدد كاف من الجمهور، بالتالي، فهي لا تتيح المجال للمجتمع العربيّ بالردّ والتعقيب عليها. نتيجة لذلك، توضع خطط عديدة لا تأخذ بعين الاعتبار قضايا مهمّة وضروريّة من أجل نجاح هذه الخطط، مثل وضع الملكية على الأرض، إمكانيات تنفيذ الخطط وتلبية احتياجات السكان. بدون مشاركة فعّالة من قبل الجمهور، لا يمكن وضع قاعدة متينة للتخطيط، تأخذ بعين الاعتبار الخلافات الداخليّة والاتفاقات داخل العائلات التي تضمن تنفيذ الخطط. 

اقرؤوا الملخّص

+ قلة وتأخر القرارات الحكوميّة

سعت الحكومة منذ عام 2015 لدعم خطط خمسيّة من أجل تطوير البلدات العربيّة. المحور الرئيسيّ في الخطط الحكوميّة كان التطوير الاقتصادي في المجتمع العربيّ، وقد تطرّقت هذه الخطط إلى مواضيع عديدة، ومن بينها، مجال التخطيط والإسكان. الخطة الحكوميّة الرئيسيّة في هذه الفترة كانت خطة "النشاط الحكوميّ من أجل التطوير الاقتصاديّ لدى مجموعات الأقلية في الفترة ما بين 2016-2020" (القرار الحكوميّ 922)، والتي خصّصت نحو 15 مليار شيكل للتطوير الاقتصاديّ في البلدات العربيّة، تلتها خطط أخرى مكمّلة لأهداف النشاط الحكوميّ في المجتمع العربيّ بأسره. في مجال التخطيط والبناء، نفّذت الخطة الحكوميّة على مستويين من التمويل والاستثمار: في 15 سلطة محليّة معرّفة كـ "سلطات استراتيجيّة"، ومعظمها من أكبر السلطات (10 بلديات و5 مجالس محليّة)، وفي 34 سلطة محدّدة.

اقرؤوا المزيد

مع ذلك، وعلى الرغم من الميزانيات الكبيرة نسبيًا، تخلّلت الخطة إشكاليّات كبيرة شكّلت عائقًا أمام استغلال الميزانية. ينصّ تقرير مراقب الدولة لعام 2019 على أنّ الحكومة وقّعت على اتفاقيات أمام السلطات، والتي اعتبرت اتفاقيات استراتيجيّة، بدون فحص احتياجات السكان. الاتفاقيّات الاستراتيجيّة شملت في كثير من الحالات شروطًا مختلفة لم يمكن بإمكان السلطات المحليّة استيفاؤها، بالتالي، فإنّ سيرورة المصادقة على الخطط تعطّلت مرة تلو الأخرى، والأموال المخصّصة لمعالجة الضائقة لم تحوّل. ففي البلدات المشمولة في الاتفاقيات الاستراتيجيّة، لم تتعد نسبة استغلال الميزانية %7 فقط.

نتيجة لذلك، كان استغلال ميزانيات الخطط الخمسيّة المختلفة جزئيًّا جدًا، وفي تشرين الأول 2021، قرّرت الحكومة المصادقة على خطة خمسيّة جديدة تكمل الخطط السابقة وتوسّعها- القرار 550. خصّصت الخطة لمجال الإسكان ميزانية 2.5 مليار دولار من ميزانيات الوزارات، ووضعت أهدافًا لتسويق وحدات سكنيّة ولإزالة العوائق في التخطيط والتنفيذ، تطوير وإعادة تأهيل البنى التحتيّة وإقامة مؤسّسات عامة. سيرورة بلورة الخطة شملت سيرورة مشاركة وتشاور مع اللجنة القطريّة لرؤساء السلطات المحليّة العربيّة في إسرائيل ومنظّمات المجتمع المدنيّ المتعاونة معها، والذين قدّموا لصنّاع القرار سلسلة توصيات تستند إلى الدروس المستفادة والعوائق التي تم تشخيصها في تنفيذ الخطط الخمسيّة الحكوميّة السابقة.

قد تكون لهذه الخطة مساهمة كبرى في بلورة سياسة حكوميّة تجاه المجتمع العربيّ في السنوات القريبة، ومن ضمن ذلك تنفيذ جزء من الدروس المستفادة من تطبيق القرار الحكوميّ 922. مع ذلك، وإلى جانب تخصيص الميزانيات لدعم التخطيط والتطوير في البلدات العربيّة، تفتقر الخطة لإجراءات مهمة أخرى، مثل تخصيص أراضي الدولة لتطوير بنى تحتيّة عامّة وتوسيع مناطق نفوذ ومناطق تطوير البلدات، بطريقة تساهم في تلبية جميع احتياجات التطوير والإسكان في البلدات.  طرأ في السنوات الماضية تقدّم ملحوظ في مجال التخطيط في البلدات العربيّة، خاصةً فيما يتعلّق بالمصادقة على خرائط هيكليّة وعلى تخطيط مفصّل في البلدات. ولكن الطريق نحو سد الفجوات ما زالت طويلة، وما زالت هناك عوائق كثيرة أمام استكمال سيرورات التخطيط والتطوير بطريقة تلبي جميع احتياجات السكان في البلدات بشكل كامل. 

التخطيط والبناء يحتاجان للميزانيات- لقراءة المزيد عن مصادر دخل السلطات المحليّة العربيّة، اضغطوا هنا.

هل قيل لكم إنّ المواطنين العرب لا يدفعون ضريبة الأرنونا؟ غير صحيح. الإجابات عن جميع أسئلتكم حول الأرنونا وفجوة الميزانيات بين السلطات المحليّة اليهوديّة والعربيّة متاحة هنا

ضائقة الإسكان صعبة جدًا في النقب، حيث توجد تحديات مختلفة. للمزيد حول ما يحدث في النقب، اضغطوا هنا.

اقرؤوا الملخّص

كيف نغيّر؟

+ وضع سياسة ملاءمة وتخصيص الميزانيات المطلوبة للتخطيط والتنظيم

سعت الحكومة منذ عام 2015 لدعم خطط خمسيّة من أجل تطوير البلدات العربيّة، وذلك بطرق عديدة من ضمنها، تخصيص ميزانيات للتخطيط والتنظيم. الخطة الحكوميّة الرئيسيّة في هذه الفترة كانت خطة "النشاط الحكوميّ من أجل التطوير الاقتصاديّ لدى مجموعات الأقلية في الفترة ما بين 2016-2020" (القرار الحكوميّ 922)، والتي خصّصت نحو 15 مليار شيكل للتطوير الاقتصاديّ في البلدات العربيّة، تلتها خطط أخرى مكمّلة لأهداف النشاط الحكوميّ في المجتمع العربيّ بأسره. ولكن على الرغم من النوايا الحسنة، تخلّلت الخطة إشكاليّات كبيرة شكّلت عائقًا أمام استغلال الميزانية. ينصّ تقرير مراقب الدولة لعام 2019 على أنّ الحكومة وقّعت على اتفاقيات أمام السلطات، بدون فحص احتياجات السكان، ونتيجة لكل ذلك، كان استغلال ميزانيات الخطط الخمسيّة الحكوميّة المختلفة جزئيًّا جدًا.

اقرؤوا المزيد

وفي تشرين الأول 2021، قرّرت الحكومة المصادقة على خطة خمسيّة جديدة تكمل الخطط السابقة وتوسّعها- القرار 550.

سيرورة بلورة الخطة شملت سيرورة مشاركة وتشاور مع اللجنة القطريّة لرؤساء السلطات المحليّة العربيّة في إسرائيل ومنظّمات المجتمع المدنيّ، والذين قدّموا لصنّاع القرار سلسلة توصيات تستند إلى الدروس المستفادة والعوائق التي تم تشخيصها في تنفيذ الخطط الخمسيّة الحكوميّة السابقة. وذلك للتحقّق من أنّ الخطة الجديدة تشمل دمج جزء من الدروس المستفادة من تنفيذ القرار الحكوميّ 922. 

خصّصت الخطة لمجال الإسكان ميزانية 2.5 مليار دولار من ميزانيات الوزارات، ووضعت أهدافًا لتسويق وحدات سكنيّة ولإزالة العوائق في التخطيط والتنفيذ، تطوير وإعادة تأهيل البنى التحتيّة وإقامة مؤسّسات عامة. قد تكون لهذه الخطة مساهمة كبرى في بلورة سياسة حكوميّة تجاه المجتمع العربيّ في السنوات القريبة، وحل ظاهرة البناء غير المرخّص في البلدات العربيّة التي يتوجّب على الدولة حلّها.

يشير بحث أجرته سيكوي-أفق، بالتعاون مع المركز العربيّ للتخطيط البديل، إلى أنّه لم يتم بعد تنظيم نحو 14 ألف مبنى سكنيّ غير مرخّص، مع أنّ %87 من هذه المباني تقع ضمن حدود الخارطة الهيكليّة. بالإضافة إلى ذلك، تشير المعطيات إلى أنّه نحو %66 من المباني الصلبة غير المنظّمة تقع ضمن منطقة نفوذ 10 بلدات فقط. تدل هذه النتائج على أنّه بالإمكان تنظيم معظم المباني غير المرخّصة بواسطة تركيز الجهود وزيادة الميزانيات المخصّصة لعدة بلدات مختارة، حيث يوجد التركيز الأعلى للمباني غير المنظّمة.

تتابع جمعية سيكوي-أفق نشاطها من أجل تخصيص ميزانيات لقضية التنظيم والتخطيط، إلى جانب تعزيز قدرة السلطات المحليّة على توظيف الأدوات المتاحة لها في إطار القرارات الحكوميّة في هذا الشأن، مسح العوائق، ملاءمة الخطط الحكوميّة لاحتياجات البلدات. وذلك بهدف بلورة حلول ملاءمة للبلدات حيث إنّ ظاهرة البناء غير المرخّص هي الأوسع نطاقًا، وحيث إنّ حل إشكاليّة التنظيم سيساهم في حلّ معظم إشكاليّات التنظيم في البلدات العربيّة.

اقرؤوا الملخّص

+ التعامل مع العوائق التي تحول دون التخطيط على أراضٍ خاصة

معظم الأراضي في البلدات العربيّة هي بملكية خاصّة، غالبًا بملكية مشتركة بين عدة أشخاص، وفي أحيان كثيرة، بدون تسجيل منظّم ومحدّث للملكيّة، بالتالي، فإنّ استخدام هذه الأراضي يتطلّب خطط دمج وتجزئة وإجراءات تسجيل طويلة ومتعبة، كشرط لإصدار رخص بناء. في هذا الإجراء، يتم الدمج بين أراض خاصّة (أو بملكية خاصة وبملكية الدولة) لمجمع مشترك، تُعاد تجزئته بطريقة تسمح بإقامة مدارس، شوارع وبنى تحتيّة أخرى.

اقرؤوا المزيد

هذه الحقائق تعيق التطوير الناجع للبلدات وتضع عائقًا كبيرًا أمام تلبية احتياجات السكان. وتيرة تحصيل الحقوق في أرض خاصة أبطأ بكثير من وتيرة تحصيل الحقوق في أرض عامة: حتى الآونة الأخيرة، استغرقت المصادقة على خطة تسمح باستصدار رخصة بناء في البلدات العربيّة، 8 سنوات تقريبًا، كما كان متبّعًا في المؤسّسات التخطيطيّة، بينما يستغرق ذلك في سائر أنحاء البلاد سنتين ونصف تقريبًا- أي أقل بـ 3 أضعاف تقريبًا. يتّضح ذلك أيضًا في تقرير مراقب الدولة، الذي ينص على أنّ “إجراءات تخطيط الأراضي الخاصّة تستغرق وقتًا طويلًا جدًا، وهناك حاجة لخطط مصادق عليها تتيح المجال لبناء وحدات سكنيّة”

بالإضافة إلى ذلك، وفي بعض الحالات، فإنّ الأراضي الخاصّة تستخدم للبناء لأفراد العائلة فقط، في الجيل الحاليّ وفي الأجيال القادمة، ولم يتم استغلال كامل حقوق البناء المسموح بها وفقًا للخرائط الهيكليّة. وعليه، توجد في العديد من البلدات هوة عميقة بين الإمكانات الكامنة في البناء القائم في الخرائط وبين تنفيذ البناء فعليًّا. 

أجرت سيكوي-أفق بحثًا كشف الستار عن سلسلة من الصعوبات والمحدوديّات في تنفيذ خطط الدمج والتجزئة في البلدات العربية، والتي شكّلت عائقًا كبيرًا أمام تخطيط وتطوير البلدات. وعليه، وضعت الجمعية سلسلة توصيات لتحسين الوضع، من بينها دعم وتقوية أقسام الهندسة في السلطات المحليّة بهدف دعم سيرورات دمج وتجزئة مركّبة، مع الحرص على مشاركة الجمهور ورفع الوعي حول الموضوع؛ خلق آليات اقتصاديّة تشكّل حافزًا أو بديلًا للدمج والتجزئة؛ وضع قواعد لضمان المساواة في تخصيص الأراضي لاحتياجات الجمهور؛ دعم تخصيص مساحات أكبر من أراضي الدولة لتلبية احتياجات عامّة في البلدات؛ استخدام أدوات تخطيطيّة تضمن المرونة، مع ملاءمة ومراعاة خصائص البلدات العربية، وغير ذلك. يسعدنا أنّه منذ عام 2022، تبنّت مديريّة التخطيط إحدى أهم توصياتنا- بدلًا من خوض سيرورة التخطيط المفصّل مرتين وفي لجنتين (المرة الأولى بدون خطة دمج وتجزئة، والمرة الثانية مع خطة دمج وتجزئة)، الأمر الذي يطيل مدة التخطيط لـ 8 سنوات- ستقام سيرورة واحدة للتخطيط المفصّل في لجنة واحدة، مع خطة دمج وتجزئة، الأمر الذي سيقصّر إلى حد كبير من مدة إعداد خطة مفصّلة، بموجبها يمكن استصدار رخصة بناء.

اقرؤوا الملخّص

+ توسيع مناطق النفوذ

مناطق نفوذ السلطات المحليّة العربيّة صغيرة ولا تلبي احتياجات التطوير المستقبليّة - مساحة مناطق نفوذ السلطات المحليّة العربيّة الـ 79 في إسرائيل، تشكّل نحو %3.4 فقط من المساحة الإجماليّة للدولة. تسكن في هذه المساحة الصغيرة نحو 1,194,300 نسمة، أي نحو %14 من مواطني الدولة. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ جزءًا كبيرًا من الأراضي في مناطق نفوذ السلطات المحليّة لا يتيح المجال للتطوير، لأنّها أراضٍ مركّبة طوبوغرافيًّا أو أنّها معرّفة كمناطق محميّة، مثل: الغابات، الحدائق الوطنية، الوديان ومحيطها القريب.

اقرؤوا المزيد

بالإضافة إلى ذلك، أدرجت الدولة عددًا كبيرًا من البلدات العربيّة ضمن أراضٍ غير متاحة للتطوير ولا تسمح بتوسيع مناطق النفوذ، مثل غابات الصندوق القوميّ اليهوديّ، الأراضي الزراعيّة، الحدائق الوطنيّة، النصب التذكاريّة، الطرقات وخطوط الجهد العالية التي يحظر البناء تحتها. لتغيير استخدامات هذه الأراضي، يجب خوض سيرورة طويلة ومعقّدة بغية بالتعاون مع الدولة وبدعم منها.

الاكتظاظ الشديد والنقص في مناطق التطوير يخلقان تحديات كثيرة للسكان والسلطة المحليّة، لأنّهما لا يتيحان المجال لبناء أحياء جديدة، ويحولان دون تطوير حلول إسكانيّة في مناطق نفوذ البلدة وإيجاد أراض للمؤسّسات العامة وللمناطق العامة مثل المتنزهات والحدائق. 

لدعم توسيع مناطق نفوذ البلدات العربيّة، وبالتالي تحسين وتسريع تطورها الاقتصاديّ، البلديّ والحضريّ، شاركت سيكوي-أفق في بلورة توصيات طاقم الـ 120 يومًا، والتي شكّلت وزارة الداخليّة في أعقابها اللجان الجغرافيّة. تنظر اللجان في الطلبات التي تقدّمها السلطات المحليّة لتوسيع منطقة النفوذ، وتحدّد في أيّ الطلبات التي قدّمتها السلطات المحليّة ستنظر اللجان. مع أنّ هذا الإجراء هو خطوة في الاتجاه الصحيح، يتضح من فحص أجرته الجمعيّة أنّ اللجان لم تتطرّق إلى المساحات الواسعة المطلوبة لتوسيع مناطق نفوذ السلطات المحليّة العربيّة. لذلك، أوصت سيكوي-أفق بتوسيع صلاحيات اللجنة الجغرافية لتشمل جميع المساحات المطوبة من قِبل السلطات المحليّة العربيّة، بحيث تتاح للسلطات فرصة عرض موقفها.

أعدّت الجمعيّة أيضًا دليلًا للسلطات المحليّة العربيّة لتقديم طلبات سليمة وصحيحة للجان الجغرافيّة، ونشرت ورقة موقف تقترح فيها تغيير معايير اتخاذ القرارات في اللجان الجغرافيّة.

اقرؤوا الملخّص

+ ملاءمة التجديد الحضريّ للبلدات العربيّة

تعاني المناطق القديمة في البلدات العربيّة من تحديات ماديّة عديدة نتيجة للتمييز القائم منذ سنوات طويلة في تخصيص الميزانيات والموارد، بما في ذلك موارد الأرض وموارد التخطيط، بالإضافة إلى التحديات المترتّبة على الطابع الطوبوغرافيّ لهذه المناطق. على ضوء ذلك، تعاني هذه المناطق من نقص في المساحات العامة المفتوحة، مثل الحدائق والمتنزهات العامة، ومن طرقات ضيقة، وسائل مواصلات عامة متردية، طرقات غير مهيّئة للمشاة، نقص في مواقف السيارات، ضائقة إسكان حادة وبنى تحتية متردية.

اقرؤوا المزيد

أحد الحلول التي تدعمها الحكومة للأنسجة العمرانيّة القديمة هو مشاريع التجديد الحضري- وهي التسمية العامّة لسيرورة إعادة تأهيل منطقة حضريّة متردية ماديًا أو اجتماعيًّا، وتحويلها إلى مكان يطيب العيش فيه. ولكن هناك هوة عميقة بين الأهداف التي ترتكز عليها سيرورات التجديد الحضري المنفّذة حاليًا بشكل شبه حصريّ في البلدات اليهوديّة، والأهداف المحدّدة للتجديد الحضريّ لو كانت ملاءمة لاحتياجات البلدات العربيّة. 

في الوقت الحاليّ، فإنّ الأهداف الحكوميّة في إطار التجديد الحضريّ تصبو نحو دمج توجّهات عصريّة في مجال التجديد الحضريّ بواسطة سيرورات تجديد الأنسجة العمرانيّة مثل الدمج بين الاستخدامات المختلفة، التطوير المركّز في مراكز البلدات، التجارة، التشغيل، التصميم وتجميل الحيز العام. ولكن في البلدات العربيّة، فإنّ النقاش حول تحسين الحيز العام يتناول جوانب ومركّبات أساسيّة أكثر- إنشاء بنى تحتيّة للصرف الصحيّ وتصريف المياه، توفير مساحات عامّة ومفتوحة، إقامة مبان عامة، توسيع طرقات وأرصفة لتستوفي المعايير المتّبعة، توفير مواقف سيارات منظّمة وما إلى ذلك. 

تعمل سيكوي-أفق مع الوزارات لتغيير الأهداف وراء مشاريع التجديد الحضريّ في البلدات العربيّة، بحيث تلاءم للاحتياجات الخاصّة التي تميّز هذه البلدات. ولكن إلى جانب الأهداف المختلفة، هناك فرق أيضًا في الأدوات المستخدمة في سيرورات التجديد الحضريّ في البلدات اليهوديّة، والتي أصبحت في السنوات الأخيرة مرادفًا لخطة إخلاء بناء والمخطّط الهيكليّ القطريّ “تما 38”. هذه الأدوات التي تقدّم حلولًا أفضل للمدن الواقعة في مركز البلاد، غير ملائمة للبلدات العربيّة، ولا تساهم في تطوير حلول كافية.

نؤمن في سيكوي-أفق بأنّه لتقليص الفجوات بين البلدات العربيّة والبلدات اليهوديّة، ولتحويل الأحياء القديمة إلى أحياء أفضل للسكان، هناك حاجة لتطوير أدوات خاصة تراعي احتياجات السكان وتوفّر حلولًا شاملة، من بينها: استثمار أموال حكوميّة؛ زيادة عدد الوحدات السكنيّة إلى جانب إعادة تأهيل البنى التحتيّة، إقامة مؤسّسات عامة ومتنزّهات إضافيّة وغير ذلك.

في إطار هذا المشروع، أجرينا في سيكوي-أفق، بالتعاون مع شركائنا في مركز هاجر والمركز العربي للتخطيط البديل، بحثًا شاملًا تم فيه مسح العوائق التي تحول دون تنفيذ مشاريع التجديد الحضري في البلدات العربيّة، مثل الملكيّة الخاصّة على الأرض، انعدام الثقة، غياب الميزانيات، مشاركة الجمهور العربيّ في إجراءات التخطيط وغير ذلك. لإزالة هذه العوائق، طوّرنا أدوات خاصّة للتجديد الحضريّ تشمل آليات لإزالة العوائق، والتي تعزّز من قدرة تنفيذ مشاريع التجديد الحضريّ البلديّ والتي ستلاءم لاحتياجات السلطات المحليّة العربيّة وسكانها.

على سبيل المثال، للتعامل مع قضية الملكيّة الخاصّة على الأرض، أوصت سيكوي-أفق باتّباع وسيلة استئجار أراض خاصة من قبل السلطة المحليّة. وفقًا لهذا النموذج، يؤجّر صاحب الأرض الخاصة قطعة أرض للسلطة المحليّة لفترة محدّدة مسبقًا ومقنّنة بواسطة عقد. تحظى السلطة المحليّة بإمكانية استخدام الأرض لإقامة منطقة عامة، موقف سيارات أو مؤسّسة عامة، وبالمقابل، يحصل صاحب الأرض على مبلغ ماليّ أو على تمويل لأعمال البناء أو تطوير المنطقة. مع انتهاء مدة عقد الإيجار، تعاد الأرض إلى مالكها.

مثال على أداة أخرى هو استبدال أرض بملكيّة خاصّة في نسيج عمرانيّ قديم بأرض مملوكة للدولة (سلطة أراضي إسرائيل) في نسيج عمرانيّ جديد. هذه الأداء تسمح بإخلاء المنطقة القديمة لاحتياجات الجمهور، وفي الوقت نفسه، توفير بديل جذّاب لصاحب الأرض في المنطقة الجديدة في البلدة. للمزيد حول التجديد الحضريّ، اضغطوا هنا.

نؤمن بأنّ مساعي الجمعيّة لتغيير أهداف التجديد الحضريّ وتطوير أدوات خاصّة لتلبية احتياجات البلدات العربيّة هي خطوة إضافيّة نحو تقليص فجوة اللامساواة بين البلدات وتحسين جودة حياة السكان في البلدات العربيّة.

اقرؤوا الملخّص

+ التسويق الملائم

تسويق أراضي الدولة في البلدات العربيّة يشكّل أداة مهمّة لتوفير المساكن لعديمي المساكن في المجتمع العربيّ، ولكنّه واجه حاليًا عوائق عديدة تميّز سيرورات التسويق وإطلاق مناقصة. التدابير التي اتخذتها وزارة الإسكان وسلطة أراضي إسرائيل في السنوات الأخيرة لتسويق لأراضي الدولة في البلدات العربيّة فشلت لأنّها لم تراع خصائص واحتياجات وتفضيلات المجتمع العربيّ.

اقرؤوا المزيد

إنّ تعزيز سيرورات التمدين في البلدات العربيّة، والمصحوبة بارتفاع مستوى المعيشة والسعي وراء جودة حياة أفضل، أدّى إلى تغيير في توجهات الأزواج الشابة المنفتحين لإمكانية السكن في حي جديد، مع بنى تحتية حضريّة متقّدمة، لكن ما يزال العديد منهم يفضلون السكن في مبنى يعيش فيه سائر أفراد العائلة.

نجد مثالًا على عدم فهم واستيعاب هذا التوجّه في إطار الإجراء الذي يحدّد أنّه في إطار مناقصة تقع خارج المناطق المعرّفة كمناطق ذات أولويّة وطنيّة، سيتم تسويق الأراضي أولًا للسوق الحرة، ولاحقًا لسكان المنطقة (“أبناء المكان”). هذا الإجراء يزيد من قيمة الأرض، ويحدّ من قدرة السكان المحليين على شراء منزل في منطقة قريبة من سائر أفراد العائلة. 

الخصائص المميّزة للمجتمع العربيّ تتطلّب حلولًا ملاءمة تأخذ بعين الاعتبار الاختلافات الكبيرة بين البلدات العربيّة، وأنّه هناك ميلًا للسكن بجوار سائر أفراد العائلة. لذلك، أوصت سيكوي بدعم قرار في مجلس أراضي إسرائيل، يُدرج جميع البلدات العربيّة في مناطق الأفضليّة الوطنيّة أ، والذي يتيح المجال لتسويق جزء كبير من الأراضي لأبناء المكان. أوصت سيكوي-أفق أيضًا بطرح طريقة تسويق جديدة ملاءمة لأنماط السكن الخاصة بالمجتمع العربي، مثل مجموعات الشراء المكوّنة من أفراد عائلة واحدة. وذلك للحفاظ على طابع البلدة التي ينحصر تطوّرها الطبيعيّ ضمن المجمعات السكنية المقترنة بعائلة معيّنة.

عدم معرفة الدولة باحتياجات المجتمع العربي وعدم ملاءمة الآلية لخصائص المجتمع العربي واضحان للعيان في خطة “السعر للساكن”، التي أتاحت المجال لشراء شقة أولى بشروط مغرية للأزواج الشابة، ولكنّها لم تلق نجاحًا في المجتمع العربيّ. حتى شهر تموز 2020، %2.9 فقط من الشقق التي تم تسويقها في إطار خطة السعر للساكن في البلدات العربيّة، و%0.9 فقط من الفائزين في إطار خطة السعر للساكن كانوا من البلدات العربيّة، وفقًا لمعطيات وزارة البناء.  في هذه الحالة، أعلمت جمعية سيكوي-أفق وزارة الإسكان بأنّ التجاوب الضعيف نبع من عدم ملاءمة الخطة للأنماط القائمة في المجتمع العربيّ، حيث يعتاد الأزواج شراء الشقة قبل الزواج، في مرحلة الخطوبة، وليس بعد الزواج. تبنّت وزارة الإسكان توصية سيكوي-أفق وقامت بتعديل شروط الاستحقاق بحيث تشمل أيضًا الأزواج المخطوبين، الأمر الذي ساهم في إزالة عائق رئيسيّ أمام نجاح خطة “السعر للساكن” في المجتمع العربيّ.

للتعامل مع إشكالية النقص في هذه الأدوات للمجتمع العربيّ، أوصت سيكوي-أفق وزارة الإسكان وسلطة أراضي إسرائيل بإجراء مسح للاحتياجات وحجم الطلب قبل إطلاق مناقصة بالتعاون مع السلطة المحليّة الملائمة.  يشمل المسح تقييمًا للاحتياجات الحاليّة والمستقبليّة للسكان، بما في ذلك إجراء تحليل اقتصاديّ لخصائص الطلب. سيساهم هذا المسح في دعم آليات تسويق دقيقة تلبي الاحتياجات وسيعّزز من مدى اليقين لدى المبادرين الخاصين في مشاريع البناء عن طريق مقاولين.

بواسطة هذه الأدوات وأخرى غيرها، نواصل في سيكوي-أفق العمل من أجل تحسين ملاءمة آليات تسويق الأراضي في الدولة للبلدات العربيّة بطريقة تراعي الاحتياجات الخاصّة للمواطنين العرب، وملاءَمة للنمط الاجتماعيّ في البلدة ونسيجها العمرانيّ. هذه التدابير تضمن نجاح السيرورة وتحسّن من مستوى التجاوب معها، بحيث سيتمكّن العديد من المواطنين العرب من شراء أراضٍ بواسطة هذه السيرورة.

اقرؤوا الملخّص

+ مشاركة السلطات المحليّة والتمثيل اللائق في مؤسّسات التخطيط

على مدار سنوات طويلة، دعت الدولة للامتناع عن منح صلاحيات تخطيط للبلدات العربيّة، ونتيجة لذلك، هناك حيّز تخطيطيّ محليّ مستقل (لجنة تخطيط وبناء محليّة مستقلة) في أربع بلديات عربيّة فقط، وهي: الناصرة، الطيرة، الطيبة ورهط. سائر البلدات العربيّة مشمولة في مجمعات تخطيط مناطقيّة، خاضعة للجان تخطيط وبناء مناطقيّة، أو للجان محليّة في المجالس الإقليميّة. هذا الواقع يضعف قدرة ممثّلي البلدات العربيّة على التأثير وقيادة سيرورة تخطيط محليّ تلبي احتياجات البلدات.

اقرؤوا المزيد

دمج السلطة المحليّة بشكل ممنهج في سيرورات التخطيط ينطوي على منحها الصلاحيّة للمبادرة لسيرورات تخطيط ولإدارتها ودعمها، لتتمكّن من تقديم خطط تعكس الاحتياجات والمعرفة المحليّة، وتعزّز التزام السلطات بتنفيذها. هذه السيرورة تشمل اختيار مخطّطين، وضع رؤية للخطة، مشاركة السكان المحليين وتعميم المعرفة المحليّة، وتحضير وتقديم المستندات المرفقة بالخطة لمؤسّسات التخطيط. نعرف في سيكوي-أفق أنّ هذا تحدٍ كبير أمام السلطات، ولكنّ سيرورة تمكين السلطات المحليّة العربيّة هي سيرورة مهمّة قابلة للتنفيذ تدريجيًّا، مع منح صلاحيات، تعزيز وتأهيل القوى العاملة المهنيّة، من أجل تحسين الالتزام بالسيرورات التخطيطيّة، وملاءمتها للأراضي المتاحة ولضمان نجاحها وتنفيذها. 

مشكلة أخرى هي غياب التمثيل اللائق للمواطنين العرب في الجهات التخطيطيّة وفي لجان التخطيط المناطقيّة. نسبة الأعضاء العرب من مجمل الأعضاء في مؤسّسات التخطيط القطريّة واللوائيّة، وفي جميع الجهات المهنيّة الموازية لها في عملها، متدنية جدًا، وبعيدة كل البعد عن تمثيل الجزء النسبيّ للمواطنين العرب من مجمل السكان. وفقًا لمعطيات مركز المعلومات والأبحاث في الكنيست من شهر شباط 2021، يعمل في جهات التخطيط المهنيّة، بما في ذلك مديرية التخطيط ودوائر التخطيط اللوائيّة، 14 موظّفًا عربيًا فقط من أصل 400، أي أنّ نسبة الموظفين العرب تبلغ %3.5 فقط . غياب التمثيل اللائق للمواطنين العرب ينعكس أيضًا في الجهات التخطيطيّة وفي لجان التخطيط المناطقيّة. في لواء الجنوب، تبلغ نسبة الموظّفين العرب %6.9 من مجمل الموظّفين في اللواء، بينما يعمل في لواء المركز موظّف عربي واحد من أصل 44- أي %2.3 فقط. في لجان التخطيط في ألوية تل أبيب، القدس ويهودا والسامرة، لا يوجد أي موظّف عربي. في دائرة التخطيط اللوائيّة في لواء الشمال، يعمل 7 موظّفين عرب، والذين يشكّلون %19.4 فقط من مجمل الموظّفين في اللواء. 

لمعالجة هذه القضية، نعمل في سيكوي-أفق مع الوزارات لتتّخذ خطوات فعّالة لرفع مستوى تمثيل الأخصائيين المهنيّين من المجتمع العربيّ في سيرورات التخطيط وفي المؤسّسات الحكوميّة المؤتمنة على مجالات التخطيط، مع التركيز على مستوى التمثيل في الرتب العليا في دوائر وأقسام التخطيط المختلفة. زيادة معدلات التمثيل ستحسّن من الخطاب المهنيّ، وستدعم سيرورات التخطيط والتسويق الملائمة والملاءَمة لخصائص البلدات العربيّة، وبلورة حلول مناسبة للعديد من عوائق التخطيط التي تواجه السلطات المحليّة ومؤسّسات التخطيط، والتي تحول دون تحصيل ميزانيات التخطيط ودفع إجراءات التخطيط قدمًا في البلدات العربيّة. 

نعمل أيضًا مع الوزارات لضمان وجود آليات مشاركة وتشاور جاريين مع قيادة المجتمع العربيّ والجهات التي تمثّله- أهمّها، رؤساء السلطات المحليّة العربيّة، منظّمات المجتمع المدنيّ الناشطة في المجال وخبراء وأخصائيين مهنيّين من مجال التخطيط. أحد الدروس المستفادة من تنفيذ القرار الحكوميّ 922 هو أنّه من خلال وجود واجهة عمل مشتركة وجارية بين مؤسّسات الدولة المؤتمنة على قيادة سيرورة التخطيط، البناء والتنظيم في البلدات العربيّة، والجهات العاملة في الحقل، سيكون بالإمكان بلورة سياسات تخطيط ملائمة وملاءمة للاحتياجات الخاصّة بالمواطنين العرب والبلدات العربيّة والمصادقة عليها، وتخصيص الميزانيات المطلوبة لإخراج هذه السياسات حيّز التنفيذ وضمان تطبيقها. 

اقرؤوا الملخّص

+ تمكين أقسام الهندسة ولجان التخطيط والبناء

أقسام الهندسة في السلطات المحليّة هي لاعب رئيسيّ مهم في تطوير حلول لضائقة الإسكان. ولكنّ هذه الأقسام تعاني من نقص حاد في القوى العاملة المهنيّة والمتمرّسة، الأمر الذي يصعّب عليها أداء مهامها الجارية. ففي البلدات اليهوديّة مثلًا، تشمل أقسام الهندسة عددًا ليس بقليل من الموظّفين، كلّ منهم مسؤول عن قسم آخر، وفي معظم البلدات العربيّة، هناك قسم واحد للهندسة، يعمل فيه مهندس واحد فقط.

اقرؤوا المزيد

اللجان المناطقيّة والمحليّة للتخطيط والبناء أيضًا، والمسؤولة عن طرح العديد من الخطط المفصّلة وخطط الدمج والتجزئة في مجال السلطات المحليّة، تعاني من نقص حاد في القوى العاملة نسبةً لحجم الخطط المطلوبة. لذلك، يجب زيادة القوى العاملة وتعزيز الكفاءات المهنيّة في لجان التخطيط وأقسام الهندسة، وتزويدها بالأدوات اللازمة لتنفيذ الخطط المطلوبة في البلدات العربيّة.

قضية أخرى هي غياب البنى التحتيّة والمعدّات الملائمة لتنفيذ العمل. في العديد من السلطات المحليّة العربيّة، هناك نقص في البنى التحتيّة الماديّة المطلوبة لبيئة العمل والمعدّات، مثل البرمجيات الرقميّة، الحواسيب، اللوازم المكتبيّة وغرف الجلسات. على سبيل المثال، تفتقر السلطات المحليّة العربيّة لقاعدة بيانات جغرافيّة (GIS) وهو نظام معلومات محوسب يسمح بإدارة المعلومات المتعلّقة بالبنى التحتيّة في البلدة مثل التصريف، الصرف الصحيّ، الإتاحة، الكهرباء وغير ذلك. قاعدة البيانات هذه ضروريّة في كثير من الحالات لتسهيل العمل الجاري لقسم الهندسة فيما يتعلّق بتقديم المعلومات اللازمة لاستصدار رخص بناء وتنفيذ البنى التحتيّة في الحيّ.

لذلك، ندعو في سيكوي-أفق لتمكين أقسام الهندسة في البلدات العربيّة بواسطة إضافة مَلَكات لمخطّطين وأخصائيين مهنيين، إنشاء واجهات عمل مشتركة وفعّالة بين اللجان المناطقيّة والسلطات المحليّة، تأهيل وتمكين القوى العاملة القائمة وتطوير معدّات وبنى تحتيّة تكنولوجيّة تلبّي احتياجات العاملين. ندير أيضًا منتديين مهنيين يضمّان مخطّطين استراتيجيّين ومسؤولين عن المواصلات العامة في السلطات المحليّة العربيّة، اللذين يتيحان المجال للأخصائييت المهنيّين بتلقي تأهيل ومرافقة في عملهم الجاري.

اقرؤوا الملخّص

+ مشاركة السكان

تؤمن جمعية سيكوي-أفق بأنّه يجب السعي لزيادة مشاركة الجمهور العربي في جميع سيرورات تخطيط، بناء وتسويق المساكن في البلدات العربيّة، بدءًا من مراحل التخطيط الأوليّة، والتي تؤثّر كثيرًا على مستقبل السكان وجودة حياتهم.

اقرؤوا المزيد

في الواقع الحاليّ، يوضَع عدد كبير من الخطط المفصّلة بدون مشاركة عدد كاف من الجمهور، بالتالي، فهي لا تتيح المجال للمجتمع العربيّ بالردّ والتعقيب عليها. نتيجة لذلك، توضع خطط عديدة لا تأخذ بعين الاعتبار قضايا مهمّة وضروريّة من أجل نجاح هذه الخطط، مثل وضع الملكية عل الأرض، إمكانيات تنفيذ الخطط وتلبية احتياجات السكان. بدون مشاركة فعّالة من قبل الجمهور، لا يمكن وضع قاعدة متينة للتخطيط، تأخذ بعين الاعتبار الخلافات الداخليّة والاتفاقات داخل العائلات التي تضمن تنفيذ الخطط. تقدّم حاليًا اعتراضات عديدة على كل خطة، خاصة في مرحلة الدمج والتجزئة في الأراضي الخاصّة، الأمر الذي يؤدّي إلى تأخير سيرورات التخطيط المفصّل. وفي الكثير من الخطط المفصّلة، لا يوجد مستشار لمشاركة الجمهور، وفي بعض الأحيان لا تنفّذ أي سيرورة لمشاركة الجمهور. وفي خطة نفّذت فيها سيرورة تشاركيّة، كان مستوى المشاركة متدنٍ، واقتصر على إبلاغ الجمهور.

هذا الواقع مرتبط أيضًا بحقيقة أنّ معظم المخطّطين ومكاتب التخطيط الذين تعمل معهم السلطات المحليّة هم مخطّطون يهود، ولا يوجد تقريبًا أي تمثيل لمخطّطين عرب أو مشاركة من قبل مكاتب التخطيط العرب في سيرورات التخطيط. غياب المخطّطين العرب عن سيرورات التخطيط، على هذا المستوى أيضَا، يؤثّر مباشرةً على جودة التخطيط وملاءمته لاحتياجات البلدات العربيّة، وعلى سيرورات مشاركة الجمهور أيضًا.

بالتالي، أوصت سيكوي-أفق الدولة بإجراء دورة خاصّة لمخطّطين من السوق الخاصّة العاملين في مجال التخطيط في البلدات العربيّة ولمخطّطين من القطاع العام، والذين سيعمّقون فهمهم ومعرفتهم باحتياجات السكان في البلدات العربيّة، وسيسعون لإشراك الجمهور في مراحل التخطيط. أوصت الجمعية أيضًا دائرة التخطيط بنشر ورقة توجيهات حول موضوع مشاركة الجمهور في خطط الدمج والتجزئة لاستخدام طواقم التخطيط والسلطات المحليّة وتخصيص ميزانيات لمستشارين لمشاركة الجمهور، للمخطّطين وللسلطات المحليّة وتعيين مجسّرين حسب الحاجة.

فيما يتعلّق بمشاركة الجمهور في إجراءات التسويق لشقق قائمة، تسعى جمعية سيكوي-أفق لدمج السلطات المحليّة في التدابير التي تقودها الدولة. بين جملة الأمور، أشارت الجمعية في بحث إلى أنّه لا توجد صيغة واضحة ومنظّمة لإقامة مؤتمرات وتعميم المعرفة حول إمكانيات البناء والحقوق في الأراضي المسوّقة للمجتمع العربي. على ضوء ذلك، أوصت الجمعية بإقامة لقاءات مع المجتمع المحليّ ومع مجموعات هدف محتملة معنيّة بالتقدّم بالمناقصات على الأرض، زيادة منالية المعلومات حول مجال التسويق وملاءمته لاحتياجات المجتمع العربيّ ولخصائص سوق الإسكان. للمزيد من المعلومات راجعوا ورقة الموقف التي نشرتها الجمعية

اقرؤوا الملخّص

+ تغيير الخطاب

نؤمن في سيكوي-أفق بأنّ الخطاب العام في إسرائيل لا يتناول بعمق العوامل التي أدّت إلى ضائقة الإسكان في البلدات العربيّة، ولا يدعو لتطبيق مبادئ المساواة والعدالة التوزيعيّة الإصلاحيّة. لذلك، نعمل على تغيير الخطاب العام القائم واستبداله بخطاب يعترف بالظلم التاريخيّ الذي أدّى إلى الوضع الحاليّ. بواسطة المشاركة في مؤتمرات، إدارة منتديات مشتركة وكتابة مقالات لوسائل الإعلام، نشجّع على بناء خطاب يضع في المركز قضية توزيع موارد الأرض والتخطيط ويدعو لسد الفجوات التي نشأت في أعقاب سنوات من الإهمال.

اقرؤوا المزيد

أسئلة شائعة



لا بدّ أنّ شراء أرض في بلدة عربيّة أرخص بكثير، لأنّ معظم البلدات تقع في الضواحي. لماذا يتذمّرون؟

لماذا يبني العرب بدون رخصة؟

ما السبب وراء الاكتظاظ الشديد في البلدات العربيّة والإجحاف الصارخ بحقها؟

This website uses "cookies", that are sometimes necessary for data usage, monitoring, control, and service improvement. Continued browsing of the site constitutes consent to the terms and privacy policy detailed in the following link.
Accept
Silence is Golden